ليكن ما يكون في البلطجة وتزوير الانتخابات، وألعاب السياسة، وموقعة السودانيين في ميدان مسجد محمود فهذه أمور تتراوح بين السياسة والتجاوز الأمني، والضبط والقتل، لكن المسألة امتدت إلى مجالي العلم والقانون المسألة كلها (إذن) هي نمط في التفكير ونمط في الأداء واستهانة بالعقول راعني أن يصل الاستسهال والتسرع إلى اختزال حادث جنائي وراءه ما لا ندري بتصوير المريض العقلي (تحديدا الفصام) على أنه يحمل كل هذا الخطر وكأنه لغم مدفون في الصحراء ينفجر في أي وقت في أي اتجاه، أو كأنه كلب مسعور ينطلق على غير هدى يعض أو يؤذي أو يصيب كل من يلقاه مهما أشارت الأحداث إلى أن الجريمة ملغزا غير مفهوم، فليس هناك ما يدعو ولا حتى مبرر سياسي جيد إلى اختزالها باعتبارها نزوة عدوانية من مريض مسكين قبل التيقن من كل شيء ثمة حقائق علمية أولية لابد أن يعلمها الناس.
1 - ليس معنى أن شخصا مصابا بمرض نفسي فصام أو غير فصام أنه مجرم محتمل هكذا تلقائيا.
2 – أن نسبة احتمال حدوث القتل من مرضى الفصام لا تزيد كثيرا عن نسبة جرائم الأسوياء.
3 - أن المرضى الذين يهيمون على وجوههم في الشوارع ليسوا خطرا على أحد مهما بدا منظرهم.
4 – أن التعامل مع هؤلاء الهائمين على وجوههم في الشوارع لا يكون بلمهم في عربة قسر ما لم يثبت علميا أنهم خطر وبقرائن قانونية وطبيا تؤكد ذلك.
5 – أن الفصامي المزمن المتدهور بالذات نادرا ما يرتكب جريمة القتل نظرا لتفسخه لا يمكنه عادة من الاستجابة لأفكاره الشاذة مهما بلغت حدتها.
6 – أن الفصام ليس مرضا واحدا وإنما هو كيف ممدود من مظاهر شديدة الرقة والدماثة برغم إمراضيتها التي تتدهور شديدة العجز والتناثر وبالتالي فالكلام على ما يتميز به الفصام كمرض واحد هو خطأ جسيم.
7 – ليس معنى أن مريضا فصيما يعالج ومعه روشتة إنه ذاهل مشوش خطير ومشروع قاتل.
8 - أن فعل القتل بالذات حين يصدر من الفصامي يصدر غالبا بشكل نزوي اندفاعي أعمى ومؤقت.
9 – الفتل بالجملة من مرضى أسوية (تلميذ مدرسة ما) يحدث عادة بسبب تجمعهم معا. وليس بالتتالي الواحد تلو الآخر على مدى ساعات.
10 - أن بعض أعراض الفصامي هو أن تفكيره يختل لدرجة أن اعترافاته (وهو ما يحتاج إلى تفكير منظم وبصيرة مرتبة) لابد أن تؤخذ بحذر شديد.
11– توجد أعراض أخرى عند الفصامي مثلا الطاعة العمياء حيث يقوم الفصامي أحيانا بترديد ما يقال أمامه بالحرف الواحد دون فهم كما أنه قد يحاكي ما يجري أمامه كالصدى دون قصد مما ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار عند تقييم تمثيل فعل الجريمة الاعتراف.
12 - إن تقييم الطبيب للخطورة واحتمالاتها عند المريض العقلي هو أصعب من التشخيص ألف مرة.
13 – إن فعل الجريمة الأولى الذي يتم في دقائق في سلسلة من الجرائم استغرقت ثلاث ساعات جدير بأن يفيق الفصامي من مرضه بعد أول جريمة وفزع .
14 – إذا ثبت أن الفصامي معاق عن التمييز أو معطل الإرادة أو مختل الوعي وقت ارتكاب الجريمة ثبت بالفحص قد يستغرق شهور حكم عليه بالبراءة وأودع للعلاج فهو ليس مذنبا ولا جاني.
15 – إن ثقافة مجتمعنا تسمح باستيعاب هؤلاء المرضى الطبيبين بتحمل رائع وأحيانا باعتباره بركة أقرب إلى الطبيعة وإلى الله بل أن هؤلاء المرضى لم يعرفهم أطيب وأجمل وأرق وأحكم وأسلس من كثير منها.
16 – إن مثل هذه الاتهامات والتوجسات الظالمة العشوائية التي تخيف الناس من ثلاث أرباع مليون فصامي 1% من السكان في العالم وهي وصمة للمرضى وإفساد لمشاعر التعاطف الطبيعي التي يمارسها ناسنا الطيبون إن الأولى بالفرار منهم هم المتأنقون الذين يظهرون على شاشات التليفزيون ويقتلون الأبرياء أحاد وآلاف دون محاكم بقنابلهم الذرية ومخابراتهم الغبية كان على من أراد اختصار المسألة لأي سبب (هيبة الدولة) أو تجنب فتنة طائفية استجابة لإشاعة غبية أو لسبب لا نعرفه كان عليه أن يستشير من يعرفه حتى لا يظلم المرضى ولا يسير الذعر بين الناس ثم لا يترك للقضاء ما للقضاء يا سادتي قليل من العلم وكثير من الدقة وبعض احترام المنطق كان يمكن أن يغنيكم عن هذه الورطة العشوائية وأن هذا المنظر الذي ليس هو.
اقرأ أيضا:
تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(3) / تعتعة نفسية: أنا عندي إيه يا دكتور؟ / تعتعة سياسية يا رب سترك