أنا حبيت أقول للدكتور أحمد عبد الله إنت بجد بتعرف تجيب الكلام الصح في المكان الصح، يعني مقالتك بعنوان: على باب الله الثقافة والسياسة مقالة رائعة، كل الشعب دلوقتي بيفتي يا دكتور حتى في الدين محدش تعب نفسه وابتدى يقرأ لكي ينطق بما يصدقه قلبه قبل عقله حتى السلوكيات والأخلاق تحس ما فيهاش ثقافة رفيعة تحس فيها بتخبط وانهزامية سريعة ومداراة عن الحق والتقليد لأي ذو نفاذ مع عدم التعقل.
د. أحمد لو سمحت ترد على هذا السؤال الذي حيرني كثيراً:بعض الأفراد الذين أحسب أنهم على خير من جماعة الإخوان المسلمين يقولون أننا عندما نبحر في ثقافة أنفسنا وفي تعليمنا الأدب الإسلامي بجميع جوانبه السلوكية والاجتماعية والنفسية عندما نفعل ذلك ليأخذ كل أوقاتنا فمن يكون لمناصرة الدين والدعوة والسياسة؟
أرجو الإجابة سريعاً لأنني قد تفرغت تماماً لجعل نفسي تتكلم بما قرأت عنه فقط مع عدم الخوض في معارك السياسة التي لا طائل منها إلا التناحر وإفساد الأخلاق ولأنني أؤمن تماماً بالآية الكريمة "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ " وأنا أرى أن أساس التغيير في أي مجتمع هو الثقافة التي تغير السلوك والنفوس؟؟؟!!!
أرجو الرد منك يا د.أحمد أعزك الله وبارك لك في دماغك!!..ووو.
أنا م/ تامر من مصر مهندس في مجال الحديد والصلب-متزوج وتركت العمل الدعوي (أو هكذا كنت معتقداً به) نهائياً من حوالي خمس 5 سنوات وذلك لنفس أسباب كتابتك لمقالك المذكور
لذلك أرجو الرد..
أشكرك على الإطراء، وأرجو أن أكون كما تقول وأفضل، بمشيئة الله وبدعواتك، ودعني أقول لك أنني تعلمت ألا أتوقف كثيرا أمام الكلمات أو اللافتات، أو ما يقوله الناس عن أنفسهم، ولكن أعطي لنفسي الفرصة للتأمل والمراجعة والفهم بناء على ما أراه وأعرفه وأسمعه ليتكون عندي فهمي وموقفي الخاص القائم على أساس معرفي أقرب إلى الصواب بمشيئة الله.
يقول الإخوان المسلمون أنهم يمارسون السياسة، فهل ما يمارسونه هو فعلا أفضل ما يمكن ممارسته في مجال السياسة؟! وما هو معيار النجاح والفشل هنا؟! وهل ضعف الكيانات الأخرى حزبيا وأيدلوجيا، وتهافت أسس وتعسف ممارسات السلطات الحاكمة هنا وهناك في عالمنا العربي، مما يصب تلقائيا في رصيد الإخوان؟، وهل اهتمام القوى الخارجية بالقوة السياسية للإخوان، هل كل هذه المعايير مناسبة وكافية للقول بأن الإخوان يمارسون السياسة على أكمل وجه، وأنه ليس في الإمكان أبدع مما كان؟!
وأنا هنا أتكلم فعلا عن الممارسة السياسية اليومية في بناء التحالفات، والنشاط بين الناس وصياغة المواقف، وإحكام الخطاب والتصريحات الإعلامية، ورسم صورة متوازنة وفاعلة لجماعة بمثل هذا الحجم والتاريخ والرصيد؟! وبناء أجهزة وسياسات لإدارة الأزمات والإخفاقات التي حصدناها طوال عقود؟! أزعم أن الأداء الإخواني للسياسة في مصر وغيرها يمكن وينبغي أن يكون أفضل من هذا بكثير، ولا يكفي الاحتجاج بالتضييق مبررا وشماعة نعلق عليها كل تقصير أو تكاسل أو تعويق لتطوير الأداء السياسي لأهم قوة شعبية بحكم الواقع، وفي هذا تكليف لا تشريف، وأزعم أن التطور يجري بإيقاع شديد البطء، رغم تسارع الزمن، ويمكن أن نسترسل في بيان ملاحظات وانتقادات كثيرة، وسرد تساؤلات لا يسألها أحد حول واقع العمل السياسي للإخوان، ولاحظ أن الانتقادات التي يواجهها الإخوان مازالت إما بدائية أو مغرضة، وكلاهما سهل الدحض، وقليل من النقد هو فعلا عميق، ولكنه غالبا لا يحظى برد يذكر بحجة التضييق على الجماعة!! أو لأنه لا يوجد أصلا تصور بشأنه، وكم قلت وأقول دائما: أن الإخوان هم هيئة وطنية هامة جدا، وشأنها هو شأن عام يتجاوز أصحابها، وأداؤها السياسي وتصرفاتها العامة هي أيضا شأن عام وهام أخطر من أن يترك لأعضائها يستقلون بتقديره وحدهم.
وكما أدهشني أن يضع البض الدعوة في مقابل السياسة، فإنه يدهشني أن تضع أنت أو آخرون الدعوة والسياسة، والدين في مواجهة الثقافة، فما أفهمه أن الإسلام هو دين للحياة بكل أنشطتها، وأن البعض ربما يميل لنصرة هذا الدين في مجال العمل السياسي فيبحث عن بلورة لعمل وخبرة تنافس سياسي منضبطة بالأخلاق، ومعضلة بلورة ممارسة سياسية لا تسقط الأخلاق هي معضلة عالمية، ينتظر أن يشتبك معها الإخوان المهتمون بالسياسة، ولكن أيضا أفهم وأتوقع أن يهتم آخرون بمتابعة تفاعل الإسلام مع نواحي الحياة الأخرى من فنون وآداب، وتعليم وتدريب، وتنمية اقتصادية، وإعلام وترفيه، وفكر علمي في شتى المجالات.
وأفهم أن تفضيل مجال على مجال هو اختيار شخصي محض، إلا أن نأخذ بالرأي الذي ينصرف إلى أن المسلمين جميعا ينبغي أن يدخلوا في حالة تعبئة قتالية عامة، كما يرى الإخوة من أصحاب الفكر القائل بهذا، أما وقد اخترنا سبلا أخرى، ونتصور الواقع وندركه بشكل آخر، فإنه واجب علينا وحتمي أن ننشط في المجالات جميعا، كل بحسب ما يرى ويحسن، لا أن نتحول جميعا إلى خدمة نشاط واحد ثم نحن نمارسه بروح الهواة، ومستوى الهواة، أكثر من دأبنا في تطوير الأداء فيه ومراجعته ونقده!! وأكثر من دعم الإبداع والنشاط في كافة الاتجاهات!! ثم أنت تقول أنك صرت أقل اهتماما بهذا التصور الذي رأيته قاصرا أو معيبا، وهذا التطبيق الذي عليه، فماذا لديك يا أخي غير الاعتراض؟!
وإذا كان الإخوان يبذلون طاقتهم فيما يرونه صوابا ومناسبا للوقت الراهن، والظروف المتاحة فماذا يفعل من لا يعجبه اختيارات الإخوان أو مسالكهم؟! أخشى أنه لا يصلني من هؤلاء شئ ثمين التجربة تقول أننا نعاني بأغلبية ساحقة، ويارب لا نكون كلنا، من عقدة اسمها السلطة أو القوة، فما زالت المعارضة والانتقادات لدينا هي الاعتراض على الحاكم أو الحكومة أو الإخوان ونقد تصرفاتها، دون وجود برامج أو مسارات عملية بديلة نبدأ في تطبيقها من الآن.
الإخوان مثلا يتحدث بعضهم عن أهمية وحتمية وجود مجتمع مدني قوي كضمانة للحرية والديمقراطية والنهضة، وقرأت اليوم كلاما هاما للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عن مفهوم الحكومة المدنية عند الإخوان، وأزعم أن مفهوم "المدنية" نفسه ما زال مدانا، أو مجهولا لدى الأغلبية الساحقة، والممارسة المدنية المفتوحة على الأنشطة المتنوعة، والألوان والأطياف الفكرية والنفسية التي تمتلئ بها المجتمعات العربية، كل هذه هي محض آفاق نحلم بها، لكنها غير موجودة في عقول وممارسات أغلب الإخوان، فما بالك بغيرهم؟!
الموجود مجرد بدايات متواضعة جدا، شذرات من هنا وهناك، أدعو الله أن يبارك فيها ن وأدعوك إلى أن تكون لك كلمة ودور في طرح اجتهادات وخطوات ومسارات لتطوير تفكيرنا وممارستنا في المجال الذي تحبه، وليكن: الإسلام والثقافة، أو الاقتصار على الاعتراض فلن يصل بنا إلى شئ!!
إذن فنحن محتاجون إلى كل جهد، محتاجون وبسرعة إلى تطوير ممارسته من يمارسون السياسة لتكون أخلاقية واحترافية وناجحة وجامعة لأمتنا الممزقة، ولتكون مدخلا لإنقاذ بلادنا العربية من بلايا الاستبداد والاستعباد، وفتح أبواب الأمل لمستقبل أفضل لن يتحقق إلا بفهم أعمق، وإدراك أشمل وأحكم للدنيا والدين.
ونحتاج كذالك إلى أن تنفر في كل مجال طائفة وطوائف لتعمل في الإصلاح الأسري، والمساندة النفسية، أو تعمل جماعات أخرى في التغيير الثقافي أو التكوين الفكري والإداري والمهاري، وثالثة في مجال التقنيات والاتصالات وهكذا، لأننا مطالبون ببناء صفوفنا من الأساس، حيث الأمة تبني برامجها ومؤسساتها وخططها في ظل عزوف وانكفاء وتراجع الأنظمة، هذا هو النفير العام الذي نحتاجه، وجهاد البناء الذي لن ينقذنا غيره، وواجب الوقت الذي لا يفيدنا تأجيله، والرد العلمي الوحيد على تحديات المرحلة التي نمر بها، ويحزنني، وينفطر قلبي، ويضيق صدري، ولا ينطلق لساني أحيانا، لأنني أرى كم نحن بعيدون عن هذا، نتخبط في تيه عجيب، وتحياتي!!
اقرأ أيضا:
على باب الله: وائل خليل 10/5/2006/ على باب الله من منازلهم، وموقعي المفضل