مقعد في الدرجة الأولى: الطائرة
في مطار الدوحة.. أي منذ اللحظة الأولى لدخولك ذلك البلد تلاحظُ نشاطا عمرانيا غير عادي بالمرة،... حواجز هنا.. وهناك.. وآليات حفر وآلياتُ بناء.. وأما الجو فطيبٌ إلى حد كبير ليس حارا ولا خانقا كما كنت أسمع، ولا أدري هل ذلك لأننا في فصل الربيع؟ ربما، فأنا لم أزر الدوحة من قبل........... المشكلة التي ما زالت تواجهني حتى هنا في المطار هي أن الكل يبادؤك الحديث بالإنجليزية! مع أني والله شكلي مصري على الآخر- ورائحتي رائحة العرقانين ووجهي عليه غبار القاهرة الأسود ما يزال فلماذا يتحدث الجميع هنا بالإنجليزية مع القادمين؟.... المهم أنني كنت أفهم ما يقال ولا أظهر ذلك إن توسمت في محدثي أو محدثتي أنه يعرف العربية وفعلا... كان ينظر لي نظرة فيها اتهام فأقول له أنا عربي فيحدثني أو تحدثني بالعربية وبعضهم كان يعتذر..... كثير هو الأدب والذوق وحسن التعامل الذي تلاقيه هنا من العاملين في المطار... لم أكن أحمل إلا حقيبة يد متوسطة الحجم ومعطفا مغلفا –لزوم التصوير- وفي أقل من دقائق خمسة كنت خارجا من المطار.
وبدأت أنظر في المكتوب على لافتات كثيرة يحملها الواقفون في استقبال ركاب الطائرة، وكان أول من قابلت وهو يحمل لافتة كُتِبَ عليها مستر إبراهيم وائل -بالإنجليزية طبعا- ولا أدري لماذا مستر وإن رضيت بإبراهيم لأنه اسم جدي الحقيقي فأبو هندي لا توجد في الأوراق الرسمية، المهم كان هذا موظفا فيليبينيا من موظفي فندق الفصول الأربعة وقال لي أنه في استقبالي وأن "ليموزينا" تنتظرني على بعد أمتار... بسم الله ما شاء الله ما أكرم مضيفيّ ولكن أين هم أين مسئول قناة الجزيرة للأطفال؟ سألته فلم تكن الإجابة أكثر من أن اسمك معي يا سيد وائل وعلي أن آخذك إلى الفندق... وتعجلني فاستجبت له بصراحة لأنني كنت قد بدأت أعاني من أعراض انسحاب النيكوتين..
ذهبت فعلا معه وركبت السيارة.. كان واضحا أن ليموزين مطار الدوحة تختلف جدا عن ليموزين مطار القاهرة، وسار بي في شوارع فسيحة نظيفة جميلة تزدان بالأضواء الملونة والأشجار المزخرفة بالمصابيح الكهربية الصغيرة الملونة، ووصلنا إلى الفندق، وبينما ما أزال أعطي بيانات الجواز لمسؤول استقبال الفندق وجدت موظف الاستقبال يرد على الهاتف ليقول نعم دكتور وائل أمامي الآن وأعطاني سماعة الهاتف فإذا به الأستاذ خالد المرزوقي مسئول العلاقات العامة بقناة الجزيرة للأطفال كان يتصل ليسأل عني ويخبرني بأن اثنين من موظفي القناة كانا في استقبالي في المطار ولكن مسؤول الفندق سبقهما إليك فمرحبا، خيرني بين أن يأتي ليأخذني في جولة في الدوحة وبين أن أستريح هذه الليلة من السفر؟ لم أكن حقيقة متعبا لأن الرحلة كانت وثيرة إلى حد غير معهود بالنسبة لي على الأقل، لكنني لم أشأ أن أثقل عليه وأخبرته أنني أنوي الراحة هذه الليلة، وكنت أحسب أنني سأستطيع الحركة بسهولة في الدوحة بمفردي.
كنت في طريقي من مطار الدوحة إلى الفندق قد انشغلت بجمال الشوارع والمباني الفارهة الطول وتابعت ظاهرة العمران النشط المنتشرة على جانبي كل طريق، ولم أنتبه إلى عدم وجود ماشين على أقدامهم في الشوارع،......... المهم صعدت إلى غرفتي واغتسلت من تراب مصر وجمعت المغرب والعشاء... ثم نزلت إلى استقبال الفندق سائلا عن أقرب مكان أدخل منه شبكة الإنترنت.. فقيل لي هنا في الفندق في مركز رجال الأعمال وسألت عن سعر الساعة فقيل لي: خمسون ريالا قطريا فقلت له أليس هناك مقهى إنترنت قريب بسعر أرخص فكان الرد نعم في "السيتي سنتر City Centre" هناك الساعة بثمانية ريالات، وتطوعت موظفة لبنانية بوصف الطريق لي بعد أن سألتني هل تريد سيارة لإيصالك فقلت لا فنبهتني إلى أن قناة الجزيرة ستدفع كل انتقالاتي فقلت لها أود أن أسير في شوارع المدينة فهذا ما أحب... وخرجت فعلا إلى الشارع ولم أكن قد انتبهت إلى وصفها الطريق لي معتقدا أنني بسهولة سأجد من أسأله في الطريق... لكنني لأسف فوجئت بالشوارع فارغة اللهم إلا من سيارات مسرعة..... وبعد لأي وأنا أشك أصلا في صحة اتجاه سيري وجدت ثلاثة من الماشين ملامحهم من بعيد عربية توجهت لهم وسألتهم عن السيتي سنتر فاتضح أنهم ليسوا عربا وتحدثنا بالإنجليزية فأرشدوني إلى عكس الطريق الذي كنت آخذه......
المهم وصلت أخيرا إلى السيتي سنتر وتأكدت من ذلك بسؤال أحد الواقفين على مسافة من بوابته واتضح أنه مصري حييته ودخلت إلى المركز التجاري ولكن للأسف كانت الساعة قد جاوزت التاسعة والنصف، فقفلت راجعا وخرجت آسفا من السيتي سنتر وتوجهت إلى المصري الذي كنت قد سألته قبل صعودي وسألته عن أقرب مكان يمكنني أن أدخل الإنترنت منه؟ فكانت إجابته لا يوجد أقرب من شارع الخليج فسألته عن طريق السير إليه فقال لي لا لابد من سيارة يمكنك أن تأخذ تاكسي سألته وكم أدفع له فقال لي عشرين ريالا وإذا كان معك محمول يمكنك أن ترن على السائق ليعود فيأخذك بعد أن تنهي ما تريد على الإنترنت قلت له ليست معي عملة قطرية فكم أعطيه لتعادل عشرين ريالا قطريا فأجابني ثمانية دولارات، بصراحة شعرت بأن هذا أغلى من اللازم فقررت الاستغناء عن الإنترنت هذه الليلة، وبينما أقف معه لأسأله من أين هو في مصر رن هاتفه المحمول وفهمت من حديثه مع طالبه أنه مسؤول مراقبة مجموعة من سائقي التاكسي الواقفين أمام السيتي سنتر... تركته وسألت واحدا من القطريين كان خارجا من المركز يا ترى كم يساوي الدولار الواحد بالريال القطري فكانت الإجابة دولار = حوالي ثلاثة ونصف ريالات قطرية! عرفت عندها كم كان ذلك المصري نصابا... يا سلام على أخلاق المصريين وبالذات في الغربة.
ويتبع>>>> : مقعد في الدرجة الأولى الجزيرة للأطفال
اقرأ أيضا:
مدونات مجانين(5) الإسلام هو الحل! / خمس ليالٍ في المنامة عشرون دولارا