"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"
فكرت أن أصنع كتابا بهذا العنوان: كيف يمكن أن تسافر بأقل التكاليف؟!!، وأتمنى أن يسافر كل عربي وعربية وكل مسلم وكل مسلمة، وكل إنسان، وتكرر على مسامعي خلال الفترة الأخيرة حكمة شعبية تقول ما معناه أن من يحبهم الله فإنه يتيح لهم الفرص لرؤية ملكه، فكيف يمكن السفر؟!
المسألة ليست صعبة، ولكنها أيضا ليست سهلة، وتبدأ من تحديد الهوايات والاهتمامات، أنا من خلال اهتمامي مثلا بموضوعات بعينها تبدأ الاتصالات، ويعرفك من يتحرك في مجال هذه الاهتمامات، ثم يدعوك لهذا المؤتمر أو ذاك.
اللغة الإنجليزية أساس مهم، وكلما زادت القدرة اللغوية فتح هذا آفاقا أوسع وأوسع للسفر، ولكن على غير ما قد يظنه البعض فإن المعرفة بالذات أيضا بالغة الأهمية، وحين أسافر في ندوة أو مؤتمر يكون منتظرا ومتوقعا أنني سأنقل للآخرين مالا يجدونه في مصادر المعلومات المتاحة بسهولة حول هذه المسألة أو تلك بحسب النقاش، وبالتالي فإن القراءة والمتابعة لكل ما هو "نحن" التاريخية أو المعاصرة، "نحن"، الفقهية أو الثقافية، "نحن السياسية" أو الاقتصاد أو الفنون بأنواعها، والإعلام بحالته، والمجتمع بما يحدث فيه، بحسب الظروف والأحوال فإن أهمية سعة وعمق الدراية بالذات لا تقل عن أهمية عمق وسعة الدراية بالآخرين، وسعة وعمق الدراية بالعلاقة بيننا وبينهم، ولا يذهب شيءٌ سدى.
أحيانا أشاهد فيلما أو أقرأ خبرا في جريدة، أو غير ذلك ثم أجده يقفز إلى ذهني وأنا في هذه الندوة أو تلك، بل هي مهارة مستقلة أن تتذكر وتذكر المسائل ذات الصلة بالسياق والحوار والأطراف التي تتحدث إليها، ثم إذا سافرت على حساب الداعين بالكامل فلا بأس، أما إذا كنت سأدفع ثمن إقامتي فإن الفنادق الأرخص متوافرة دائما والحجز عبر الإنترنت، وهو ما فعلته هذه المرة في لندن.
في نفس سلسلة الفنادق التي زرتها من قبل في فرنسا، وفي ساو باولو/البرازيل، وتتميز هذه السلسلة بالبساطة في التجهيز داخل الغرف، فالغرفة مكان للنوم، غالبا ما يكون سريرا يتسع لفردين إضافة إلى آخر معلق لشخص ثالث، كما تضم حوضا وتليفزيون، وفقط في ساو باولو، وكان أحدث ما رأيت من هذه السلسلة، ضمت الغرفة بانيو للاستحمام، وبيتا صغيرا جدا للخلاء، أما الفنادق الأقدم فتجعل هذه الأماكن خارج الغرف بحيث يشترك سكان كل دور في الاستفادة بهذه الخدمات.
أفادني أيضا أن أكون عارفا بالمدينة التي أزورها جيدا أو أعرف أحدا فيها على الأقل، وهذا من شأنه توفير فرصة حقيقية للتعرف على تفاصيل الحياة وأنشطة البشر بعيون أقرب للصدق لا المشاهد التي يراها السائحون فحسب، كما يتيح الفرصة لشراء بعض الأشياء والهدايا بسعر معقول، وإن كانت عندي مشكلة في الشراء والتسوق، كتبت عنها من قبل، وما زلت أعاني منها حتى الآن !!
الفندق الصغير الأنيق التابع لنفس السلسلة: www.Farmule1.com
كان هو المكان الذي أكملت فيه أيام إقامتي، وهو محاط بمجتمع صغير ولطيف بعيدا عن قلب المدينة بصخبه وزحامه، و"لندن" مدينة تشغلك بأنشطة واحتفالات وندوات ومسيرات، ولولا الزحام، وأحيانا بسببه، أحبها الناس أكثر من أية مدينة أروبية أخرى!!
والمتعة تكون أكبر في غير مواسم الزحام، وهي بالتحديد أعياد الكريسماس ورأس السنة ثم الصيف بضيوفه الذين يكادون يقلبون طابع المدينة ونظامها، ويرفعون أسعار الخدمات والبضائع، ولكن السعر الرخيص، والإقامة الرخيصة تظل دائما في متناول العالمين بالمدينة، أية مدينة.
28/11/2005
*اقرأ أيضاً:
على باب الله: الطبخ الثوري/ على باب الله: حكايات أصحابي