مقعد في الدرجة الأولى مطار الدوحة
بعد عودتي إلى الفندق مساء الأربعاء 5 أبريل 2006 ... وجدت من يتصل بي من قناة الجزيرة للأطفال ليبلغني بأنه سيكون بانتظاري في التاسعة إلا عشر دقائق من صباح الغد في استقبال الفندق لكي يكون لدينا الوقت اللازم للانتقال إلى مكان التسجيل في المدينة التعليمية حيث مقر قناة الجزيرة للأطفال وأن التسجيل سيبدأ في العاشرة صباحا إن شاء الله، حياني وتمنى لي ليلة طيبة، ورددت التحية،..... لم أشعر بالرغبة في العشاء وكانت زوجتي قد وضعت لي بعض البرتقال والتفاح من مصر في حقيبتي فاكتفيت بذلك واتصلت بخدمة الغرف طالبا أن يوقظوني في السابعة والنصف صباحا....
وطال بي الأرق كعادتي في الفنادق في كل سفرة من أسفاري، ربما لأن الوسائد مفرطة الليونة والنعومة لا تناسب فقراتي العنقية التي تآكلت أمام شاشة مجانين، دعوت الله كثيرا أن ينعم علي بقسط من النوم يسمح لي بأن أكون كما يجب أثناء التسجيل، والحمد لله الذي بارك لي في ساعات قليلة نمتها.... وفي الصباح كان علي أن أدخل الإنترنت من الفندق –وربنا يعوض- لتحديث الإبداعات وفتح صناديق البريد الإليكتروني سألت موظفة مركز رجال الأعمال عن إمكانية الدخول لربع ساعة مثلا فقالت بأن أقل وقت يسمح به هو نصف ساعة ورضيت رغم أنني فعلا لم يكن لدي أكثر من ربع ساعة ويحين موعدي مع موظف قناة الجزيرة ورضيت وأنهيت ما علي خلال دقائق عشرة، ونزلت إلى استقبال الفندق وأخذني مسئول القناة إلى المدينة التعليمية وسرنا في شوارع قطر الجميلة بالنهار مثلما هي بالليل، وصلنا إلى مبنى الجزيرة للأطفال وكان كل شيء جميلا جديدا ضاحكا، وهناك قابلت الرجل "أحمد مزيمز" الذي كان قد اتصل بي منذ منتصف شهر رمضان الماضي (2005) ليسألني عن معلومات مكتوبة بالعربية أو بإنجليزية سهلة لغير الأطباء عن موضوع اضطراب العرات Tic Disorder ومتلازمة توريت Tourette Syndrome والوسواس القهري في الأطفال OCD in Children، واستغربت وقتها أن يوجد معد برامج تليفزيونية عربي يريد إعداد حلقة عن مثل هذه الاضطرابات التي لا يعرفها كثيرون حتى الأطباء -من غير الأطباء النفسيين- وبالفعل أرسلت له ما طلب مستعينا بالموجود فعلا على استشارات مجانين وضمن مقالات نطاق الوسواس القهري.
بعد ذلك بحوالي شهر اتصل بي أحمد مزيمز مرة أخرى شاكرا وسائلا عن إمكانية توفر حالات أطفال أو مراهقين يعانون من اضطراب الوسواس القهري أو متلازمة توريت أو اضطراب العرات على أن يكونوا مستعدين للسفر إلى قطر ولكل طفل أو مراهق مرافق يصبحه في الرحلة وذلك على نفقة القناة، وكان من الواضح من خلال كلامه أنه أصبح خبيرا بالموضوع وبتداخل الاضطرابات ومعاناة أصحابها وتعرضهم للوصمة، والحقيقة أن مزيمز طلبني لهذا السبب أكثر من خمس مرات وللأسف لم أجد من بين مرضاي من وذويهم من يقبل فإما أن يرفض الطفل وأهله أو أن يرفض أحد الطرفين... برغم ذلك وأثناء ندوة مساندة ضحايا العبارة التي عقدت يوم الخميس 16/3/2006 في كلية آداب عين شمس، اتصل بي أحمد مزيمز ليبلغني أنهم تمكنوا من توفير حالة وسواس قهري وحالة اضطراب عرات عابر "إن شاء الله" وكلاهما من تونس إضافة إلي حالة اضطراب توريت من المغرب وأنهم وقع اختيارهم علي كخبير يناقش الأمر ويشرحه للأطفال وذويهم وذلك من خلال البرنامج وأن الموعد المبدئي للتسجيل سيكون في أول أبريل من هذا العام 2006.... وأخيراً ها نحن في قناة الجزيرة للأطفال وهذا هو المعد وهؤلاء هم أحبائي من الأطفال المبتلين باضطرابات نفسية عصبية تعذب الكبار فما بالكم بوقعها على حياة الأطفال.
فاجئني أيضاً مستوى مقدمة البرنامج التونسية "حنان" واحدة من نماذج مقدمات البرامج العربيات القلائل المثقفات بحق واللاتي يحببن عملهن تحدثنا كثيراً أثناء التسجيل وبعده عن معانات أطفالنا وكيف يعيشون في مجتمعات لا يفهم افرداها ولا يدركون معاناتهم..... ولكن أهم ما أثر في هو كيف يتم الأعداد لحلقات برنامج "نظرة على... " وهي حلقات تتحدث في موضوعات عن أمراض نفسية عصبية قد لا تزيد معلومات معظم الأطباء النفسيين الممارسين للمهنة في بلادنا _ طبعاً من غير أصحاب الدرجات العلمية_ عن أكثر من معرفة أسمائها وخياراً أو أثنين من العقاقير العلاجية التي تستخدم لعلاجها، وآلمني كيف يستسهل الأطباء النفسيون العلاج بالعقاقير وكيف أن معظمهم لا يتعب نفسه ليعرف أكثر مما يقدمه له مندوبو شركات الدواء.
وكانت "حنان" متحمسة بشكل لم أعهده من قبل في غير أصحاب القضايا الحقيقيين... وكنا أثناء الفواصل نتحدث معاً وكلما قلت لها واحدة من عباراتي القصيرة المركزة والتي تحمل اتهاماً لكل مؤسساتنا وأفرادنا ولا استثني أحد من التربويين أو المسؤولين عن السياسات الاقتصادية أو الصحية أو الإعلامية... كلما قلت لها واحدة من تلك العبارات تهلل وجهها بشراً وطلبت مني أن أقول هذا أثناء التسجيل... والله أخشى أن أكون قد تورط في قولي ما قد يغضب بعض الزملاء.
وبعد انتهاء التسجيل كلمني ابننا "أحمد زين" من قناة الجزيرة الإخبارية وهو واحد من معدي برنامج "الجزيرة هذا الصباح" كنت قد عرفته من خلال إشرافه على موقع عشرينات ليطلب مني أن أكون ضيفه في حلقة الجمعة 7-4-2006 لنتحدث عن تأثير إدمان التليفزيون على الأطفال.... وحملتني سيارة الجزيرة إلى الفندق مرة أخرى.
ويتبع>>>> : مقعد في الدرجة الأولى قناة الجزيرة
اقرأ أيضا:
مدونات مجانين(5) الإسلام هو الحل! / خمس ليالٍ في المنامة عشرون دولارا