تزامن احتفال الناس في مصر بيوم اليتيم، وهو ما حددوا له الجمعة الأولى من أبريل كل عام، فتزامن أمس مع احتفال أقامته ساقية الصاوي بمناسبة مولد النبي الكريم علية الصلاة والتسليم.
محمد رسول الحرية والإنسانية ، أعظم يتيم، تذكرته أمس، وكثيراً ما أتصوره أو أتخيله، وأتحدث معه منفرداً، وتبكيني مواقف ومقاطع من سيرته مسيرته، وكتبت أنه مظلوم إذ انشغلنا بجوانب من حياته على حساب جوانب، فمثلاً معظم كتب السيرة النبوية المعاصرة تتناول الغزوات والمعارك والحروب،وكأن الرسول كان مقاتلاً فحسب!!
بينما أخباره مبثوثة متفرقة بين كتب الحديث والفقه والتصوف، وصورته موزعة على علوم شتى يدرسها المتخصص، ولا يكاد يجمعها إطار في ذهنه فيستوعبها ككل متكامل!! فما بالنا بالصورة في أذهان غير المتخصصين!! وربما كتب البعض مثلاً عن فاطمة الزهراء ابنته، زوجة عليَ ابن عمه، ووالدة النسل النبوي، والقصص في هذا الصدد أوسع من أن تُعد وتحصى، وأكثرها يعيد إخواننا من الشيعة إنتاجه بوصفه ديناً، وثقافة، وموقفاً سياسياً، ونفسياً، ورابطاً اجتماعياً وتاريخياً تميزاً رغم أن قطاع كبيراً من السنة، وبخاصة العرب المصريون مثلاً يحبون آل النبي، ويبالغون أحياناً في إظهار هذا الحب دون أن يربطوا هذا بالموقف العام أفصد التشيع.
لكن لفت نظري والذكريات تتداعى في رأسي أمس أن خديجة زوجة الرسول الأولى، وحاضنته الأهم، ربما لم تحظ بنفس الاهتمام الذي حظيت به أخريات من نساء بيت النبوة، وهذا مجرد انطباع لم يتتبع الأمر في أدبياته، أو يدرسه في مراجعه، أو يحصى مصادره ويقارن وينتقد.
وأعتقد أنني أبدأ بحثاً عن الكتابات التي تناولت خديجة مسلكها ودورها، وأعتقد أنني سأجد لديها الإجابة على سؤال يشغلني عن علاقة الزوجة بزوجها من حيث هي مشاركة في تكوينه وبلورة مشروعه واكتمال قدراته وأدواته لتحقيق أحلامه وخططه، لأنني أرى النساء تحاول الإلمام بحقوقهن دون أداء لدورهن!!!.
لم يكن ممكناً أن يكون الرسول رسولاً إلا عبر عملية إنضاج وتدعيم وتغذية روحية ونفسية طويلة ساهمت فيها خديجة بنصيب موفور، ثم واصلت دورها بعد انطلاق الرسالة فكانت أول من آمن بالحبيب من العالمين، وكانت له درعاً ودعماً وملجئاً منذ البدايات.
صدقت به حينا كذبه الناس، واحتوت مخاوفه وقلقه حين أنكروه وتحدوه، كانت له العون والسند، وأعطت و أعطت لهذا الشاب الذي تزوجته في عنفوانه حتى صار بعد عقد ونيف رسول الله صلي الله عليه وسلم، ماذا فعلت فيه وله؟؟!!! وكيف حفظ لها الفضل؟!!
ربما ينبغي لكل زوجة تريد زوجاً على أخلاق النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم أن تسأل نفسها: كيف تكون هي له خديجة؟؟!!!
لأن الله أراد، ولعله يقول لنا ويعلمنا أنه لا يكون رجل مكتمل الرجولة، حكيم الرأي، نافذ القول، موفور الكرم وبقية الأخلاق دون خديجة، يبدو أن كل رجل ينتظر خديجة!!!!
** اقرأ أيضا:
على باب الله الثقافة والسياسة/ على باب الله: بيروت، خيالات ونفحات