اعترافاتي الشخصية:فعلا السودانيون أشقاء لنا.. في القهر
منعت نفسي مرة واثنتين من الحديث والكتابة عن المذبحة التي دُبِرت للاجئين السودانيين الفارين من مذابح دارفور والاضطهاد العرقي والفقر المُدْقِع.
لم يبق لديهم من حق إلاّ التظاهر والاعتصام فاستكثروه عليهم وقرروا قتلهم.
يوم الخميس صباح الجمعة انتهيت من عملي باستوديوهات أوربيت في مدينة السادس من أكتوبر في الواحدة صباحا وعلمت من زملائي أن قوات الأمن المركزي قررت اقتلاع اللاجئين السودانيين بالقوة فطلبت من السائق أن نمر على ميدان مصطفى محمود بدلا من اختراق ميدان لبنان وصولا لكوبري 15مايو مباشرة فنزلنا يمينا على شارع لبنان والتباشير ظهرت لنا من عند منزل وزير الداخلية في صورة ضباط من القوات الخاصة فقد تعلمنا أن نفرق بين أنواعهم....
وبدأ السائق الغلبان يعلن تأييده لأي إجراء يُتخذ ضدهم فهم على حد معلوماته يحصلون على ألف دولار شهرياً فتهكمت على تلك الخرافات التي لايمكن أن يروج لها إلا من يريدون قتل ضمائرهم أو من يشعر بقهر كبير ففقد كل تعاطف من كثرة ما تعرض للظلم واستطرد سائقنا مغلولاً بأنهم يرفضون الإقامة في مصر ويشترطون الذهاب إلى أمريكا أو دول أوربية واندفع ساخطاً على الروائح الكريهة المتصاعدة من مكان اعتصامهم بالحديقة فأجابه زميلي متسائلا هل هي أكثر قذارة من الجيارة أو أيٍ من أحيائنا الشعبية العشوائية القاهرية؟ وحاول استثارة حسه الطبقي ليستنطق منه أدنى تعاطف: "فلير أهل المهندسين جزءاً من حياة عامة المصريين".
كنا قد وصلنا إلى شارع وادي النيل فكان مكردنأً بصفوف متوالية من عساكر الأمن المركزي المهيأة لمعركة فواصلنا طريقنا إلى شارع جامعة الدول العربية ورغم تنبيه بعض العساكر بأنه مغلق أيضا واصلنا وسط زحام السيارات في الثانية صباحاً فوجدنا المزيد والمزيد من الجنود المصطفين فترجلت من السيارة، المسافة بعيدة والحصار المدروس ينبئ بالمجزرة المبيتة فعدت إلى السيارة منقبضة القلب ووصلت إلى المنزل كي أتابع أية أخبار.
لم تكن صور قد وردت بعد لكن السيناريو واضح في ذهني وحواري الغليظ مع السائق يعصف بعقلي. وفي الصباح بيانات لمنظمات تطالب بتحقيق دولي وتصريحات متتالية كان أصدقها على الإطلاق ما جاء على لسان المتحدث باسم مجلس الوزراء: "إن السودان كانت دائما امتداداً لمصر وهم أشقاؤنا مثلهم مثل المصريين". فهل في ذلك عزاء لكم يا أخوتي.
اقرأ أيضاً:
نحن جمهور واعٍ / عار علينا يامصريين...