ساخن من لبنان الخميس 24-8-2006:
ساخن من لبنان:برج البراجنة
بيروت دمشق القاهرة
في حوالي الثالثة إلا قليلا بدأنا رحلة الخروج من بيروت وكنا في سيارة فخمة يملكها المهندس الميكانيكي اللبناني محمد الشيخ وهو أحد أصدقاء الشيخ أيمن عبد الوهاب، كان غاية في الأدب والشهامة والحزم والرغبة في تقديم الخدمة لضيوف لبنان حتى وهم عنها ذاهبون، تشعر منذ اللحظة الأولى أنه أخ لك وليس فقط صديق، تحدثنا كثيرا عن الوضع وحكى لنا أن بيته مطلٌّ على حديقة الصنائع التي كانت تعج بالنازحين، وكيف أعجبه تماسكهم وطاعتهم لأوامر السيد حسن نصر الله وكيف أنهم بمجرد أن طلب منهم الرجوع كل إلى مكانه قبل النزوح رجعوا وهم مستعدون لكل مصير ولم يتخلف أحد منهم!
وفي منتصف الطريق كانت تنتظره أخته وابنتها لأن البنت ذات الستة عشر ربيعا كانت ستسافر معه إلى دمشق لتبقى في جوار أحد أفراد العائلة في مرضه –شفاه الله- وتحدثت معها سمر بينما انشغلت أنا بالحديث مع المهندس محمد الشيخ عن فكرتي حول إعادة الإعمار بشكل يجعل مهمة عدونا أصعب كثيرا وألا نستخدم منتجاتهم في البناء، ونبهني إلى مشكلة الرقعة المتاحة وبوضوح أكثر للشيعة من أهل لبنان وهنا كانت الغصة التي ألمت بحلقي ولكنني قلت له هم المقاومون ولكل لبناني مقاوم أن تعينه على المقاومة أليس كذلك؟
قطع حديثنا أن طلبت سمر منه الوقوف عند أي مكان بيع جرائد لتشتري جريدة حديثة الصدور في لبنان اسمها الأخبار، وبعد أن عادت وأصبحنا على مقربة من الحدود توقف أمام محل لبيع الأجبان اسمه على ما أذكر أولا جابر وقال لي أنهم يقدمون قهوة لزائريهم ونزلت لأدخل المحل وداخله دار حوار بينه وبين رغد سألها هل أحضرت معك هويتك فقالت لا! هي في الحقيبة –وكان من الواضح أن تلك الحقيبة حقيبة غير حقيبة اليد التي تحملها معها وغير التي في صندوق السيارة الخلفي- عاد بنا إلى السيارة وبحث في حقيبتها الكبيرة ليتأكد من عدم وجود هويتها معها...... ولأنه يعرف أننا على موعد في سوريا... تنرك البنت في ذلك المحل وأجرى بعض المكالمات وقال لنا "ما بدي عطلكم"،....... ولم نكن نملك اختيارا لأنه يشعرك وهو يتصرف أنه أنت نفسك!
وصلنا الجانب اللبناني من الحدود ونزلنا لختم الجوازات وتغيير العملة ببعض العملة السورية، ولا أنسى هنا ضابط الجوازات – تحت لافتة الجوازات الدبلوماسية- الذي سأل سمر عن سبب زيارتنا فقصت عليه طرفا من الحديث فختم لها الجواز مبتسما وأكمل الحديث معي، وختم لي الجواز شاكرا... شكرته وأعطيته كارتي الشخصي واتجهت وأنا أحبس الدموع الخانقة إلى باب الخروج فناداني اثنان أحدهما المهندس محمد وأشاروا إليه فعدت لأجده يسلمني ورقة صغيرة فيها اسمه "جميل" ورقم هاتفه! وعندما رأت الموقف سمر هربت دمعتان من عينيها ولا أذكر شيئا بعد.... غير الطريق إلى الصراف ثم عبور الحدود السورية الذي استغرق وقتا أطول بعض الشيء.
في الطريق من بعد الحدود السورية إلى دمشق أمطرنا المهندس محمد بنكاتٍ كثيرة عن السوريين واللبنانيين وضحكنا من قلوبنا ونحن نرى تشابه النكات مع نكاتنا في مصر، وهو بالمناسبة متزوج بسورية تدير أمها واحدة من أهم الجمعيات الأهلية النسائية في مصر، وصلنا إلى مشارف دمشق وبدا لنا جبل قاسيون أو جبل المهاجرين كما أصبح اسمه وتمنى أن يسمح وقتنا بأن يأخذنا في زيارة له وقت الغروب لنرى المآذن الخضراء وهي طالعة من دمشق إلى السماء.
كان أهم ما نريد فعله في دمشق هو زيارة سوق الحميدية لتصوير بعض لافتات التأييد لحزب الله في واحدٍ من أهم أسواق سوريا وهذا يخص سمر أما أنا فكنت بحاجة لشراء ما أعود به لأهلي وولدي ولو حتى بعض المكسرات الشامية، وتمنيت رؤية المسجد الأموي من الداخل، لكننا لم نكسب من وقتنا في دمشق إلا زحمة السير سواء في السيارة أو مترجلين، ووصلنا المطار متأخرين...... متأخرين.... حتى كادت الأستاذة سمر تهدد بأن تتصرف بشكل ديكتاتوري! باعتبارها منظمة الرحلة، طمأنتها وقلت لها تذكري أن الله معنا من أول الرحلة إلى آخرها ييسر لنا من يهون علينا كل ما نتخوف أو نتحسب منه، وقد كان... فبينما محمدٌ ضيع الطريق إلى المطار واضطررنا مرارا للسؤال... جاءتنا مكالمة من عماد العمدة مدير محطة دمشق في شركة مصر للطيران ليبلغنا بأن موعد إقلاع الطائرة أجل نصف ساعة، أكيد ليس من أجلنا... ولكن من يدري هل أحد يعرف السبب؟؟
اقرأ أيضا:
ساخن من لبنان:برج البراجنة/ ليه مش بتمسك إيدي، مشاركة