الدعم النفسي... (4) طريق لبنان
كنت أعتقد طوال حياتي أن أسوأ شيء يمكن أن يحدث في هذه الدنيا هو الحرب.. وإن سألتني لم؟ لقلت لك لأن بها كل المصائب والأحداث المكروهة التي يمكن أن تحدث لك!! ففيها الخوف والقلق، الدمار والنار، والفقد لمن هو عزيز ولما هو غالي وقيم... فبها التساؤل ماذا سيحدث بعد لحظات؟ كيف يمكن أن أنام؟ متى ستنتهي؟ كيف أعرف أخبار أحبتي؟... وحتى لا تتسلسل هذه الأفكار السلبية إلى ما لا نهاية كنت أتوقف وأدعو الله سبحانه وتعالى ألا أشهد حرباً في حياتي!!
لكنه عوز وجل أراد أن أعرف أ أحداث حياتنا ليست سيئة أو جيدة بقدر نظرتنا نحن إليها.. وكتب لي زيارة لبنان بعد وقف إطلاق النار مباشرة فتغيرت رؤيتي للحرب 180 درجة!!
لقد رأيت بعيني وسمعت بأذني إيجابيات الحرب... سمعت أن فقد الأحباء لا يدعو للاكتئاب مادام هناك قضية نضحي من أجلها، وتهدم المنزل بما فيه لا يعني أننا أصبحنا مشردين بل يعني أننا سنعمره بشكل جديد.. لم تعد الحرب تساوي الخوف، ذلك أننا في الحياة اليومية نهاب الموت فلا نفكر فيه ونعتقد دوماً انه مؤجل وأننا "سنموت فيما بعد"، ولكن حين تجابه الموت وجهاً لوجه فإنك تقتل هذا الخوف وتكف عن كرهك للموت... لا تصل إلى درجة حب الموت ولكنك لا تكرهه أو لا تهابه!!
رأيت بعينيي ابتسامات وضحكات هنا وهناك، رغم الفقد تجد أناس يعملون ويتنزهون على شواطئ لبنان، وأطفال يلعبون، ودمار يقل يوماً بعد يوم وعمار يبدأ ليزدهر، وجسور ترمم وطرق ترصف...
إن الله تعالى هو صمد من لا صمد له، وعون من لا عون له... ومن يتوكل عليه حق تكاله لا يفرج كرباته فحسب، بل يفتح عليه بركات من السماء ومن تحت الأرض... يجدد الصبر والرضا والهدوء والتقبل من داخله، ويحظى بالمساندة والصحبة والحب ممن حوله... يدرك أن إيجابيات الحرب كثيرة.. هذه هي الحرب كما أرادني الله أن أراها.
ويتبع >>>>: الدعم النفسي.. (6) لأصعب حرب
واقرأ أيضاً:
الجيل الصاعد... يقف بجانبك / وزيرة... زوجة شهيد؟