يقفز إلى ذهنك مباشرة أنني سأتحدث عن صورة المرأة في الفيديو كليب، وهذا استنتاج ليس خاطئاً ولكنه ليس كاملا! فلا شك انه لا أحد يرضى عن تلوى الأجساد وعريها في الأغنيات العربية الحديثة، وتكرار وثبات أفكارها لدرجة دفعت الأديب الدكتور أحمد خالد توفيق للسخرية منها بأن طرح فكرة أن يتم التصوير والرقص قبل كتابة الكلمات والتلحين باعتبار أن الرقص ثابت ثم يتم تركيب الصوت على الصورة الراقصة!
الموضوع ليس في الأغنيات فحسب ولكنه يمتد للصورة العامة للمرأة في وسائل إعلامنا ، فلا يزال إعلامنا العربي في غالبيته يصر على تقديم الأبواب الجامدة المكررة للمرأة في تليفزيوناتنا وفى صحفنا بصورة تجعل المرأة تبدو في النهاية المسئول الأول والأوحد عن كل ما هو شكلي في الحياة، والشكل مهم ولكنه حين يطغى على الأشياء الأهم فهنا تصبح مشكلة ومحل مناقشة. في الغالب الأعم هو الطهو والديكور، ويتم التغاضي بقصد أو بجهل عن الأهم وهو العقل، وبناء الإنسان الحقيقي.
فلا نرى برامج هادفة موجهة للمرأة التي يتشدقون ليل نهار بحقوقها، توضح لها دورها في الحياة، دورها الحقيقي كعنصر فاعل في المجتمع، يربى الأطفال من أجل خدمة أوطانهم، كل ما يقولونه لها عليك أن تعملي خارج المنزل لأن الجلوس في المنزل تخلف ورجعية! وهذا ما سبق وطرحته في مقال سابق بعنوان: "عندما تقول المرأة: والنبي أنا عتريس!" فلا برامج عن التوعية السياسية ولا برامج تربوية تساعد الأم في فهم مشكلات أبناءها، فمشكلات الأبناء تتزايد وتتعقد، والإعلام في غفلة عن دور الأم التربوي، فهو يصنع صورة معينة للمرأة؛
المرأة العاملة المثقفة صاحبة الدور الفعال المؤثر في المجتمع، ولا يتحدث في الغالب عن الدور والفعال والمؤثر مع أبناءها، ولا أدرى لماذا! والأكثر مدعاة للشفقة والتعجب هو المستوى الثقافي الذى وصلت إليه مذيعاتنا من الاهتمام المبالغ فيه بالمظهر على حساب الجوهر، فإذا أردت أن تحصى عددا مناسباً من المذيعات المثقفات صاحبات الآراء والحجج القوية في التحاور فلن تنجح للأسف، ثم إن قيادات التليفزيون نفسها تفرض "شكلاً" نمطياً باهتاً للمذيعة حتى تصلح للخروج على الجماهير المشاهدة، فها هو خبر يطالعنا في إحدى الشبكات العربية على الانترنت بتوجيه تحذيرات ومنع فعلى لعدد من المذيعات لزيادة أوزانهن، بل تفضل واحدة على أخرى لجمال كتفيها! هل يوجد سطحية وتفاهة أكثر من هذا؟ وهل هذا هو الإعلام المفروض أن يصحح صورتنا المشوهة لدى الغرب؟ وهذه قضية أخرى لن أخوض فيها الآن.
أما عن صورة المرأة في الدراما فهي تدعو للتساؤل: لماذا لا نرى أنفسنا في المسلسلات والأفلام ، هل يمكن أن تكون كل نماذج المرأة المقدمة في السينما والتليفزيون والمسرح لا تخرج عن كونها فتاة "روشة" أنيقة يتعارك الشباب من أجلها والزواج منها أو بلغة الشباب "تظبيطها" وفى رواية أخرى "تثبيتها"، أو نموذج سيدة الأعمال الهانم المودرن، أو هي الفتاة الشعبية التي تنتمي للحواري والعشوائيات؟ صدقوني لم أجد نموذجاً واحدا يعبر عنى أو عمن أعرف من نساء، فكل الصور متشابهة ومشوهة.
هل يمكن للمرأة أن تصدق إعلاماً لا يعبر عنها ولا يصورها كما هي؟ وهل يمكنني أنا أن أثق في إعلام لم يقدمني ولو مرة واحدة مع العلم أني متابعة جيدة لوسائل الإعلام بما فيها السينما الأكثر تأثيراً هذه الأيام؟
فالإعلام إما يشوه الصورة ويحرفها لشكل بعيد كل البعد عن الصورة الحقيقة أو يجملها ويحسنها لأغراض دعائية بحتة أحياناً تقدم لأغراض سياسية.
المهم أن المرأة في النهاية لا تجد نفسها في الإعلام، وهذه هي المشكلة!
*اقرأ أيضاً :
عندما تقول المرأة :"والنبي أنا عتريس..!" / يوميات ولاء: لو كنت كفيفة / ليسوا وحدهم أصحاب الديك البلاستيك ! / لسه جوانا شيء يعشق الحياة !