"لأني أمر بكل هذه المحطات في حياتي من عقد وملل واكتئاب وإرهاق فأحس بأن كلهم لهم تأثير واحد على الشخصية ولكنني من كثرة ما أمر به من أزمات فقد تعودت على ذلك ووسيلتي هي التصدي لها وحياتي تمشي على ذلك الدرب" فاطمة مشاهدة لبرنامج أرجوك افهمني تتصل بي كل أسبوع لتطلب مني اختيار الموضوع الذي ستكتب لي عنه... البداية كانت طلبا من فاطمة بأن أساعدها على العمل بالإذاعة الإقليمية غير مصدقة أني لا أصلح حتى للتوصية على نملة فحقي أنا شخصيا ضائع...
فعندما تقدمت بطلب رسمي بنقل برامج لي على نفقتي الخاصة من مكتبة الإذاعة ردت علي رئيستها بأنه تراث إذاعي من حق الإذاعة وحدها وكلنا نعلم طبعا كم من شرائط خرجت من الأبواب الخلفية لمكتبة الشرائط نتيجة للتعنت الحكومي والتسلط اللا منطقي والتعقيد الروتيني الذي يمنعك من أن تحصل على حقك بالطرق السليمة القويمة المستقيمة وتدفع كل من كان واقعيا وغير ساذج إلى عدم طرق الأبواب الرسمية....
ولأني لست من هؤلاء ليس عن استعلاء ولكن عن عدم تأهل أو تأهيل لتلك المزاريب فقد تغاضيت مؤقتا عن حقي حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا كما افتكست مع فاطمة تلك الوسيلة للتنفيس فهي تكتب لي كل أسبوع وأناقشها عبر التليفون ثم أقترح عليها موضوعا جديدا للكتابة ومنها أتعلم تفاصيل عن حياة النساء في القرى والمدن الريفية وتحدثني عن أطفال الشوارع في مدينتها وخاصة البنات والفقر والمرة القادمة ستكتب لي عن العنف الإسرائيلي في غزة وصواريخ كتائب عز الدين القسام، وفي أحيان كثيرة تتصل بي كي تسألني عن موضوع للكتابة فأقترح فأجدها راغبة في الكتابة عن موضوع بعينه فلا أعترض....
صوت فاطمة يكتسب حيوية يوما بعد يوم وتنسحب عنه غلالات الأسى لقد كنت أحس في البداية بثقل اقتراح موضوعات أما الآن فقد بدأت أستمتع معها باللعبة وبصداقة تنمو مع امرأة ربما لن أقابلها أبدا... لكنها تذكرني بصداقتي مع صباح ابنة الغفير الصعيدي التي تعيش بالإسكندرية ومكالمتها في برنامج "اعترافات ليلية" عن حرمانها من حقها في التعليم وهي التي قابلتها بعد ثلاث سنوات من التواصل عبر وسطاء كي تلتحق بفصول محو الأمية.... أين أنت يا صباح وهل تقرئين الدستور بعد أن تعلمتِ فك الخط؟
واقرأ أيضاً:
مين إللي بيدفع التمن؟/ وادي الكباش