لا أطلب من أخي د.وائل شيئا يتعلق بمجانين إلا بعد تحفظ وتردد طويل لأنني أعرف كم يعاني في إدارة تفاصيل استقبال وإرسال وتصحيح المادة المنشورة عليه!! ومؤخرا هممت بتصحيح وضع ناتج عن ما نشر لي، ولكنني لم أفعل!! وحين يصلني بعض النقد للمحتوى المتدفق على مجانين ومنه أن الكم صار على حساب الكيف، وأن الرسالة التي بدأ بها "مجانين" قد تبدو اليوم تائهة، أو ليست بنفس التركيز السابق وسط زحمة الأصوات، حين يصلني نقد مثل هذا أقول لأصحابه: من فضلكم اكتبوا ملاحظاتكم بالتفصيل، وأرسلوها إلى "وائل"!!
وعندي أمل أن يتحول"مجانين" إلي موقع تفاعلي فعلا يشترك زواره في إدارة محتواة بالنقد العميق، والمقترحات العلمية، بدلا من ثنائية الفرجة أو الشتائم التي هي ساندة في غالب حياتنا!!
حين يصلني نقد أتأمله لأفهم العقل والنفس التي وراءه، وإذا دقق كل أحد فيما هو سائد حولنا من نقد سيتضح له أن ملايين من أهلنا هم أعضاء في حزب غير معلن أسميته حزب "خربانة"!! تقرأ نقدا فترى من ورائه عقلا متفاعلا متألقا مهموما بالتطوير ولديه بدايات مقترحة، وخطوط تفكير، وخطط بدائل مبدئية، وتقرأ نقدا آخر فيلوح لك من ورائه عقلا مهلهلا، وعقلية مضطربة ومزاجا محيطا منكسرا منهزما نكدا، وهو يحاول إزاحة همومه وحل مشكلاته، وتصدير أزماته، والتغطية على فشلة، وعجزه واستسلامه، "ولا فعله" بإهالة التراب على عمل الآخرين، فهو لا يعمل، ولا يترك من يعملون في حالهم حتى يقذفهم بالوحل ما استطاع، ويحاول تشويههم حتى تقترب صورة العالم من حوله مع صورته التي بداخله، أي صورة الخرائب والأطلال، ولا هو ولا غيره ـربماـ منتبه إلى أنه مجرد عضو في حزب "خربانة"!
لفت نظري أكثر من مرة انتشار شرائط لمطربين أغلبهم مغمور، ولكن أغانيهم تنتشر بشكل غريب ومدهش، وكل كلمات الأغاني تتحدث عن الغدر والخيانة، وفساد الزمان والبشر، وعن طعنات الأقربين، وعن الدنيا التي صارت غابة أو خرابه!! حتى أن أغنية بعينها يصيح فيها "المطرب": خربانة.. الدنيا خربانة... يا عم خربانة!! ومثل هذا المطرب، ومثل تلك الأغنية كثير!!
وهذه هي قمة جبل الجليد في حزب "خربانة"، فهناك نفسية وثقافة ذائعة الصيت، وأنصار الحزب يعملون بكل همة ونشاط، وهو يجدون أرضا خصبة، وبيئة مواتية جدا للعمل وسط المشكلات التي نعيشها، والصعوبات التي تواجهنا ونحن نحاول الانعتاق من التخلف والتبعية والفساد، ولا تخلو أمة من مشكلات، ولا توجد مسيرة دون عوائق أو عقبات، المهم أن تكون لدينا رؤية وخطة للعمل، ولو على مستويات بسيطة محدودة، ولا بد أن يكون لدينا قدر معقول من الأمل في وجه الله، وفي الجزء المضيء من كل إنسان!! وإلا فإننا سنعمى أو نتعامى عن رؤية ما لدينا من إمكانات!
لأنه في إطار التوازن بين التشخيص والتحليل الناقد لما نعيشه من أوضاع، ورؤية ما لدينا من إمكانيات وبدايات وموارد وإيجابيات، في إطار هذا التوازن يمكن التفكير في مستقبل مختلف، ولكن يبدو أن هناك غفلة واسعة عن هذا، والنتيجة انضمام المزيد كل يوم إلى ذلك الحزب الجهنمي الذي تجلس إلى الواحد منه فيسمعك أو بالأحرى يعيد علي مسامعك كل ما ساء وأوجع من حكايات المصائب، وأصوات الخرائب، ومعزوفات الأسى، والبكاء على الأطلال والأخلاق والمبادئ، وهذا الكلام هو في حد ذاته معول يهدم في النفوس معاني الفضيلة، ويشيع اليأس والانهزامية، ويكرس للقعود والفرجة، ويغذي النفاق والازدواجية، فهذا المتباكي على ضياع الدين والدنيا هو محض مجرم مطلق السراح، وعضو في ذاك الحزب التخريبي المتسلط علي رقابنا ونفوسنا وعقولنا!! يمتص الدماء والطاقة، ويسمم المشاعر والضمائر، ولا يقوم من عندك إلا بعد أن زكمت أنفك رائحته الخبيثة، هذا إن لم يحرق ثيابك أيضا، مثلما يفعل كل جليس سوء!!
والخطر أن حزب "كل شيء تمام" الموالي للأمر الواقع وللأنظمة، ولو"من تحت لتحت"، صار يتقلص بالتدريج في زمن ثورة الاتصالات، وتداول المعلومات، وانكشاف المستور، واللعب ع المكشوف، ومن غفلتنا، وعبطنا، فإن الكثير من أنصار الحزب البائد قد أجروا عمليات تحويل "ونيولوك" ليصبحوا أعضاء في الحزب التخريبي التصفوي ـمن التصفيةـ الجديد!!
أحدهم يظهر لك بقناع الأخلاق والقيم، والغيرة على الدين والأخلاق، والوطنية...وكل القيم السامية، وهو محض مخرب يستر بريش العصافير والحمائم حقيقته كغراب شؤم، وبومة خرائب. دقق في وجوههم ستجد ملامح البوم أو الغربان، وببساطة إذا سمعت لهم بإنصات وفهم سيتبين لك أنهم من حزب "خربانة"!! منهم مشايخ ونجوم فضائيات، ومنهم كتاب وصحفيون، ومنهم أناس عاديون كثيرون، ومنهم كبار وصغار، شباب وكهول وعجائز، متعلمون وأميون، دكاترة ومهندسون ومحامون، وربات بيوت!!
راجع صفات المنافقين، واستعد سمات المخذلين، وأقرأ تراث النادبات، وتاريخ الولولة والعديد ـوهو شعر يقال ويصاغ خصيصا للمصائب- وبعد ذلك وببعض التركيز يمكنك كشفهم فورا، وقد تجد نفسك منهم، أو أحد من أخواتك، أو أقاربك، أو مديرك في العمل، أو المسئول الفلاني، وقد تجد البعض من غير المصابين بهذا المسخ تنتابه نوبات تشتد ثم تخف تلقائيا، أو بفعل فاعل، وقليلا ما ستجد منهم أحدا يعمل شيئا نافعا، فهو غالبا يصرف جهده كله في الولولة والصراخ، ظنا من أنه يحسن صنعا، وينشر "الوعي" بين الناس!!
نشر موقع "مجانين" لي دفعة من المدونات والإجابات بترتيب لم أقصده، ولم يحصل مني في أصل تسلسل الكتابة الفعلية لهذه المدونات والإجابات، وخشيت جدا أن يتسرب إلى نفسي، أو إلى أحد من القراء نوع من الترويج لهذه الموضة من المشاعر السلبية والأحاسيس، أو يظنني بعض أعضاء الحزب منهم، والعياذ بالله!!
6/6/2007
واقرأ أيضًا:
علي باب الله: عزف منفرد/ على باب الله: النقاب