مما حفظته في مطلع شبابي قول أحدهم يصف الإعلام المعاصر بأنه مثل سحرة فرعون حين سحروا أعين الناس واسترهبوهم، وحين ألقوا حبالهم وعصيهم فخيل للناس من سحرهم أنها تسعى!!
وطوال الوقت كنت أرى الصحف والمجلات، والفضائيات، وكافة وسائل ما أسميته فيما بعد "صناعة المعاني"، كنت أرى هذه الأدوات تعمل في غير اتجاه البناء كما أتصوره، أتحدث عن الأغلبية الساحقة من البرامج والمواد المقروءة والمسموعة والمرئية!!
ويتساءل المرء حين يرى المسلسلات والمسابقات والحوارات على الشاشات لحساب من تعمل هذه القناة أو تلك؟! عمن تعبر؟! وإلى من تتوجه؟! ومن تستهدف؟
وحين نعقد أية مقارنة مع الإعلام الغربي فنجد رسالة واضحة محددة يتم توصيلها بحرفية عالية، وعبر وسائط متنوعة وجذابة، نشك في أن إعلامنا أيضا وراءه تخطيط يعمل للضرر العام، أو لإشاعة التفاهة، أو التسطيح والغيبوبة "ما زلت أتكلم عن الأغلبية"، والملفت للنظر أن مسارات الإعلام البديل، من إنترنت وما شابه، تكاد تتورط هي الأخرى في أجندة تبتعد بالوعي عن المتون والأصول إلى الهوامش والفروع، ونظرة واحدة على أرشيف أية مجموعة رسائل، أو مواقع فردية وجماعية توضح ما أقول.
المثال الحي على ما أقول هو ما جرى بعد حرب لبنان، والنصر الذي نتج عنها، وظل مفتقدا للمراجعة وللتوثيق والاستثمار، بينما الإعلام الغربي غارق حتى أذنيه في قضايا وموضوعات أخرى غير هذا، وبينما مواقع الإنترنت، ومجموعات الاهتمامات عليه تتداول رسائل عن فرضية الحجاب من عدمه، أو الرد على تصريحات البابا، وسط جمهور يجمع على رفضها أصلا!!
أو غير ذلك من قصص وحكايات، ومشاحنات ومجادلات، أو سباب وشتائم، أو ردود على سباب وشتائم؟!
والحصاد تشويه وتشويش يتجمع ليكون بمثابة تاريخ بديل للتاريخ الأهم والحقيقي، فلو أن مؤرخا عاد للصحف والمجلات وأشكال التوثيق ليعرف اهتمامات الناس في هذه الأيام والشهور التالية فورا للنصر على إسرائيل في لبنان لو جد تاريخا غير الذي نود إثباته... فهل تزييف الوعي شيء آخر غير هذا؟!وهل التلاعب بالعقول والعواطف هو موضوع آخر؟!وما العمل؟!
تعالوا لمناقشة هذا الموضوع يوم الخميس القادم 2/11/2006 في ساقية الصاوي مع ضيفنا الدكتور مصطفى اللباد خبير الشئون الاستراتيجية التركية والإيرانية، وقد صدر له حديثا عن دار الشروق كتاب: حدائق الأحزان : إيران وولاية الفقيه.
ويتبع >>>>>: على باب الله: الإعلام، وصناعة تاريخ بديل2
واقرأ أيضًا:
المجرم الأخير مشاركات/ على باب الله: رائحة العيد