من المضحك المبكي أن أسمع اليوم فريد الأطرش وهو يغني أغنية ربما لم يسمعها كثيرون، وربما نسيها كثيرون -أحسب أنه غناها قبل مولدي- يقول فيها:
المارد العربي في العالم العربي
وطنه في كل مكان في دجلة في عمان
في مصر في السودان والمغرب العربي
المارد العربي...... في العالم العربي
في الصباح سمعت في الجزيرة كيف أن جيش الدفاع الإسرائيلي مدحورا لا مشكورا أصبح ينذر صاحب البيت قبل قصفه! ليقول للعالم أنا لا أستهدف المدنيين لكن أهد بيوت المشتبه فيهم، تخيلوا معنى أن تتلقى مكالمة مجهولة المصدر "نحن جيش الدفاع ننذرك بأن بيتك سيقصف بعد ساعة"! وهو في نفس الوقت يضع شعبا بأسره في دوامة من الفزع! والآن أسمع فريد الأطرش يغني للمارد العربي!
يا ترى أين هو الآن ذلك المارد؟؟ تسمع الأغنية للمرة الأولى فتحسُّ إشاراتٍ عديدة إلى أنه جمال عبد الناصر؟ ويبدو أن الغلو الذي وقعنا فيه فيما يتعلق بقيمة زعيم بعينه كثيرا ما غمى عيوننا، لكن المعنى المقصود والواضح أيضًا هو أنه الإرادة العربية أو الشعوب العربية خاصة حين يقول:
هو صدى لجماهير اليوم بتبني مصير....
كل الشعوب ثوار والنصر فيها أقدار.....
والفضل للأحرار والمارد العربي....
وليته ذكر الله هنا....
ثم تسمعه يقول:
يا فلسطين يا شعب مجاهد جيشك حاضر بالملايين
مبقاش جرح في جسم المارد غيرك إنت بينزف فيه
زي ما حررنا الجزاير مش هنسيبك يا فلسطين!
ولا أظن الكلام يحتاج تعليقا حين نسمعه اليوم فأين كنا وإلى أي مآلٍ آلت القومية العربية؟ أحسب أن لا جيشا من جيوشنا حاضر، إلا أن تكون جيوش غير نظامية فهل هذا معقول؟ هل من الممكن أن تواجه الجماهير الغاضبة جيشا؟ إن هذا بالضبط ما يحدث أو يكاد، ولكن كيف يجبُ أن تكونَ المواجهة؟
كيف يكون تحكيم العقل الآن ونحن تحت القصف في أكثر من جرح -حتى أن مات المارد من كثرة ما نزف على ما يبدو-، هل نحن فعلا لا نستطيع المواجهة؟ هل المنتظر أن تواجه شعوبنا جيشا ينذر المدنيين بأنه سيقصف بيت الواحد منهم بعد ساعة ثم يقصف بعد أقل من ساعة -45 دقيقةً كما يحدث في فلسطين-، بل وهم ينذرون خمس عائلات ثم يقصف بيت عائلة أو بيتين؟ أي نوع من الحرب هذا؟ وما تداعياته النفسية الاجتماعية؟ أليست تلك بيئة مناسبة لشائعات قد يكون لها من الأثر المدمر أكثر ما للقنابل والصواريخ؟ ما الذي يتوجب على الناس فعله؟ وهل الجهاد المدني يكفي هنا؟ لا أظن -على ضرورته الآن وكل لحظة- لكن اللحظة والفترة تحت القصف لابد تحتاج إلى دعم المقاومة، ونحتاج نحن إلى دعم كلٍّ من المقاومين والضحايا فهل تستطيع مؤسسات المجتمع المدني المتاحة في بلادنا فعلا تحقيق هذا؟
إن من الواضح والذي لم يعد قابلا لشك أن علينا في مواجهة حرب الإبادة التي تشن على الجميع علنا، علينا الجهاد بكل أشكاله كل بما يستطيع ويحسن، ولا يصح أن نقصر جهادنا الآن على الجهاد المدني، فلابد لعصابة أوليمرت أن تدفع ثمنا غاليا كالذي تدفعه عصابة بوش، ولابد لنا كشعوب أن نكونَ بمستوى الحدث، وليس ضروريا أن ننتظر المارد لأن زمن الرجل الواحد مضى إلى أن يشاء الله، ماذا نحن قادرون عليه على الأقل عبر مجانين هل جسر التواصل وما دعت إليه الدكتورة داليا الشيمي وما تساعدنا به من مادة علمية، وما يفعله ابن عبد الله اليوم معنا وما يفعله أعضاء فريق المساندة النفسية هل نحن سنستطيع فعلا تقديم الدعم اللازم مدوا لنا أيديكم كل بما يحسن ولا تنسوا مجاهدينا وأسرانا وقتلانا من الدعاء.
ويتبع >>>>>>>>: المارد الذي بعيدا عن النزال 2012
اقرأ أيضا:
شكرا منظمة الصحة وفي انتظار المزيد / هكذا لبنان يمنحنا نصرًا ... لا نستحقُهُ!