تعتعة الكبار بأغاني العيال (6)
مش معنى كده تبقى رمادي! أو من غير لون!!!(7)
الدنيا مشْ أبيض وأسودْ
الدنيا كتير، أشكال وألوان،
واللي قريّـب، واللي بْـيـِبـْعدْ
كلّه بْـيِتـْغَـيّـرْ، وأنت كمانْ!
مش معنى كده تبقى رمادي، أو من غير لونْ
لأ دا أنت عليك: تبقى مِصَحْصحْ، وتكون موزونْ
أنا مش قصدي "موزون" يعني هادي ونادي
ولا إنك تقلبها "كلامْلـِـكْ"، مِتْـعَادْ عادِي
فتـّحْ عقلك للي ما تعرفشِي كتير عنـّهْ
يمكن تلقاك عايز تأخد حاجة منّـّهْْ
كده تقدر تكبر وتكبّـرْ
كده تقدر تفهم وتقدرْ
تلقى الأبيض جوا الأسود: لاثنين حلوينْ
مش مِتساويينْ، لأّّهْ دا مصنع للبني آدمينْ
مش يمكن يا ابني دَهْ معنى: "إننا من طين"!؟
فاكر لمّـا كنا بنصطاد بالدود تعابين،
وسَمَـك بلطي!!؟؟
ياللا نْخطــّـي
إوعى تـْوَطـّي.
***
قال الشاب لأخته: الحمد لله، أخيرا، هذه أغنية سهلة،!! قالت: سهلة مَنْ يا عم!! يبدو أنك تعودت على أن تأخذ المسألة بالبركة، قال: أليس هذا أحسن؟ ألا تخاطب هذه الأغاني الأطفال: قالت: نعم، لكنها تخاطب الأطفال داخلنا أكثر، قال: داخلنا خارجنا، دعي ما يصل يصل وخلاص، قالت: أين تأويلاتك السياسية المتفذلكة هذه المرة يا أخي؟ ماذا جرى لك؟، أنا أجد في هذه الأغنية ما يدفع بنا أن نتخلص من الميوعة السياسية وحتى الدينية، قال: تقولين الميوعة الدينية أستغفر الله العظيم، قالت أنا لا أقصد أن الدين مائع، بل أقصد من يمسخونه حتى ينتهوا به إلى هذا الوسط الساكن والطمأنينة المستسلمة، قال: كيف؟ قالت: خذ مثلا حكاية الوسطية في الإسلام، يحاولون أن يفهمونا أن معنى أننا أمة وسطا هو أننا أمة رمادية معتدلة تسمع الكلام، قال: ليسوا كلهم كذلك، ولو أن توفيق الحكيم قد وقع في هذا الفخ في فلسفته "التعادلية".
قالت: وهل لتوفيق الحكيم فلسفة؟ قالت: لقد حاول، وفشل والحمد لله قالت: أحسن، لأظل أحبه، أنا لا أكرهك إلا حين تتفلسف علي وتقول لي الرياضة الحديثة والطبيعة الحديثة، قال: لكن هذه ليست فلسفة، قالت: هي تبدو لي كذلك راجع نفسك، قال: يجوز، ربما، لكن من أين لك هذا؟ قالت: من استعباطي، أو من أغاني العيال، قال: هذه الأغنية نبهتني إلى خدعة التعايش الديني الزائف المائع دون عمق مسئول، ثم إني استقبلتها أيضا وهي تشير إلى ميوعة تسويات السلام الخامل الخائب، قالت: هل رجعت عن رأيك في تأييدك المشبوه للسلام؟ قال: أبدا، لكن الذي يجري على الساحة ليس سلاما، ولا حتى استسلاما، لقد أصبح شيئا بلا لون ولا طعم ولا رائحة، خصوصا حكاية الشرق أوسطية،: اسمعي معي: "أنا مش قصدي "موزون" يعني هادي ونادي، ولا إنك تقلبها "كلامْلـِـكْ"، مِتْـعَادْ عادِي"، لقد أحسست أن هذه الفقرة تصف موقف حكومتنا المائع طول الوقت، خصوصا كلمة "كلامْلِكْ"، لقد سمعتها أول مرة "سلاملك"، فتذكرت بيت جدتي، وإذا بها "كلامْلِكْ"، فتمنيت أن تدخل قاموس الأمم المتحدة أو حقوق الإنسان أو على الأقل في المذكرة التفسيرية لخريطة الطريق، قالت: كفى سرحانا، قال: لكن قولي لي كيف تفهم أختنا أنه حين يختلط الأبيض بالأسود، لا يصبح اللون رماديا فاترا؟ قالت: أنا فهمتها على أنها ليست مسألة خلطة تمسخ المعالم، ما بلغني هو كيف أنهما يتحركان معا كما تتخلق الحياة من الطين، قال:اسم الله عليك! تعنين الجدل، قالت: جدل ماذا يا جدع أنت! إياك أن تلخبطني، أنا لا أفهم هذه الكلمة أصلا، قال: خلاص، خلاص، لكن خذي بالك أن الحركة الحقيقية هي الوقاية الحقيقية، وأن السلام المعروض علينا هو سكون ابن كلب، قالت: وهل عندنا بديل؟ هل يمكن ألا ننحني فعلا برغم كل ما حدث؟ قال: حتى لو كنا دودا، وكانوا هم الثعابين، قالت: بذمتك.
نشرت في الدستور
29-8-2007
ويتبع >>>>>: تعتعة الكبار بأغاني العيال (8)
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: كرامة الناس.. وكرامة الحكومة! / تعتعة سياسية: اختبار الأحزاب بالرنين السياسي / تعتعة الكبار بأغاني العيال