إن علاقة السببية في مفهوم الناس هي نظرة غير مكتملة, ولذا فإن هذه المدونة هي رد على من لا يعتقدون إلا باتباع الأسباب وأنه إذا اتبع سبب معين كالمذاكرة مثلا فإنه سوف يصل لنتيجة معينة وهي النجاح:
فالإنسان يعتقد أنه بقوته على اتخاذ سبب معين وما يتهيأ له أنه استنارة باتباع هذا السبب أنه سوف يصل إلى الهدف أو النتيجة الحتمية.
قصور هذا المفهوم:
إنه بافتراض ثبات قوة الشخص على اتخاذ سبب معين في كل الأحوال على أن يكون هذا السبب مقتضاه نتيجة معينة مثل:
السبب: المذاكرة
النتيجة: النجاح
فإن هذه النتيجة ليست حتمية مهما كان الإتقان في اتباع السبب والشمولية في أدائه فعلى سبيل المثال هناك كثير ممن ذاكر بجد وسهر الليالي ولم ينجح في أداء الامتحان وتوضيح ذلك:
إن هناك الكثير من الأسباب التي تؤثر في تلك النتيجة سواء بالإيجاب أو السلب سواء كانت هذه الأسباب في مستوى إدراكنا أو لا, فنحن لا نرى إلا سببا واحدا أو عددا محدودا من الأسباب وبالتالي فبفرض أننا تمكنا من هذه الأسباب قمة التمكن وأديّناها بالشكل الكامل وبالتالي نتوقع النتيجة الحتمية حسب إدراكنا القاصر, فإن هذه النتيجة لا يجب أن تتحقق بل إن نسبة تحققها من عدمه تكاد تكون غير معلومة بالمرة لأن هناك الكثير من الأسباب الأخرى التي تؤثر على نفس النتيجة المرجوة والتي تتحكم فيها (الأسباب الأخرى) وربما لا ندركها بالمرة.
إذن: من يحقق المعادلة بين تلك الأسباب ويجعل بعضها يتخذ تأثيره ويمنع البعض الآخر من التأثير بل ويتحكم في درجة قوة تأثير كل سبب بعينه؟
إنه: المُسَبِب عزّ وجلّ , الواحد القهار, الحكيم العزيز, إنه الله عزّ وجلّ هو من يعلم كل هذه الأسباب ويعطي بعضها القوة ويلغي تأثير بعضها فتكون النتيجة التي نفسرها نحن بأسباب "على مستوى عقولنا القاصرة" وربما تكون هذه الأسباب "حسب تفسيرنا" ليس لها صلة بالمرة بتلك النتيجة وإنما هي نتيجة لتفاعل مجموعة من الأسباب التي لا ندركها بالمرة أو حدثت بلا سبب بالمرة فأمره تعالى إذا قضى أمرا أن يقول له كن فيكون.
نخلص من ذلك إلى أن: تأثير السبب "الذي يراه عقلنا القاصر" لا يقع إلا بإرادة المُسَبب سبحانه وتعالي، ومن ثمّ فبدلا من التعلق بالأسباب يجب التعلق بالمُسَبب وهو الله عزّ وجل ّ، قال تعالى: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه".
واقرأ أيضاً:
مجنون على الطريقة المصرية / لوّن حياتك