قالت الخالة: رأيت في منامي العذراء والمسيح يخبرانني أن أمتنع عن الطعام تماما حتى أسمو. كانت آخر كلمة تقولها في الموضوع.. ما بك؟ ما الذي يشغل بالك؟ لماذا لا تأكلين معنا؟ سألها الجميع. معرفش كانت الإجابة تلقيها بدون اهتمام.
هالات سوداء حول عينيها الغائرتين للداخل ومنظر ينبئ بكارثة. قالت لي الجدة -أمها- وهي تشير بإصبعها: لقد أصبحت شبحا كما ترينها ولا يبدو في الأفق أدنى أمل. سألتها ولا حتى الأخ الحبيب الغائب؟ ردت: إنه قادم نهاية هذا الأسبوع من الصحراء حيث مكان عمله. يخرج الأخ الحبيب من باب شقتها مخبرا الجدة أنها اتفقت معه على مراجعة الطبيب.
بعد أيام طرقت بابهم فاستقبلتني الجدة قائلة أهلا يا دكتورة تفضلي أهلا وسهلا جلست فانحنت على أذني تهمس لقد قال الطبيب أن هناك سرا بينها وبين الزوج هو ما أدى لتفاقم الحالة لقد أبت أن تخبر أحدا ولا حتى الطبيب. ماذا نفعل؟ أجبتها اسألوا بناتها أردفت: إنهم يخافون على صورة أبيهم المسافر للخليج أن تتشوه. ذات مساء رأيت الجدة تجلس على كرسي وتفرد ساقيها على المقعد المقابل وتحدق في الفراغ سألتها: ما بك يا جدة؟ قالت: لقد رأى الطبيب البدء بالكهرباء.
أي كهرباء؟ سألت; ما البيت منور اهو يا حاجة وزي الورد. لم تضحك ولم تعطني حتى ابتسامة. أكملت كلامها قائلة: الدكتور هيعالجها بالكهرباء, بدل ما تموت, سكرها 260. هنا وقفت قليلا ثم ودعتها واعدة إياها بالعودة للنقاش في الموضوع.
أولى البنات تقول هم السابقون ونحن اللاحقون, الثانية ترفض أن هناك خطأ ما.. إن القافلة تسير وأسرتها ترفل في السعادة ولا يزعجها سوى رأي الأخوال: جوزها هو المسئول عن عياها ولازم يبطل جري وراء الفلوس بقى ويجي يشيل بلوته, الثالثة قالت في هستريا: ماما هيكهربوها زي المجانين. أخذت الأولى وقلت لا تتكلمي هل تريدي أن تعرفي المزيد عن العلاج بالكهرباء؟ قالت نعم. فتحنا الانترنت وأطلعتها على بعض الأوراق العلمية. ارتاحت وشكرتني وأرادت أن تعلم أخواتها بالأمر.
الأخ الصغير المراهق يحاول تناسي الموضوع إن أمه مريضة, أو أن الأسرة في مأزق يحكي ويضحك ويلعب بدون أدنى مسئولية أنت الآن كبير والدتك تحتاج إليك وأنت تعرف كيف تساعدها.. قهقه وعندما فتحت فمي لأكمل الكلام كان قد بدأ في المغادرة بالفعل.
صباح اليوم التالي وبينما أنا ذاهبة لعملي مررت علي بيتهم فوجدت الجدة مسهمة كالعادة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ردت السلام وسألت:صحيح إيه رأيك يا دكتورة طالما حلمت بالمسيح نوديها الكنيسة ليعالجوها هناك؟ رأت الانزعاج على وجهي فأكملت أو حتى نجيب لها شيخ هنا في البيت.. يخرب بيت.. خرجت من فمي دون قصد استدركت الجدة كلامها وقالت هنوديها لدكتور ثاني ونشوف هيقول إيه, من الخميس للسبت مفيش مشكلة. التفت مغادرة ورأسي ينبض بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فأن لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.. ودعوت.. يا رب احمي عبادك المجانين من جهل وتحامق عبادك العاقلين.. آمين يا رب
11/03/2007
اقرأ أيضاً:
ماذا تعنى لك المدونات؟ مشاركة/ ماذا تعني لك المدونات؟عن الصداقة أتحدث