منذ بدأ العدوان على لبنان وأنا لا أكف عن السب واللعن والغيظ والحنق والغضب، وأصبحت أتابع أخبار لبنان -كما يفعل الملايين- ومعظم ما يكتب هنا وهناك عن لبنان والمقاومة وحزب الله وقرأت مدونات للدكتورة داليا الشيمي والدكتور أحمد عبد الله والحوار الحي لداليا يوسف وتجربتها في لبنان تحت القصف هي وزوجها وغيرها من كتابات، وكنت أقرأ وأنا أتساءل ما عسى أن تفعل مثل هذه الكلمات وبماذا تفيد حزب الله أو شعب لبنان ومن قبله فلسطين وبينهما العراق وأفغانستان... ماذا تفعل الكلمات أمام الطائرات والدبابات؟ بماذا تفيد النازحين والأطفال والنساء، ماذا تفعل حيال الدمار الذي يلحق بمدن لبنان؟ ماذا تصنع هذه الكلمات مع تصريحات أشاوسنا وبياناتهم التي تزيدنا كمدا وقلة حيلة وشعورا بالعجز.
أشعر بالغثيان بالغصة بالبكاء المكتوم كأصواتنا التي تتجاهلها أنظمتنا، ولا أكاد أصدق أن مثل هذه الكلمات ستغير شيئا... لكنني تذكرت أن الصمت أسوأ وأنه يعين الظالم على ظلمه فضلا أنه يصيبنا بالإحباط ومزيد من العجز، بل ربما يفهم منه الموافقة والمباركة على ما يدلي به زعماؤنا المغاوير المتعقلون من تصريحات، وتذكرت أيضا أن القرآن كلمات لكنها معجزة.
وأن الثورات قامت بفعل الكلمة وكل عروش الجبابرة تزعزعت من هول الكلمة، فالكلمة هي أول الغيث سنقولها لو لم يسمعوها سنقولها مهما حاولوا تكميم الأفواه مهما حاولوا قطع الألسن سنصرخ بها حتى تصم آذانهم سندوي بها لتكون أعلى من أصوات المدافع والطائرات أعلى من صوت أبواق الباطل التي تطنطن في كل مكان.
أما أنت يا لبنان يا ست الدنيا نعتذر إليك لأننا لا نملك -إلى الآن على الأقل- سوى الكلمة لكن ثقي تماما أن لا شيء يستمر... لا شيء.. سننظر غدا لكل ما يحدث ونردد على مسامع أولادنا في حكاياتنا: "كان ياما كان كان هناك طغاة ظنوا أنهم سيغلبون وأنهم بقوتهم الواهية وأعوانهم الخونة سينتصرون ولكن نسوا جميعا إنهم مكروا ويمكر الله والله خير الماكرين"...
واقرأ أيضاً:
الأستاذة عزة تقول.... / حوادث مصر المحروسة