ساخن من لبنان أخيرا دمشق... أخيرا
في صباح الجمعة الثامن عشر من أغسطس خرجنا في التاسعة والربع صباحا من فندق ميريديان دمشق في طريقنا لعبور الحدود بين سوريا ولبنان متجهين إلى بيروت، واستمرت صورة دمشق كما تشكلت في ذهني بالأمس، كأنها القاهرة.... وإن بدت الطبيعة أجمل لكنني أترك دمشق ولم أدخل المسجد الأموي ولا رأيت نهر بردى ولكن لا وقت لكل ذلك،... خرجنا من دمشق إذن وأخذنا الطريق إلى بيروت... جبال وخضرة وأماكن سياحية كثيرة، ولكن الملفت أن الطريق بوجه عام كان مكتظا بالسيارات ذات الأحجام المختلفة ولوحات الأقطار العربية المختلفة وكان واضحا أن المتجهين إلى بيروت كثيرون.
وقفنا عدة مرات في الطريق أولها كان عند بوابة الحدود من على الجهة السورية وتذكرت دريد لحام وفيلمه الحدود، وتمنيت ألا نجد معاناة كمعاناته، ولم تكن هناك على الجهة السورية مشكلات فقط كان هناك ازدحام للسيارات وقوافل الإغاثة من الكويت ومن قطر ومن غيرهما، ووجدنا على البوابة عددًا من الناشطين في مجال الإغاثة وبدا لي أنهم يبحثون عن من يسلمونه ما لديهم من مواد إغاثة، وكأن الهدف هو التخلص من أحمالهم.... أقول ذلك لأننا بمجرد فتح باب الحافلة -التي كانت تقلنا وفريقا من مؤسسة قطر الخيرية يقودهم الدكتور عبد الله النعمة- فوجئنا بكومة من الأكياس توضع في الحافلة في البداية ظننا أن أحدا يزودنا بملابس واقية أو شيئا من هذا القبيل ثم اكتشفنا أن محتويات كل كيس هي أدوات نظافة شخصية باعتبارنا من النازحين، لم يسألنا أحدٌ ولا استأذننا أحد، فهل كان الأخوة الكويتيون يودون التخلص من أحمالهم؟!
حين وصلنا إلى بوابة الحدود من الجهة اللبنانية بدأت مشاهد آثار العدوان تتوالى حتى أنها أنستني ما جابهنا من صعوبة في الدخول لسبب لم نفهمه فما أعرفه أن جوازات سفرنا تحمل تأشيرة كتب عليها سفر عاجل وإجازة دخول للبنان لكننا رغم ذلك استدعينا ليقابلنا الضابط اللبناني وملأنا استمارات مرة أخرى... ولكن كله يهون ومنه لا شيء أذكره تحديدا......... سيارات ملقاة على جانب وقد تحولت بفعل القصف إلى كتل من الصفيح المحترق، وجسور عملاقة تراها مقطوعة بفعل القصف، وما بين الفينة والفينة يضطر سائق الحافلة إلى سلوك طريق جانبي لأن الطرق الأصلي تعرض للقصف ولم يتم إصلاحه بعد.
برغم كل ذلك لم يستغرق الطريق ستة ساعات كما حسبنا في البداية وإنما كنا بعد ما يزيد بقليل عن ثلاثة ساعات كنا في بيروت وبدأت مشاهد الهدم تتوالى...... لم تكن في أي مكان بكثافة ما كانت في ضاحية بيروت الجنوبية، ولم ندخل في طريقنا هذا إلى داخل الضاحية لكننا لمحنا آثار الدمار، وواصلنا طريقنا بعد ذلك إلى مكان إقامتنا في أحد فنادق بيروت،.......
لم يكن من نزلاء فيه إلا أربع ثلاثة منهم من قطاع الأخبار بإسلام أونلاين وأضيف ثلاثتنا لهم، وبعد وصولنا بنصف ساعة مر بنا الأستاذ بشار شوبارو صاحب واحدة من أهم دور النشر اللبنانية التي كانت قد نشرت كتب مشاكل وحلول للشباب، وأصر الرجل على اصطحابنا للغذاء وقبلنا الدعوة وكانت في البداية على غذاء بمطعم صيني في المدينة الكبيرة التي بناها الرئيس الحريري رحمه الله، وفوجئنا بأن المطعم مغلق وهذا بالطبع بسبب خلو البلد من السائحين ومن كثيرين من أهله، وعندها قرر الأستاذ بشار اصطحابنا إلى مطعم للمأكولات البحرية وكان غذاء رائعا خدع ثلاثتنا فيه بأكل السلطات المتتالية حتى امتلأنا لنفاجأ بأن الصحن الرئيسي لم يقدم بعد... لكن الملاحظة المهمة كانت أننا كنا الوحيدين في المطعم، وهذه صورة لم أعهدها من قبل في لبنان فهو بلد تزدحم منشآته بالناس من كل بلدان العالم،............ إنها الحرب لا أعادها الله.... ولكن المجد باقٍ للمقاومة.
18/8/2006
ويتبع >>>>>>>: ساخن من لبنان السبت 19-8-2006
اقرأ أيضا:
لبنان لماذا؟ وفلسطين والعراق لا؟ مشاركة / ليه مش بتمسك إيدي، مشاركة