قال لوردة:لنبق العمر سويا.. وقالت وردة:نبقى العمر سويا.. ووجدتني أقرأ في سطور وردة في ( معاني جديدة للحب ) فتحا لباب كان مواربا دوما عند الحديث عن علاقة شديدة الاقتراب لكن دونها والزواج عقبات كثر..
الزواج؟ لماذا نختصر دوما أي علاقة راقية بين الجنسين فيه؟
هو فعلا الشكل الأقدس لهذه العلاقة،والأصل الذي يجعل ما عداه استثناء،والاستثناءات هنا تتعدد كما الحياة هدوءا وصخبا،وحزنا وفرحا، سكنا وألما ..
والتجوال في فضاء الاستثناءات الرحيب،نجد لوحات إنسانية تتباين حينا،وتتداخل حينا آخر..
منها ما يحكي عن أنانية الرجل في احتفاظه بحب يدفئه،ويملأ حياته بمعان متجددة لارتباط إنساني يشعل جذوة روحه وعقله دون أن يستتبع ذلك ارتباطا كاملا هو مظهر المسؤولية التي يستلزمها صدق دعوى الحب،ويظل الإحساس بالشعور المنقوص بالسكن لدى المرأة التي يحب،ومرارة الضيم ممن هو لها أقرب قريب شيئا باهتا لا يجهد نفسه بالتوقف عنده أو استبانة عمقه وجرحه .
ومنها ما يصور اختيارا واعيا من قبل الطرفين،وشكلا غير مألوف لعلاقة إنسانية ولدت في ظروف تجعلها تعيش في أطر ضيقة لا تستطيع الخروج منها أو تجاوزها،ولا يكون الرجل هنا أنانيا بقدر ما هو الطرف الأكثر تألما في العلاقة لأنه غير قادر على الوفاء الكامل بالتزامات حبه،وانسحابه هو ظلم للطرف المقابل إذ تمسك عن قناعة بالأطر المتاحة للعلاقة،ووجدها خيارا أفضل من البعاد أو ارتباط لا يحقق لها السكن الذي تبغيه من ارتباط كامل.
ومنها ما يكتشف فيه الناظر بعدا جديدا لعلاقة تكون فيه المرأة هي الطرف الذي يلح ليكشف ستر المشاعر الصامتة رغم علمها بالطريق الشائك الذي ستسير فيه العلاقة بعد ذلك..
واللوحات كثيرة ، بعضها تغطيه سحب كثيفة إذ هي أعقد من أن تستبين للناظر بلمحة عابرة..
هذا النوع من العلاقات الإنسانية،يحتاج لمزيد تأمل يسبر أغوارها،ويشرح دقائقها،ثم تبين الحكم الشرعي الذي يوائم كل طيف من أطيافها،علي أحمد با كثير في رواية (سلامة القس) صوّر إحدى حالاتها،واختار أن يكون الفراق الدنيوي هو الحل الأمثل ليكون لقاء الأخلاء يوم العرض الأكبر:(الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)، وكتب حروفا من نور في تطهير الحب النفس من شوائب الكبر والعجب، وتحقيقه لها بمعاني الاتصال الرباني، والانكسار للطيف الخبير أو كما عبّر الدكتور أحمد عبدالله في (رنتان للعشق):
"من أحب امرأة بصدق وعمق كان حبه هذا – أو ينبغي أن يكون - سبيلا للتعرف على حب الله بصدق وعمق، وكأن عشق المخلوق بنقائصه يحرك الأداة، ويضرب على وتر فيتحرك عشق الخالق بكماله في القلوب."
لكن هل الفراق هو دوما الحل الأمثل؟ ثم ما معنى كلمة (الأمثل) في قاموس العلاقات الإنسانية؟ أليست كلمة ساذجة إذا أريد تعميمها؟ ثم أليس لكل حالة خصوصيتها التي تجعل المساحات الرمادية أحيانا كمالا نظرا لاحتياجاتها، وصلتها بذاتها أو بربها أو بالطرف الآخر؟
إن الحديث عن مثل هذه العلاقات ربما يكون شائكا أكثر من الوقوع فيها،إذ أن طرح أي حل سوى الافتراق يكون بمثابة دعوة إلى التحلل من القيم الدينية أو المجتمعية،والأمر كما أرى يحتاج إلى صدق حقيقي مع الله ليكون سبر أغوار هذه العلاقات نفسيا واجتماعيا وشرعيا سبيلا لإعانة أصحابها في بلائهم بما يرضي الله عز وجل الذي جعل شرعه رافعا للحرج،ملائما لاختلاف الناس وأحوالهم.
والله من وراء القصد
حرر في :23/7/1426هـ
واقرأ أيضًا:
فوضى الفكرة / العشق .. ارتباكا / وتسللت إلى أناملنا ! / بلا منطق ! / إنصافا لليأس..