شاءت الظروف أن أكون حكما ووسيطا بين طرفين متخاصمين وعجبت لا هذا ولا ذاك يقر بخطئه بل على العكس فكل طرف في حالة إنكار تامة ويعطي مبررات قد تكون مقنعة أحيانا ولديه قناعة لا تكسر بأنه صح ولم يفعل شيئا خطأ مع سيل من الأقسام الصادقة من وجهة نظر كل طرف والكل يلجأ إلى السماء يطلق دعوات لا حدود لها تخرج من قلب ينفطر حتى ظننت أن السموات تشققت وفزع أهلها متسائلين "في إيه تحت يا جماعة؟"
إن أمر إنسان هذا الزمان عجيب... هل هو جاني أم مجني عليه؟ فاعل أم مفعول به؟ أين هو طرف الخيط؟!! بدأ لي الأمر برمته محيرا كأنه لوغاريتم وكلما تساءلت كلما علمت معنى ومضمون اسم الله الحكم العدل فقد خرجت من هذا الموقف وأنا متيقنة أن الحكم العادل يكاد يكون شيئا مستحيلا على بني البشر.
وبعيدا عن هذا الموقف فلم يكن غير موقف يعكس أمرا فبالنظر إلى عموم الناس في الحياة سنجد أن أصحاب النفس اللوامة قلة في هذا الزمان فمن يحاسب نفسه ويعترف بخطئه ويسارع في تصحيحه أصبح عملة نادرة. الغالبية العظمى من البشر ليس فقط لا يقرون بخطئهم وبل الأدهى أنهم لا يشعرون بأخطائهم ويؤمنون أنهم صح وبل وتنام عيونهم قريرة، وهنا أتذكر قول الله تعالى "بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ* وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ " (القيامة:14-15) صدق الله العظيم ولكنه عناد البشر وعمى البصيرة التي زاد عليها غواية النفس والشيطان الذي زين لهم سوء أعمالهم "أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً......" (فاطر:8)صدق الله العظيم.
وهنا يلمع في الظلام سؤال: إن كنا جميعا صح من إذا سيذهب إلى الجحيم؟
سؤال سألته لنفسي حتى أني تخيلت مشهد يوم الحساب عندما تظهر النتيجة وكل فرد يقف في ثبات تعلو وجهه ابتسامة ثقة في انتظار أن يعلن اسمه في كشوف أهل الجنة وكله يقين من أنه ذاهب إليها "المسألة مسألة وقت بس"، ثم يفاجأ باسمه في الكشف الآخر وهنا تتعالى الصيحات والاستنكارات إزاى دا أنت متأكد يا مالك إن اسمي عندك يمكن يكون في غلطة في الاسم؟؟ لا لا لا أنا هطالب بإعادة النظر في أوراقي دا أنا غلبان هو أنا كنت عملت حاجة في دنيتي يا ربي!!!!!!!!
لا ما عملتش وكل الناس خير وبركة وكلنا على الجنة حتف!!!
بصرنا الله بعيوبنا ونعوذ به من أن نكون من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
واقرأ أيضاً:
نظرية الضرب على القفا / الدموع: أنواع ومعاني