وصلتني عبر بريدي الالكتروني بعض شهادات الشهود على مجزرة اللاجئين السودانين وهذه بعض العبارات التي طُبعت في ذاكرتي وتأبى أن تغادرني: "رأينا طفلا حديث الولادة انفصل عن والديه وتم تسليمه في أحد الأوتوبيسات وحيدا، بدون حذاء أو ملابس ثقيلة تقيه من البرد. رأيت شابا سودانيا ميتا وملقى على الأرض. الجثث كانت تترك على جانب الطريق."
"لم يكن هناك تدافع من المعتصمين على عكس ما ورد في تقارير المسئولين المصريين. العكس هو ما حدث، فقوات الأمن، التي تجاوزت المعتصمين أضعافا مضاعفة من حيث العدد والقوة، كانت تدفع المعتصمين دفعا."
"اللاجئون قابلوا مدافع المياه بمزيج من الغناء والرقص."
"المدنيون القليلون المارون بالمكان وقفوا ليشاهدوا المنظر وبدا وكأنهم مستمتعون به. تألمت حين سمعت تعليقات مثل "دعوهم يستحمون ليصبحوا نظيفين" "كان يجب لقوات الامن أن تتخلص منهم منذ اليوم الأول" "لقد صبرت عليهم مصر أكثر من اللازم" "إنهم مقرفون" وتخلل تلك التعليقات بعض الضحكات في الوقت الذي كانوا يرشون السودانيين بالمياه.، البعض وقف مذهولا يراقب ما يحدث في حين اعترض شخص واحد بأن للسودانيين مطالب وحقوق يجب على المفوضية أن تكفلها لهم."
"كان الجنود يجهزون أنفسهم وكان لصوتهم صدى في المدينة الصامتة حيث بدأوا في القفز من قدم الى أخرى وهم يهتفون هو – هو – هو – مصر ثم ينشدون: يا أحلى اسم في الوجود يا مصر.. نعيش لمصر ونموت لمصر!"
"اصطف اللاجئون داخل الحديقة وبدؤوا في الهتاف: الله أكبر، لا إله إلا الله وحسبنا الله ونعم الوكيل. المسيحيون بدؤوا ينشدون: هاليلويا... المدنيون القليلون الموجودون في المكان بدؤوا في تشجيع الجيش المصري ضد "الطفيليات القذرة السوداء، المسيحية". نعم لقد كان مشهدا لا إنسانيا"
"بمعدل كل ثانية أو ثلاث ثوان يتم جر أحد اللاجئين من دائرة الرعب، ليتم ضربه طوال الطريق الى حين تسليمه الى ثلاثة جنود آخرين ليتمكن من العودة واصطياد لاجىء آخر. أما الثلاثة جنود فكانوا يواصلون ضرب اللاجئ بالعصي على ظهره ويجبرونه على الركوع ويصفعونه على وجهه ثم يسحلونه إلى الباص حيث يتولاه طاقم ثالث من الجنود.
وطوال الوقت كانت قوات الأمن تسب اللاجئين بأفظع الشتائم. لقد حدث ذلك للرجال والنساء بدون تمييز. أحيانا حين تكون الضحية امرأة كنت أرى طفلا يحاول أن يمسك بأحد ساقي أمه في حين كان الجندي يجذبها بعيدا عنه. لقد رأيت الجنود يحملون أربعة لاجئين وفي أكثر من مرة كانوا يسقطون بدون حراك على الأرض، أقسم أنهم كانوا ميتين."
"لم تكن هناك أي مساعدات طبية في المكان كما لم تكن هناك سيارة إسعاف واحدة."
"بعد ذلك وصلت سيارات الإسعاف كي تحمل الجثث. على عكس تصريحات الحكومة المصرية فإنه غير صحيح أنه تم نقل المصابين فورا إلى المستشفيات."
"أفظع ما في الأمر كان ردة فعل المصريين. كلما تقدم جنود الأمن المركزي في معركتهم مع اللاجئين العزل كلما زاد التشجيع والصفير والتصفيق. لقد كانوا سعداء! قال لي الواقف الى جانبي في الشرفة: "نحن ندخل من الجانب الأيسر". نظرت اليه في ذهول: هؤلاء ليسوا "نحن". قال" أقصد المصريين". قلت" هؤلاء ليسوا مصريين" قال: "مش مهم" وبدأت أرتجف."
"كانوا يتفاوضون معهم بالميكروفونات:"المفوضية أغلقت أبوابها ويجب أن تفضوا الاعتصام". ثم بمزيد من التفاصيل: "هتفضوا الاعتصام يعني هتفضوا الاعتصام أنا عندي أوامر من أعلى سلطة في البلاد بفض الاعتصام، عندي أوامر من الريس إن الاعتصام يتفض".
وأعترف بأني حزينة للغاية للحال الذي وصل إليه تفكير بعض المصريين ولا يمكن أن أنتمي لهذا التعصب والعنصرية.
اقرأ أيضاً
فعلا السودانيون أشقاء لنا في القهر / سيوة التي لا نعرفها