في الأسبوع الماضي كان موضوع المناقشة في برنامج أرجوك افهمني يدور تحت العنوان السؤال "هل الخيانة من طباع الرجال؟" وكان ضيفي ليوم الجمعة هو أستاذ علم النفس الاجتماعي الدكتور فتحي الشرقاوي وهو ضيف مميز كما عهدته في كل المرات التي استضفته فيها من قبل.
كان شغلي الشاغل هو كيف نحقق برنامجا مفيدا ونطرق جوانب مختلفة عن التي تناولتها حلقة الخميس حول نفس الموضوع مع ضيف آخر خاصة وأنها كانت ناجحة.
عندما التقيت ضيفي قبل الهواء سألته عن أحواله وجديدة وهو سؤال ذو طابع اجتماعي مفروغ منه لا تُنتظر منه إجابات شيقة. فوجئت بالدكتور الشرقاوي الذي حصل علي درجة الدكتوراه منذ خمسة وعشرين عاما يطلعني على خطوة اتخذها هذا العام الدراسي بالتحاقه بكلية الحقوق التي هو بعامها الدراسي الأول وعندما لمح ابتسامتي أفصح بصدق مس قلبي وعقلي "أحسست أنني لا أفهم شيئا وأدركت أنني بحاجة للتعلم وسأتخصص في القانون الدولي" ولم يكتف بهذه الدرجة من الإفصاح بل زاد بأن ابنه طالب بالصف الثاني في نفس الكلية، وكان زميل عزيز حاضرا أثناء الحديث فأخبر دكتور الشرقاوي بأن ما يقوله مستعصي على فهمه أو ربما يبدو صعبا عليه أن يمارسه.
وتوقعت النظرة المحيطة بالدكتور الشرقاوي فأخبرته مشجعة أن جنونه من النوع الذي يعجبني وأن الاستمرار في طلب العلم قيمة غرستها في أمي التي لم تكتف بإكمال دراستها الثانوية ثم الجامعية بعد إنجابها لنا بل هي استمرت في التعلم حتى وهي جدة وغيرت بذلك مهنتها بعد المعاش فأصبحت مترجمة من اللغة الفرنسية بعد أن مارست مهنة تعليم المواد المحاسبية على مدى سنوات طويلة. فاستفاض دكتور الشرقاوي في سرد تفاصيل تجربته وهو يخبرنا كيف هو ملتزم بمواعيد المحاضرات ومناقشاته مع الأساتذة ثم تعرضه أثناء الامتحانات لكل الأعراض النفس جسدية من اضطرابات النوم والكوابيس والاضطرابات المعدية وما إلى ذلك ثم زاد بنبرة تفوح صدقا "لقد أصبحت أكثر رحمة وتفهما لطلابي بعد أن عشت مشاعرهم التي كنت قد نسيتها".
ودخلنا الحلقة ساعتان على الهواء أرقبه أكثر تمسكا بالحقوق، فتجيء مكالمات المشاهدات داعيات بالخير لرجل يحترم كرامة المرأة وينشد العدل. لقد كان دكتور الشرقاوي دائما ذا حضور إعلامي مميز لكن خاتمه الفضي وشعره الفاحم واستخدامه الدائم لمصطلحات باللغة الانجليزية كان دائما ما يخزن عندي في اللاوعي وهذا الأسبوع لمحت نضجا محببا وحمدت ربي على هداياه، فأن تجد نفسك محاطا بمن يسعون إلى المزيد من الفهم ولا يتوقفون عن السعي إلى المعرفة لهو أغلى الهدايا.
اقرأ أيضاً:
ما يحكمش/ ديمقراطية بال3