أرسلت أسمى (39 سنة، باحثة طبية، السعودية) تقول:
حزب ومعتصماه/ وأسفاه.. حروب بالوكالة
الأنثى ضعيفة ومستضعفة، وتصدّق هي ذلك، بل العالم بأسره يصدّق ذلك.واستضعاف الأنثى لذاتها يبدأ من الصغر، طفلة صغيرة بلا حماية تقع تحت رحمة سلطة وقوة وضخامة الوالدين.
من يردعهما؟ لا أحد من يمنعهما؟ لا أحد من يحميها؟ لا أحد هم يملكون أمرها ويقررون مصيرها أين الله؟ لماذا لا يفعل شيئا؟ لا تعرف تلك الطفلة الجواب.وتكبر على هذا. إلى اليوم مازالت تخشى السلطة والقوة لأن ليس لتلك القوة والسلطة رادع. كأنهم هم الله. أو أن الله في جانبهم. لم يدعمها بآية أو بحديث تعرفهما أو بقانون تستصرخه.فكيف يمكن أن تتمرد؟ تصوروا تأثير هذه العبارات على طفلة منذ أن كانت 4 سنين وحتى الأربعين وهي تسمع هذا أين يمكن أن تهربي"سنجدك" "ونقتلك" "ونسجنك" "فليس هناك من يحميك منا" "لابد أن يكون هناك من تحسبين حسابه، وإلا فلت عيارك" "أنت مقصقصة الجناحين وإلا لفعلت الأفاعيل" "فالله هناك في السماء يحاسبنا حين نلقاه، أما اليوم فأنت هنا بين أيدينا" فتظن الطفلة:"أن الله لا يحبني لأني أنثى" فالقرآن لم يذكرها والحديث النبوي لم يأبه لها والقانون لا يحميها فهي دائما تُدفع إلى الصفوف الخلفية.
"عودي إلى الوراء" "لماذا تزاحمين الرجال" "ألا تستحين" ألم يعيب القرآن على أولئك الذين يسمون الملائكة تسمية الأنثى وعبادتها لله غير مطلوبة حقيقة.. فدينها ناقص وعقلها ناقص إنما هي كمالة عدد إذا تزوّجت فهي تعمل لإرضاء زوجها لأن رضاه من رضا الله وإن لم تتزوّج فعليها أن ترضي وليّ أمرها سواء كان ذلك أبا أو عمّا أو أخا أو خالا والكل يرى أن هذه حربها التي يجب أن تخوضها هي بنفسها فبأي سلاح؟ وضد من؟
وأين أرض المعركة المحايد وهي أسيرة في أرض العدو؟ ألم يتحرك المسلمون لتحرير أسراهم أبدا عبر القرون؟ ألم يذكر الحديث أن المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا؟ ألم يذكر أولئك المؤمنون الذين يتداعون لبعضهم تداعي الجسد بعضه لبعض إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر؟ الأمر في النهاية متروك لتقدير ولحكمة الأهل ورأي الأهل وموافقة الأهل ورضا الأهل. كل الأحاديث تدعمهم.
أما هي فحقوقها تذكر في أحاديث تعد على الأصابع وأغلبها عن الزوجة، وعن أجر الأب في إحسانه لبنتيه، فلو كان لديه أربع بنات فهو ضحية. الله يعينه مهما فعل هو، فلابد أن يكون الله في عونه، هؤلاء أربع بنات، مش واحدة ولا اثنتين. الله يكون في عونه. عقوق الوالدين ذكر في الإسلام بإسهاب. ولم يذكر أحد عقوق الأبناء. وظلم البنات.فهذا متروك في النهاية لتقدير ولي الأمر. وهو إما ذكر ظالم أو أنثى تكره جنسها وترى أن الأنثى الأخرى يجب أن تُكسر رأسها كما حصل لها هي. أُنظروا إليها! فهي اليوم خاضعة، مطيعة، تمشي على العجين ما تلخبطوش.
إذن هذه الطريقة تنفع! وهكذا تبدو الحلقة مفرغة.حتى تثور تلك الطفلة بعد أن تكبر وتقول، ومعتصماه وتجدون المعتصم قد مات. وأن من بقي لا يرغب في خوض معارك إناث لا وجود لهن إلا في كلمات محبّرة أو مطبوعة. وقد يكون هو نفسه يخوض معارك تخُصّه. ولا تلوم تلك الأنثى أحدا. فهي قائدة معركتها! وإنما هي خلية في جسد الكون ليس عليها تصحيح الكون ولا إنقاذ الأمّة. كل ما عليها فعله أن تبقى حيّة ترزق بأقل الأضرار والخسائر، وأن تستقوي وتشتدّ حتى يقدّر الله لها أن تخرج من شرنقتها. حينها لن يكون لأحد الفضل حين ترفرف برقّة بجناحيها الملونين بألوان الطيف.وسيحسدها الحسّاد ويقولون: من هذه، وكيف صارت هكذا؟ وأين أهلها؟ ونعود مرّة أخرى إلى الحلقة المفرغة ذاتها. أما هي فلن تأبه لكل ذاك. فهي فراشة حديدية تحيى وتموت بأمر الله. وحينها يأخذ كل ذي حق حقّه. هكذا عشت، واليوم أنا مختلفة وقويّة وأنتظر أن يحين الوقت كي أنطلق ادعوا لي.
أسمى
19/8/2007
نعم... تأخرت في الرد على متابعتك، ليس إهمالا فأنت تعرفين كم أهتم وأحترم، وليس تهربا فقد تركته لغيري منذ زمن، ولكن أبحث عن جديد أقوله في الرد على كلماتك التي تصف مشاعر أنثى/امرأة عربية، وبدلا من استمرار التأخير سأجتهد وأجري على الله.
في الأصل والمبتدأ دعيني أذكرك ونفسي والسامعين بأن هناك فريضة ووحدة أساسية لا يقوم الدين إلا بها ورغم ذلك فهي غائية يكاد لا يفتقدها أحد، إلا من عرف، وهم قليل!!
من يحفظ الدين، ويقوم بتكاليفه في الإسلام ليس الأفراد فحسب، بل هناك هيئة وبنية اسمها "الأمة"، ولو تم تخريبها كما حصل، نصبح جميعا آثمين حتى تعود، والله أسأل السلامة لي ولك.
ما معنى كلامي هذا في حالة ما تقولين؟!
لا توجد سلطة مطلقة في الإسلام إلا لهذا الكيان الاعتباري الذي يقول عنه صلى الله عليه وسلم: "لا تجتمع أمتي على ضلال"، إجماع الأمة هو أعلى سلطة، وحركة الأمة ونسيجها هو صمام الأمن الأول والأهم والوحيد، وأكرر الوحيد، الذي يمكن أن يحمي دين الأفراد وحياتهم وأمنهم وسلامتهم العاطفية والفكرية، وكلامي سيبدو غريبا أو مثاليا لأنني أحكي لك عن شيء يشبه العنقاء، فلا أحد من الأحياء رأى هذه الأمة التي أحكي عنها، ويكاد ذكرها يكون مندثرا فيما نقرأ من نُقُولٍ وآثار، حتى كأنني أحكي لك عن أسطورة أو خرافة للتسلية قبل أن تنامي!!
كتبت منذ زمن بعيد إجابة بعنوان: الإسلام المغدور به، وألغام الرغبات الدفينة، وفيها أشرت إلى حركة غدر، وخطط خيانة، ومراحل تم فيها دفن التعاليم والأوضاع والأوامر والمواقف الأصيلة للإسلام، ونشر غيرها مما يحسبه الناس من الكتاب، وما هو من الكتاب، فأصبحنا أمام بناء هائل وضخم من دين ضد الدين، وإسلام ضد الإسلام، وأحيانا أقول أنها الجاهلية الاجتماعية والثقافية تحتل الواجهات وتحكم العقول، مع تكرار أنني لا أجادل في عقيدة الناس، أو أقول بكفرهم "معاذ الله"، ولكنني أؤكد أن أفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم عادت بعيدة كثيرا جدا عن الأصل، رغم تمسكهم ببعض الشكليات مما يجعل بيننا وبين الإسلام بعض التشابه!!
وأعترف أنني قضيت وقتا أقل مما ينبغي في استيعاب شبهات قراءة منحازة، أو تقول أنها منحازة للمرأة، بينما هي خاطئة، وتحتاج إلى مراجعات كثيرة، ومثلها قراءة ساذجة ترى المرأة مخلوقا أدنى، وعليها أن ترضى بقدرها!!
تعالي نتأمل معا: لا يوجد نص واحد في قرآن أو سنة صحيحة أو ممارسة ثابتة للنبي صلى الله عليه وسلم تقول بأن المرأة أقل أو أن لأحد أن يتسلط عليها أو على إرادتها وكل ما يتداوله الناس في هذا الصدد إما من ضعيف المرويات، أو حكايات الجدات، أو من أقوال بعض الفقهاء، أو التفاسير، وكلها ليست مقدسة، وليست حجة، ولا هي مصدر للأحكام الشرعية في شيء!!
وهي بالتالي قابلة للمراجعة والنقد، والتغيير والتبديل.
وكل النصوص التي تقرر حرية الإنسان في الكفر أو الإيمان، أو ما هو أقل في القرارات والتحركات هي تخص النساء كما تخص الرجال، وولاية الأب أو غيره هي محض الرعاية والتكاليف لا السلطة والعسْف!!
أعرف أن هناك خلافا كبيرا مثلا حول تأديب الزوجة الناشز بضربها على نحو ما، ولكن هل هناك نص واحد يأمر بتأديب الابنة بضربها صغيره كانت أو كبيرة، ولو صح حديث ضرب الأبناء على الصلاة لعشر، فهل كان الحديث يقصد حصر الضرب بأمر الصلاة لأهميته، أم كان يعطي مثالا لكل أب يريد أن يضرب ابنته؟! أي في كل أمر؟ أتساءل معك عن حجم ومصادر ثقافة التربية بالترويع والتهديد، لكنني أتحدى أن يساندها أي شرع سليم في نقله، أو إنسان رشيد مؤمن وبعقله!!
ذكريني فأنا اليوم كهل وأصبحت أنسى ـ هل ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو مرة واحدة، أن قال لامرأة: عودي إلى الوراء، أو لا تزاحمي الرجال؟! أو أشار لامرأة بوصفها أقل أو أدنى؟ّ ولو قالها لوجدنا من يبرر ويقول: كان مجتمعا بدويا، وتلك عادته!! لكنه صلى الله عليه وسلم لم يفعل، ولم يضرب بيده لا امرأة، ولا رجلا إلا في جهاد!!
هل أفعال الرسول كانت مادة لإعداد المواعظ على المنابر، وقصص الأطفال في الروضة؟!!
ما حيلتي وملايين الآباء والأمهات جهلة وأغبياء، وبعضهم محض مجرمين مطلقي السراح لا يعرفون تربية، ولا يحسنون تنشئة؟! وما ذنب الإسلام وبعض أتباعه أغبياء وقساه؟!
ولقد عاب القرآن على من يسمون الملائكة تسمية الأنثى لأن الملائكة ليسوا بشرا، ولو كانوا أسموها تسمية الرجال لعاب عليهم أيضا من نفس المنطلق!! من قال أن ثواب أبو البنات كبير لأن البنات "هم"؟! أحسب ثوابه أكبر لأن تربيتهن أهم، فكل امرأة هي راعية ومدرسة كما قال شاعر النيل بل جامعة، إذا كان تكوينها متينا، فهي لن تضرب صغيرتها، ولن تروعها، ولكن تحتضن وترعى، وترضع وتطعم، وتنقل القيم كما تطبخ الثريد!!
من قال أن للأهل سلطة تتجاوز المشورة إلى الإجبار، وبخاصة فيمن ضرب الشيب في مفارق شعورهن أو كاد؟! ما حيلتي والجهل يسد الآفاق، والناس يتداولون دينا يحسبونه دين الله، وهو محض مرويات ضعيفة، أو قراءات مختلة، أو آراء بشر معقدين تجاه المرأة، أو متخلفين ثقافيا وحضاريا يحسبون الإنقاذ للأمة مختصرا في حبس النساء وعضلهن لأنهن الفتنة!!
بينما الأولاد فتنة، والأموال فتنة، والسلطان والسلطة فتنة!!!
ومن أخفى عن الناس لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو نقله عن لعن الله لمن استعق ولده، ولما سئل كيف: قال لا يعنيه على بره، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك كثير مدفون!!
طيب.. من يحمي المرأة المستضعفة في بيت أهلها؟! والزوجة المستضعفة في بيت زوجها؟! والفتاة المستضعفة حين يصرخ في وجهها أحد: لا تزاحمي، وتأخري إلى الوراء؟!
وسؤال أهم: من يحمي هؤلاء المجرمين مطلقي السراح من آباء وأمهات، ومن أدعياء العلم والفقه، ومن الوعاظ والخطباء ممن أماتوا علينا ديننا، وأفسدوا دنيانا، وشوهوا الإسلام واخترعوا فيه ما ليس منه، وعلى هذا النطاق الواسع؟!
هل يجرؤ أحد على القول أن السلطة المستبدة هي عصابة واحدة، وأن الغباء والظلم مثل الكفر ملة واحدة؟! وأن الأغبياء المتسلطين في قصور الحكم يحمون الغباء كله، والاستبداد كله، والرعونة كلها؟! لأن تبديل دين الله يُمَكِّن لسلطانهم في غياب أمة تضرب على يد الظالم في السياسة كما في البيت؟! وأن الأمة حين تغيب يحكم حياتنا الغباء!!
إذا كنت تصرخين نداءا على أمة مفقودة ومفتقدة، تاهت منها معالم الطريق، واستدعاءً لها لتنهض وتقوم بواجباتها فأنا معك، والأمة ليست شخصا ولا زعيما ولا قائدا ولا معتصما، إنما قد يبدأ الأمر بأفراد يستيقظون ويقررون، ثم يتحركون ويوقظون!!
وفي الآخرة سنلتقي جميعا: من يحاولون إنقاذ هذا الدين على ما يعتقدون أنه أصوله، وكل من يقرأه على نحو أو آخر، وفينا فئة ستقترب من الحوض حتى تشرب من يد الحبيب عليه الصلاة والسلام، فتحول بينه وبينهم الملائكة قائلين: إنك لا تعرف ما أحدثوا من بعدك... إنهم غيروا وبدلوا، فيبتعد الحبيب عنهم، وهو يقول: سحقا سحقا.. اللهم لا تجعلنا منهم، وتابعينا بأخبارك وطيرانك.
اقرأ أيضًا:
على باب الله: السم والترياق: شهر الأمة أم أمة الشهر؟!/ على باب الله: معركة البنطلون