أغاظتني فقرة أذيعت في برنامج البيت بيتك يوم الاثنين الماضي الموافق 4/12/2006 والذي يذاع على القناة الثانية المصرية ويقدمها المذيع الذي هبط على البرنامج من إذاعة شبابية تروج للأغاني السريعة الخالية من المضمون والمعنى مع بعض البرامج الخفيفة التي يتابعها الشباب بشغف لا يختلف كثيراً عن متابعة قنوات الفيديو كليب التي تعتمد على جسد المرأة في نشر سلعتها!
وهو نفس مضمون الفقرة التي قدمها المذيع اللامع والتي استضاف فيها من وصفها ب"النجمة اللامعة" التي يحب كل المصريين أفلامها! وربما كان يقصد التي يحب المصريين "الفرجة" على المايوهات التي غالباً ما ترتديها في هذه الأفلام!
والحقيقة أن الفقرة استفزتني للغاية لأنها كانت عن فتيات الأزياء وعرض الأزياء ومواصفات عارضة الأزياء الجيدة وكيف تعمل الفتاة ك "model". تحدثت النجمة اللامعة عن (الجسم الحلو) والمشية الرشيقة والأذن الموسيقية، وتصنيفات العارضات، واختلاف العمل في الفيديو كليب عن الأزياء عن الإعلانات، وأدهشني أن يقدم إعلامنا الأرضي الذي لا يزال يمثل أعلى نسبة مشاهدة عند غالبية المصريين هذه الفقرة التي تعتمد على شئ أساسي هو تسليع المرأة وعملها في مهنة تعتمد أن يكون (جسمها حلو)! لأن الناس أو الجماهير "هتتفرج" عليها!
ولست في حاجة إلى القول أن تلخيص المرأة واختزالها في جسدها رؤية قاصرة بل ومتدنية لها، بل أن تداول هذه الفكرة يؤدي إلى عاديتها وانتشارها بصورة لا تدعو للتأمل أو التفكير في مدى نفعها. فهل دور المرأة في هذه المهنة يساعد المجتمع على النهضة. ونحن دولة نامية؟ هل يعقل أن مجتمعاً يسوده الفساد والرشوة والفوضى المجتمعية بداية من حركة المرور العبثية ومروراً بتدني الأجور وارتفاع جنوني في الأسعار وتدني قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأخرى، والبطالة التي أدت لهجرة الكفاءات خارج البلد بحثاً عن مجتمع يحترم مهاراتهم وإبداعهم وانتهاء بصدامات متتالية بين السلطة وفئات مختلفة من المجتمع بداية بالقضاة ثم المحامين والصيادلة مؤخراً، ومع كل هذا نتحدث عن مهنة تتطلب الجسم الحلو، هل هذا يعقل يا ناس؟!
بدلاً من البحث عن دور فعال للمرأة في المجتمع، وتدريبها للقيام بدورها التربوي كأم أولا وراعية مسؤولة عن بيتها وناشطة في مجتمعها الصغير ثم الكبير ثانياً نتحدث عن هذه التفاهات؟
لو نظرنا لما يمكن أن تفعله المرأة في مجتمعها لوجدنا الكثير، فالمرأة الألمانية مثلاً هي التي بنت ألمانيا بعد خروجها من الحرب العالمية الثانية بهزيمة قاسية دمرتها، حتى أصبحت من القوى العظمى في العالم فهل نستوعب الدرس؟
لماذا الدعوى للتركيز على الجسد؟ لماذا هذا الإصرار العجيب؟
وكنت أثرت هذه القضية ذات مرة مع صديق محدثة إياه أنني استفز من استغلال المرأة وجسدها المنتشر هذه الأيام في الإعلانات فأخبرني أنهم في مجال الإعلان يعتمدون على قاعدة تقول sex sells أي أن الجنس يبيع! ولا تعليق!!
ونفس الموضوع تطرقت إليه في حواري مع الدكتورة هبة رؤوف عزت والمنشور على موقعي لها أون لاين www.lahaonline.com ومجانين، وترى الدكتورة هبة أن تسليع المرأة المنتشر في وسائل الإعلام العربية جزء من منظومة كبيرة تديرها وسائل الإعلام الغربية اعتماداً على العولمة وتطبيقاً وإعلاءً للجسد والماديات على حساب المعنويات. ونحن نسير كالقطيع وراءهم بلا مراعاة لخصوصيتنا الثقافية والفكرية والحضارية،وأننا نريد أن نبني مجتمعاتنا، فيكفى ما نحن فيه، فقد وصلنا إلى القاع!
واقرأ أيضا:
يوميات ولاء في عيد ميلادي ...أنا متفائلة / المصالحة مع النفس / اعترافات أنثى: وأنا ...مسترجلة! / اعترافات أنثى: متهمة بــ..الرومانسية!