رأيت فيما يرى النائم أنني أتمدد في نعشي يحملني جمع من الأحبة يخرجون بى من مسجد الحسين الشهيد وما أن وصلنا إلى الباب حتى انقض على النعش عدد من النسور من المؤكد أن لي بها سابق معرفة ولكنها غير مريحة، وقال كبير النسور دون اكتراث: "اطمئنوا سنواريه التراب بعد عمل الترتيبات الإعلامية الروتينية، والآن انصرفوا حفاظا على هدوء واستقرار الموتى".
ولكنني ساورني شك قديم فقفزت من النعش ورحت أتجول في حي الجمالية القديم أصافح أصدقاء الزمن الأول وأدعوهم لحضور الجنازة الشعبية ولكن أكثرهم حياني بلطف معهود واعتذر بحجة الانشغال في العمل، وبعضهم قال: "اللي يعوزوا البيت يحرم ع الجامع"، ولكنني علمت من بعض المقربين أن شيخ الحارة أبلغهم أن يلزموا بيوتهم اتقاءا لحر الشمس وغضب الرب، وخاصة في هذا اليوم الذي ينقل فيه الثور الأرض من قرنه الأيسر إلى قرنه الأيمن.
وفي أحد أركان الحارة كان مجموعة من الصبية والفتيات العرايا يغنون ويرقصون فألقيت عليهم السلام ولكن أحدا منهم لم ينتبه وخيل إلي أنهم سكارى بمناسبة تدشين تمثال الحرية، بينما وقف بجوارهم رجل يبيع كتاب تفسير الأحلام وتذكرة داوود مقابل خمسة آلاف جنيه للنسخة الواحدة. وحين وصلت إلى بيتنا رمقتني أمي بنظرة حازمة غاضبة وقالت: "إياك أن تموت دون أن تزيل صور المرشحين من على جدران الحارة وتطرد هؤلاء السكارى من أمام بيت السحيمي"، وحين هممت أن أفعل نزل وزير الإسكان السابق من صوره التي غطت بيوت الجمالية وحذرني من تنفيذ الوصية، وأنذرني بأنه قادر على إعادتي إلى قبضة النسور فهممت أن أصرخ ولكني ترددت وأصابني القلق.
وسمعت مناديا ينادي: "لابد من العودة إلى القبر قبل أن يحل الظلام" فرأيت حشدا كبيرا من أهل الحارة بينهم سعد زغلول ومحمد عبده ومكرم عبيد وطلعت حرب يخرجون من قبورهم ويكسرون الحاجز الحديدي بين الحسين والأزهر ليعيدوا إلى الميدان اتساعه القديم وليضعوا مكبرات الصوت في أركانه استعدادا للإحتفال بالمولد، ولكن كبير العسكر اقترب منا على غير معرفة مؤكدة بنا وتفحص وجوهنا وقارنها بصور مسجلة في تقرير لديه وقال:
"أنتم مطلوبون لدينا بتهمة تعليم أهل الحارة الطيران بدون تصريح رسمي"، وحاولنا إقناعه بأن أهل الحارة في عداد الأموات منذ زمن، ولكنه لم يعبأبنا وأشار بيده فإذا جحافل سوداء من العسكر تتوافد لتملأ الميدان، وشعرت بشئ يجثم على صدري فاستيقظت من نومي ونطقت الشهادة ورحت أدق على أبواب أهل الحارة والحارات المجاورة في المقابر يحدوني الأمل في أن يصحو قبل أن يهرب اللصوص.
05/09/2006
واقرأ أيضا:
الشخبطة السياسية / طبيب نفسي أم طبيب كيميائي / سهرة مع سكان القبور (1)
وفي أحد أركان الحارة كان مجموعة من الصبية والفتيات العرايا يغنون ويرقصون فألقيت عليهم السلام ولكن أحدا منهم لم ينتبه وخيل إلي أنهم سكارى بمناسبة تدشين تمثال الحرية، بينما وقف بجوارهم رجل يبيع كتاب تفسير الأحلام وتذكرة داوود مقابل خمسة آلاف جنيه للنسخة الواحدة. وحين وصلت إلى بيتنا رمقتني أمي بنظرة حازمة غاضبة وقالت: "إياك أن تموت دون أن تزيل صور المرشحين من على جدران الحارة وتطرد هؤلاء السكارى من أمام بيت السحيمي"، وحين هممت أن أفعل نزل وزير الإسكان السابق من صوره التي غطت بيوت الجمالية وحذرني من تنفيذ الوصية، وأنذرني بأنه قادر على إعادتي إلى قبضة النسور فهممت أن أصرخ ولكني ترددت وأصابني القلق.
وسمعت مناديا ينادي: "لابد من العودة إلى القبر قبل أن يحل الظلام" فرأيت حشدا كبيرا من أهل الحارة بينهم سعد زغلول ومحمد عبده ومكرم عبيد وطلعت حرب يخرجون من قبورهم ويكسرون الحاجز الحديدي بين الحسين والأزهر ليعيدوا إلى الميدان اتساعه القديم وليضعوا مكبرات الصوت في أركانه استعدادا للإحتفال بالمولد، ولكن كبير العسكر اقترب منا على غير معرفة مؤكدة بنا وتفحص وجوهنا وقارنها بصور مسجلة في تقرير لديه وقال:
"أنتم مطلوبون لدينا بتهمة تعليم أهل الحارة الطيران بدون تصريح رسمي"، وحاولنا إقناعه بأن أهل الحارة في عداد الأموات منذ زمن، ولكنه لم يعبأبنا وأشار بيده فإذا جحافل سوداء من العسكر تتوافد لتملأ الميدان، وشعرت بشئ يجثم على صدري فاستيقظت من نومي ونطقت الشهادة ورحت أدق على أبواب أهل الحارة والحارات المجاورة في المقابر يحدوني الأمل في أن يصحو قبل أن يهرب اللصوص.
05/09/2006
واقرأ أيضا:
الشخبطة السياسية / طبيب نفسي أم طبيب كيميائي / سهرة مع سكان القبور (1)