تعالوا اليوم نتحدث عن الصراعات.......
طبعاً لا شأن لنا بالصراعات الخارجية: صراعات دولة مع دولة أو حضارة مع أخرى...... ولا شأن لنا حتى بالصراعات بين الإنسان ومجتمعه الخارجي...... اتفقنا؟
دعونا فقط في صراعات الإنسان بينه وبين نفسه..... صراعاته من أجل الوصول إلى حالة معنوية جميلة جداً: الرضا....!
هناك ثلاثة أنواع من الصراعات يمر بها الإنسان بينه وبين نفسه:
1- صراع يحتِّم عليك أن تختار بين أمرين كلاهما تريده...... وبشدة....... ولكن للأسف لا يمكن أبداً الجمع بينهما: إما هذا وإما ذاك...... اختر واحداً وضحِّ بالآخر.......
مثال: واحد صاحبنا حصل على بعثة دراسية لمدة أربع سنوات في بلاد الفرنجة....... بعثة تؤهله لمستقبل عملي رائع بعد عودته....... فقط أمر واحد: لا فرصة لأن يصطحب معه أسرته التي يذوب فيها عشقاً..... هل يطيق؟....... كيف يختار بيده أن يكبر أولاده بعيداً عن عينيه...... طيب والبعثة؟ والمستقبل......؟
2- وصراع يحتِّم عليك ضرورة أن تختار بين أمرين أحلاهما مر....... ولا مفر: لا بد لك من أن تختار أحدهما........
مثال: واحدة صاحبتنا زوجها جعلها ترى النجوم في عز الظهر...... وفي النهاية ساومها على الطلاق: تريدين الطلاق تنازلي عن حضانة الأولاد...... أو استمري وسط أولادك زوجة لا يرتفع لها صوت بشكوى...... هه...... ماذا اخترتيِ؟
3- وصراع يحتِّم عليك أن تختار بين أن تحصل على "ما تريد" ومعه إجبارياً "ما لا تريد" وبين أن تترك الجمل بما حمل.....
مثال: واحد صاحبنا يموت عشقاً في فتاة...... ويتمنى الزواج منها اليوم قبل غد........ فقط لولا أمها تلك ذات الشخصية النكدية التي يمكن أن تقلب حياتهما غمّا......: أتزوجها وأمري لله أم أنفد بجلدي من تلك الأم وأترك لها البلد بمن فيها؟
أمام الإنسان في مواجهة صراعاته الداخلية أحد ثلاثة حلول يلجأ إلى أحدها: حل ناضج وآخر مَرَضي وثالث مخادع ولئيم......
* أما الأول الناضج فهو أن يقوم الإنسان بحل المشكلة التي أدت إلى الصراع........ وهذا بالطبع أفضل الحلول....... ولكنه للأسف ليس دائماً بالإمكان....... فكثيراً ً يمتلك الآخرون جزءاً لا يستهان به من خيوط اللعبة........ مثلاً: محبوبتك هذه: إلى أي مدى يمكن أن تتأثر –أو لا تتأثر– بما تبثه أمها في أذنيها؟
* أما الثاني المَرَضي فهو أن يفشل الإنسان في حل الصراع ويجد نفسه بالتالي أمام حقيقة أن الرضا سيظل دائماً أملاً مستحيلاً...... فتكون النتيجة أن يقع الإنسان فريسة لأعراض مرض القلق: يعيش حياته كالوتر المشدود ناقلاً لمن حوله التوتر والانزعاج وصانعاً لمشاكل جديدة فوق المشكلة الأصلية...
* أما الثالث فهو أن يترك الإنسان نفسه لحيلة يرسمها له ذلك اللئيم المخادع الذي يسمونه العقل الباطن (سَمِّه العقل الباطل إذا شئت): نعم...... ستظل المشكلة كما هي.. ولكني سأحتال عليك أيها الإنسان –الكلام هنا للعقل الباطن- وأصور لك الأمر بصورة مختلفة تصل بك إلى مرحلة الرضا........ رضا حقيقي أو رضا زائف دعك من هذه الفلسفة...... المهم أن تكون راضياً والسلام......
وهذا الحل الأخير: الحل الزائف المخادع المخدر هو ما يعرف في علم النفس باللجوء إلى استخدام الحيل الدفاعية......
وهذا –عزيزي القارئ– هو موضوع حديثنا القادم إن شاء الله........
واقرأ أيضاً:
تصنيف اضطرابات الشخصية(1) / المريض الغاضب / يقولون أنني لوطي: فكرة وهامية / حكاية فصامي
تصنيف اضطرابات الشخصية(1) / المريض الغاضب / يقولون أنني لوطي: فكرة وهامية / حكاية فصامي