خمس ليالٍ في المنامة باب البحرين
حين تسلمت الكتيب الصغير الذي يوضع عادة في حقيبة المؤتمر ويحتوي على جدول بعناوين ومواعيد الجلسات قلبته وأنا في استقبال الفندق لأعرف متى موعد عرضي للبحث الذي سأقدمه في هذا المؤتمر، ولم أجد اسمي في يوم السبت، ولا رأيته في يوم الأحد لكنني وجدتني مساعد رئيس جلسة يوم الاثنين –ثالث أيام المؤتمر- الصباحية، كان هذا تشريفا كبيرا لي حسب تقديري الشخصي، ولكنني حين قرأت عناوين الأبحاث التي ستلقى في تلك الجلسة التي أشارك في رئاستها لم أجد اسم البحث الذي قدمته للجنة منظمي المؤتمر ووافقوا عليه وسألت بعض الزملاء فقالوا لي ما دمت مشاركا في رئاسة الجلسة فلابد أنك ستعرض بحثك، بناء على ذلك قررت أن أجعل مراجعتي لملف البحث ليلة الاثنين قبل النوم.
وهكذا كان علي أن أستثمر الوقت المتاح للغذاء والذي كان ساعتان ونصف لسبب غير مفهوم إلا أنها طبيعة الناس في البحرين ألا يفعلوا شيئا في وقت الظهيرة، المهم أنني طلبت من الدكتور حميد أن يهيئ لي من يدلني على مكان جيد لشراء بعض الملابس لأولادي، وهكذا خرجت في الثانية إلا الربع مع طبيب نفسي بحريني هو الدكتور شوقي وللأسف نسيت ما بعد شوقي وذهب بي إلى أحد الأسواق واشتريت بالفعل بعض الأغراض وذهبت كذلك للبحث عن قطعة غيارٍ طلب أحد زملائي من الجراحين في مصر أن أشتريها له لأنه لم يجدها في مصر ولكنني لم أجدها في البحرين أيضًا مع الأسف.
المهم أنني رجعت إلى مكان المؤتمر في حوالي الرابعة وخمسة دقائق أي بعد نصف ساعة من بداية أولى الجلسات بعد الغذاء، وفوجئت بنديم يقول لي أين أنت يا رجل هذا موعد إلقائك للبحث! أُسْقِطَ في يدي أي بحث يا دكتور؟؟؟؟ فقال لي "دراسة نسبة حالات الطوارئ النفسية في قسم الطوارئ بمستشفى جامعة الزقازيق"، وأشار إلى العنوان أمام اسمي في جلسة الأحد المسائية الأولى! كما هو مكتوب في كتيب جدول المؤتمر!
تحسست القرص الصلب الصغير Flash Memory في جيبي وحمدت الله، ودخلت إلى الجلسة التي كان يرأسها الدكتور أحمد شوكة، ودخلت بهدوء لأكلمه من خلف المنصة معتذرا لتأخري ومخبرا إياه بأنني لست مع الأسف في كامل استعدادي وأنني فوجئت بالموعد فنظر لي وابتسم، وهكذا أنهت الزميلة التي كان موعد إلقاء بحثي بعدها مباشرة ووقفت أنا لأعرض البحث وأنا أقرأ من شاشة الكومبيوتر الصغيرة ما لم أجد الفرصة لقراءته منذ كنت في مصر وأنا أعد العرض.... الحمد لله كنت موفقا في إيصال ما أردت إيصاله حتى أنني حين سألت الدكتور خالد منصور عن رأيه في طريقة عرضي للبحث أجابني بأنني بذلت مجهودا كبيرا في التدرب!!!! وحين أجبته بذكر الحقيقة لم يصدقني فقلت له مرة أخرى أنت لا تصدق أنك تركت أثرا في وعي الجميع في قسم الطب النفسي في الزقازيق، من رأوك ومن لم يروك ولا تصدقني مرةً أخرى في أنني لم أقرأ هذا العرض بعد إعداده!، ولعل من الجميل الاعتراف بأن الذي أعد العرض أصلا هو الزميل الدكتور صابر عبد العظيم، والذي يقيم في أبي ظبي.
انتظرت بالطبع بعد ذلك للمناقشة وسألني بعض الزملاء عن لماذا لم أوضح في العرض أي نوع من أنواع الاضطرابات جسدية الشكل Somatoform Disorders والتي كانت أكثر الاضطرابات النفسية تمثيلا في قسم الطوارئ كما بينت نتائج الدراسة التي عرضتها، وكانت إجابتي هي أنها الاضطرابات جسدية الشكل غير المصنفة بشكلٍ أو بآخر Somatoform Disorders Not Otherwise Specified أو غير المميزة Undifferentiated فاستغرب الجميع الإجابة لكنها كانت الحقيقة، كذلك سألني أحدهم عن سبب عدم ذكري لمدة إجراء الدراسة فأجبته بأنها أجريت على مدى تسعة أشهر، وأنني لست مطالبا بذكر كل تفاصيل الدراسة في العرض الذي ينتظر أن يكون موجزا بأقصى حد، وهذا ما دعا رئيس الجلسة الدكتور أحمد شوكة ليؤمن على كلامي ويمتدح أننا فعلا كنا الجلسة الوحيدة في المؤتمر منذ بدايته والتي اكتملت في الوقت المحدد لها، الحمد لله.
ويتبع>>>>> : خمس ليالٍ في المنامة مع المسيري
اقرأ أيضا:
مقعد في الدرجة الأولى مصر للطيران / مدونات مجانين (5): إجابة السؤال!