دفقة أمل 4: هذيان!
بصراحة، بصراحة، حاولت أن ألملم شعث الكلام، وأجمعه في مدونة، ولكن لم أستطع أن أكتب مدونة ذات فكرة محددة.. لماذا؟ لأن حال الحكام العرب، تجعلني أشعر بأني في حالة هذيان.. واليوم مع اجتماع وزراء الخارجية العرب في لبنان.. حالة الهذيان عندي وصلت إلى ذروتها.. ولذلك أرسم بالكلمات بعضاً من الأفكار والأسئلة الساذجة التي هاجمت تفكيري.. ومعليش يا جماعة الخير اصبروا عليّ ألسنا جميعاً هنا مجانين؟
- من أروع الأعمال المسرحية التي قدمها الأخوين رحباني مسرحية ناطورة المفاتيح، وهي مسرحية تحكي قصة ملك ظالم يبطش بأهل مملكته، ويثقل كاهلهم بالضرائب، ويكمم الأفواه، فيجد أهل المملكة أن الحل الوحيد أن يرحلوا جميعاً ما دام الملك لا يريد أن يتنحى أو يغيّر من حاله.. ورحلوا.. فأطلق المساجين ليحكمهم.. فهربوا.. ترى، لو أن الشعوب العربية فعلت مثلما فعل أهل هذه المملكة الخيالية.. تاركين كل شيء وراءهم للحكام.. ماذا سيفعل هؤلاء؟ هل سيستوردون شعوباً من كوريا وتايوان؟ هل سيطلبون من بيار بن كاردان أن يفصل لهم شعوباً "سينييه" "ليتمقطعوا بها" ويبهدلوها ويقمعوها؟
- من لم يمت بالسيف مات بغيره.. طالما أن نهاية كل بني آدم هي الموت.. وطالما أنك في الوطن العربي مجبر على الاختيار بين الموت والموت.. الموت كمداً، أو الموت جوعاً، او الموت قمعاً.. وإن أفلتت من ميتة النظام فلن تفلت من القنابل الذكية التي جاءت لتخلصك من النظام وتعلمك الديمقراطية على أصولها، وطالما أن الأنظمة أصلاً تريد أن تتخفف قدر الإمكان من الكثافة السكانية، فلماذا لا يتخلصون منا في ساحات القتال؟ نحقق هدفنا بالشهادة ويحققون الرفاه الاجتماعي الذي يحلمون به، لأن معدلات التنمية ستطال شريحة أوسع من الناس بعد أن يتم التخفف من الفائض، ثم هناك أهداف أخرى يمكنهم تحقيقها، فبإمكان أنظمتنا الموقرة من خلال إرسالنا إلى ساحات القتال، أن تتخلص من طويلي اللسان، والمنظرين المتنطعين الذين لا عمل لهم سوى تعكير صفو الخطط الحكومية، وأصحاب المخيلات الجامحة، والغوغاء.. والدهماء والرعاع والضاسة، وال... سيخلو الجو لهم تماماً ليفصلوا مجتمعهم المثالي كما يحلمون به..
وعندي فكرة تجنبهم الأزمات الدبلوماسية مع أمريكا وإسرائيل.. اسحبوا الجنسيات ممن ترسلونهم إلى ساحات المعارك، فهم أصلاً لا يحلمون بالعودة، إذ تشخص أبصارهم وتشرئب أعناقهم إلى مكان أوسع وأجمل وأكثر أمناً وسلاماً وهدوءاً.. إلى الآخرة!
- بصراحة ما زلت مشدوهة من دموع رئيس الوزراء اللبناني.. أول مرة أرى زعيم بلد منتصر على قوة عاتية يبكي ويصر على المسكنة بدل أن يستثمر النصر ويبادر إلى الهجوم.. عنده حق، فما يحدث لا يصدق... والشعور بالكرامة يحتاج إلى تدريب تدريجي على كيفية استيعابها.. وإلا فالعيّنة المعنية ستواجه أزمة نفسية لا فكاك منها (مع الاعتذار للأطباء النفسيين في هذا الموقع بسبب تطفلي على المهنة).
- هل تعلمون أن المساعدات "الإنسانية" التي انهالت على النازحين في لبنان فيها أغذية فاسدة، وقد أخذت حالات التسمم تنتشر بين النازحين! لا أرى في المساعدات الإنسانية غير مرآة للمساعدات السياسية.. وربنا يستر..
- هناك شيء لا أفهمه.. اذا كانت الأنظمة في معظم البلدان العربية قمعية شمولية بوليسية، تتجمل بالديمقراطية الشكلية، ولا حول ولا قوة ولا خيار أمام الشعب إلا أن ينتخب ويسعد برؤية رئيس واحد.. مرة واحدة وإلى الأبد.. فلماذا نحن في لبنان أكثر البلدان العربية حظاً بجرعات الديمقراطية الكبيرة.. ننتخب نفس الزعماء؟ شفتوا.. نحن أفضل مثال.. العيب فينا وليس في الحكام.. ولو كان فيهم عيب، لما انتخبناهم.. يكفي افتراء على الحكام يا جماعة.. ليس لنا عنهم غنى!
- سؤال أخير أوجهه لأطباء ومستشاري مجانين وأطمع بإجابة صادقة.. هل لجرعات الكرامة والانتصار والحرية عوارض جانبية شديدة الوقع على الإنسان؟ هل هي مؤلمة؟ مميتة؟ هل هناك مراجع علمية تشرح بالتحديد بماذا يصاب من يتلقاها؟ وهل تأثيرها على المواطن غير تأثيرها على الحاكم؟ أفيدونا أفادكم الله..
8/8/2006
واقرأ أيضاً:
قانا...مذبحة إسرائيلية جديدة / مؤتمر دمشق لأطباء النفس العرب (3) / البحث عن عباس مشاركة