أحتاج من يقرأ بشدة وإلا م.2 مشاركة8
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
اسمح لي أخي الفاضل د. وائل أبو هندي أن أتطفل على حديث العتاب الدائر بينكم وبين صديقكم المهندس أحمد الشاعر.. ولكن للحق أن هذا الموقع يمدنا بدفء الأسرة وحميمية الصداقة وروعة الأخوة.. وتلك الأسباب مجتمعة هي التي قادت أناملي للتدخل في الحوار ومخاطبتكم رأساً بلفظ "أخي" وكأني أعتبر مقدماً أنكم سمحتم لي.
أتابع منذ أسابيع ما يتعلق بطلبكم لمن يقرأ بشدة، وأتمنى في نفسي أن أكون أي شيء يسهم في استمرار هذه الواحة على قيد الحياة تنبض بالأمل لكل من هوت به الحياة في جبٍ ناءٍ ينتظر سيارة لا يجيئون إلا نادراً.. إن جاءوا.
لكن ما أثار مواجعي حقاً هي السطور الأخيرة التي تحدثت فيها عن أبو ظبي المدينة الرائعة والتي بهرتك بجمال المباني والمعاني!! ويا أخي إني مقيمة في أبو ظبي منذ 6 سنوات، ولا أشك لحظة في أن الحياة هنا لها العديد من الإيجابيات، فالحياة نظيفة وميسرة بما لا يقاس نسبة إلى بلدي الحبيب مصر وخاصة في السنوات الأخيرة.. ولكن أي معانٍ بهرتك هنا!! أفلا تعلم أن معظم الوافدين هنا يقاسون الأمرين؟ ألا تدري أن المجتمع قائم على التفرقة العنصرية وأن النظر إلى الإنسان ليس باعتباره إنسان كرمه الله، وإنما يتدخل في ذلك لونه وجنسيته وكونه وافد مقيم أم مواطن شريف؟!
سيدي الفاضل، لا شك أن الحياة هنا تبهر أي أحد ليومٍ ولشهرٍ وربما لسنة، ولكنه إذا ما استمر هنا فسيستفيق حتماً على إحساس فظيع بالتفرقة العنصرية، على الرغم من أنه يبذل كل ما وسعه من جهد في عمله إن لم يكن إخلاصاً لله، فليحافظ على راتبه ومورد رزقه.. ولكن الدائرة تدور على الجميع فبين ليلةٍ وضحاها يجد نفسه فاقداً لعمله الذي تفانى فيه، لا لشيء إلا لأنه وافد وينبغي أن يعود إلى بلده يوماً إما برضاه أو رغماً عنه.
فإذا ما قدر الله له العودة فهو بين نارين: نار الشعور بالانفصال عن المجتمع بفعل ما أحدثته فيه الغربة من تغيرات نفسية، ونار البحث عن عمل شريف يتلائم مع إمكانياته ومسئولياته.. أراه دخانا وليس نار.. فماذا يفعل حينها وأي شعور يكنه لأبي ظبي الجميلة التي لفظته دون أي اعتبار لمشاعره ولعطائه ولو أفنى عمره كله فيها ولها؟؟
لك الحق أن تنبهر بالمباني والمعاني طالما مررت من هنا زائراً كريماً على مؤتمر- كما كل المؤتمرات- يرصد له الآلاف إن لم يكن الملايين على الطعام والشراب والفنادق وتذاكر السفر، ولي الحق أن أنبهر إلى حد الألم حين أجد نفسي بلا عمل وبلا مورد رزق ومحملة بالمسؤوليات الجسام وحائرة بين وطن يلفظني لأنني مواطنة شريفة ملتزمة ومنقبة "يا خبر أسود"، وبين بلد قصدته فارة بديني وأعبائي فلفظني بعد أن أتنفذ كل طاقتي وجهدي في العمل مقابل ما يكفي لاستمرار الحياة وسد الرمق.. لا لقلة كفاءتي، وإنما لأنني وافدة!!
تحياتي لكم ولموقعكم الجميل.. فهو الذي يستحق الانبهار.
أختكم
هالة شعبان
10/5/2007
الأخت العزيزة أستاذة هالة؛ أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا جزيلا على مشاركتك الطيبة، آلمني بحق أن تحملي كل هذا الألم الناتج عن القلق والشعور المستمر بالتهديد..... خاصة فيما يتعلق بعملك -حفظك الله- وإن شاء الله لا يكون لك إلا كل خير.
مسألة أن مجتمعا ما يقوم على التفرقة العنصرية... أمرٌ لم ألمسه حقيقة في الإمارات ولا سمعت به من قبل –على عكس كافة دول الخليج- اللهم إلا فيما يتعلق بزواج فتاة تحمل جنسية الإمارات من واحدٍ لا يحملها مهما كان وضعه ومستواه، هذا سمعته وشكا لنا منه كثيرون، أما في غير ذلك فما سمعت إلا عكس التفرقة الواضحة جدا في غير الإمارات.
أتمنى ألا يغضبك أن أقول لك أن ما تخافين حدوثه في الإمارات لغير أهل البلد -من الوافدين- أصبح الآن يحدث في مصر للمصريين ! وسببه ليس أنهم من غير أهل البلد –وطبعا أهل مصر لم يعودوا المصريين- وإنما السبب هو التحول المتسارع لاقتصاديات السوق وبالأحرى لقيم السوق وقيم السوق تقتضي ألا نعطي أي اعتبارٍ لغير المكسب المادي المباشر أو غير المباشر،.... وأما ما كنت أعرفه سماعا منذ أيام الدراسة أنني عندما كنت أقارن حالي كطالب في السعودية بحال أصدقاء أو أقارب في مرحلة الدراسة لكنهم في الإمارات.. كنت أشعر بحزن كبير وسوء حظ! مثلا لم تكن مكافأة التفوق تعطى لغير السعوديين وهذا لم يكن الحال في الإمارات، ففيها كانت المساواة بين الجميع هي الأساس.
هل حدث تغير إذن؟ لا أظن أن أهل الإمارات نفسهم تغيروا... لكنني أحسب أن للطفرة الاقتصادية الهائلة التي تمر بها الإمارات أثرا ما وهو المسبب فيما تخافين،..... أو ربما يكون هناك اتجاه لتشغيل أهل البلد فهل يكون من العدل أن نشعر بالظلم إذا طلب منا العودة لبلدنا الأصلي لأن مواطنا من أهل البلد يستطيع القيام بمهمتنا؟ ليس هذا ذنبا يا أستاذة، وليس كون بلدنا الأصلي هو مصر -المتعوسة- ذنبا لأحدٍ سوانا -ولا إيه حضرتك؟- يعني نستغفر عن هذا الذنب العظيم وندعو ربنا أن يغفر لنا ويرفع عنا غضبه!
باختصار أقول لك أن مقارنة الناس في الإمارات بغيرهم من الناس في دول الخليج تجعل أهل الإمارات أفضلهم وبكل شكل وكل معيار، وهذا ليس استنتاجا أو انطباعا أخذته خلال زيارتي.. وإنما هو حصاد خبرةٍ مع من عاملتهم هنا في مصر من أهل الخليج وحصاد ما سمعته على ألسنة من عاشوا من المصريين في الخليج... ولا أظن هذا خافيا يا أختي، ولكن "إذا كان حبيبك عسل...." كما نقول في مصر.
من حقك أن تحزني وأن تتوجسي من خطر العودة إلى مصر، لكن في نفس الوقت ليس هذا ذنب الدولة التي تستضيفك الآن، والحقيقة أن من هم في وضعك يحتجن لجوءً دينيا، ولا يخفى على أحد أن اللجوء الديني في أيامنا هذه لا يمكن أن يسمح به للمسلمين خاصة، إلا أن تعلن عنه إيران حفظها الله، فكما تعلمين هي الوحيدة المارقة عن خطوط السير التي ترسمها الإدارة الأمريكية -قبحها الله- ومن خضعوا لها.
تحياتنا لك يا أستاذة هالة ودعواتنا بأن يرزقك الله وإيانا جنسية بديلة... إيه رأيك نعمل مشروع منح جنسيات افتراضية للمجانين -على النت طبعا-، وتأكدي لا فرق بين مجنون وآخر إلا بقدر ما يقرأ الواحد يوميا من صفحات مجانين، أهلا بك ولا تنسينا من دعائك.
13/5/2007
ويتبع >>>>>>>: قلت: أحتاج من يقرأ بشدة وإلا : فشاركوني
اقرأ أيضاً:
عائدا من ماسبيرو ذاهبا للجهاز / شيزلونج مجانين عند الطعمجي