جذب فكري وشعوري تأثير المشاعر المركبة والصادقة على نفوس وفكر ومظهر وسلوك الآخرين من حولنا وأثر ذلك في التواصل الروحي والنفسي بيننا وبينهم. وعندما كنت صغيراً كنت أعرف أن هناك أحداثا وأدواراً في الحياة تزيد فيها المشاعر وكنت أحلم بأن أكبر حتى أعيش هذه الأدوار وأنغمس في التواصل مع الآخرين بالمشاعر التي تسعد النفس وتسمو بالشعور والتواصل الإنساني من مشاعر الحب والرحمة ومشاعر العطف ومشاعر لذة العطاء ومشاعر الوطنية ومشاعر الهمة.
وكنت أشاهد أحداثا في المسلسلات أو في الأفلام وتكون مؤثرة في نفسي جدا، ومؤثرة لكل من يراها وعندما تقدمت في السن وعشت أحداثا أشبه بما رأيت في تلك المسلسلات لم أشعر بسريان المشاعر كما رأيتها في العمل الدرامي فقلت في نفسي أنه تمثيل، ثم راجعت فكري وقلت لا والله أنه من تكاسلنا عن إخراج مشاعرنا بعمق وبكثرة حتى أصبح خروج المشاعر لدينا كوجبات التيك اواي التي تباع في الشوارع والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل إنها تورث المرض.
وإذا تدفقت في التعبير عن مشاعرك لشخص قريب إليك يقول لك (أنت هتمثل أنت جاي من فيلم عربي قديم) ليس المطلوب المبالغة في تأثير الشعور في أفعالنا وفي تعبيرات أجسادنا وحواسنا عنه ولكن التوسط هو المطلوب، وقد ظهر أثر كبت مشاعرنا في ميادين الحياة المختلفة.
ظهر في الأسرة بين الأبناء والآباء بغياب التعبير عن الحب والاهتمام فيبحث عنهم الأبناء في الخارج وظهر أثر كبت الشعور الصادق في شتى الفنون وفي الأعمال الدرامية الحالية فأصبح الشعر المعاصر تيك أواي للمشاعر والفن المعاصر تيك أواي للمشاعر، لابد أن نتدرب على التعبير عن مشاعرنا قبل أن يصبح تبلد المشاعر عادة لنا. وعلينا أن نعبر عن مشاعرنا بالكلمة المعبرة والنظرة الحانية المعبرة والابتسامة الجميلة والحوار الدافئ.
مثلا تكون المشاعر جياشة في فترة الخطبة ثم تبرد بعد الزواج ثم نتهم الزواج أو يتهم أحد الطرفين الآخر بالقصور ولكن القصور من أنفسنا لأن المشاعر كالشجرة إذا لم يهتم بها أحد ذبلت وماتت، فعندما أذهب إلى السوق لشراء بعض الأشياء وأشاهد البائع يعاني من بعض مشاكل عمله أو أرى إرهاقه في العمل كنت أتحدث معه بطريقة غير مباشرة عن عمله يعنى أقول له والله البضاعة جيدة اليوم أو متى ستغلق المحل اليوم أو المكان هذا مناسب محاولة مني للتعايش مع مشاكله ومع اهتماماته.
فلابد علينا أن نجذب من نرغب في التواصل معهم بالتحدث معهم عن اهتماماتهم أو مشاكلهم أو هواياتهم، فالغرب يقول علينا أننا شعوب لا تمتلك حاليا إلا العاطفة ليس لها تقدم علمي مادي ملموس، والآن هل نستطيع أن نقول أن العرب أصبحوا بلا عاطفة وبلا علم أيضا؟ سلم يا رب سلم، فهيا بنا نبد أ في ابتكار طرق لتعميق مشاعرنا واستحضار الموقف بكل حواسنا فهل من مجيب؟
وقد روى بن عمر يقول بينا أنا جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فسلم عليه ثم ولى عنه فقلت يا رسول الله إني لأحب هذا لله قال فهل أعلمته ذا ك قلت لا قال فأعلم ذاك أخاك قال فاتبعته فأدركته فأخذت بمنكبه فسلمت عليه وقلت والله إني لأحبك لله قال هو والله إني لأحبك لله قلت لولا النبي صلى الله عليه وسلم أمرني أن أعلمك لم أفعل (صحيح ابن حبان).
واقرأ أيضاً:
تساقط أقنعه التميز أمام العلم / جمعة الشوان أنت في أعيننا