"السيد واتسون –تعال هنا– أريد أن أراك"
هذه الجملة دخلت التاريخ وسجلت في صفحاته لتبقى الإعلان عن مولد اختراع جديد حين ذاك في 10 مارس 1876.
كنت في زيارة صديقي الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي (الزيارة للتشاور في بعض الأمور الفنية الخاصة بموقع مجانين دوت كوم ولزيادة المودة، وجب التنويه لحساسية تخصص د/ وائل). وتعرفت خلال الزيارة على رئيس تحرير الموقع الأستاذة نانسي ولم يسبق لي معرفة اسمها سوى من خلال اتصال هاتفي سابق وقد سمعته خطأ اسم "ناديه" وقام د.وائل مشكوراَ بتصحيح خطئي.
هذه ليست أول مرة تحدث أن أسمع الاسم خطأ وبالتأكيد لست وحدي من يسمع الأسماء خطأ. هل العتب على السمع أم العتب على الهاتف؟
كلما حدث معي موقف مشابه أتذكر قصة اختراع الهاتف وكيف أن مخترع الهاتف محظوظ، نعم محظوظ. هناك آلاف الاختراعات والاكتشافات العلمية وكلها عظيمة وهامة ولكنها ليست جميعا بنفس القدر من الحظ كي تصل وتمس كل البشر في أنحاء الأرض أينما وجدوا.
الإكسندر غرهام بيل، هذا هو أسم المخترع الشاب (29 سنة) عندما اخترع أول جهاز هاتف ونطق أول جملة تمر عبر أسلاكه "السيد واتسون – تعال هنا – أحب أن أراك" في مارس 1876، ليفتح بذلك مجال الاتصالات السلكية وكذلك ينشأ أول شركة هواتف وهي شركة بيل للهواتف Bell Telephone Company سنة 1877. يا تُرى كيف يكون العالم دون هواتف؟ وكم من الزمن والمال سيتكلف نقل الأخبار بين الأهل أو لإنجاز الأعمال؟
اختراع الهاتف غيَّر وجه العالم بلا أدنى شك ولا زلت أعتبر المخترع بيل محظوظا، حيث أن اختراعه للهاتف بدأ بفكرة بسيطة مثل كثير من الاختراعات، تبدأ بسيطة ثم تمر بمراحل تطوير قد تخفي الفكرة الأساسية. أما حالة الهاتف فهي فريدة حيث أنه برغم التطورات المذهلة في مجال الاتصالات إلا أنه لا تزال فكرة غرهام بيل كما هي. وهنا سوف أقوم بشرح الفكرة الأولى لغرهام بيل ثم ما عقبها من تطورات أساسية.
الهاتف الأول:
كان عبارة عن سماعة وميكروفون فقط لا غير.
أما أول شبكة هاتف فهي ما صنعها غرهام بيل لتجربة هاتفه وهي عبارة عن جهازين من هذا الهاتف الأول بينهما سلك مزدوج ومصدر للطاقة الكهربية البسيطة (بطارية) ووضع ملف سمي Duplex Coil وهو ما يمكنه من الكلام والاستماع في نفس الوقت. وتجربته الناجحة توجت بالجملة الشهيرة "السيد واتسون – تعالى هنا – أريد أن أراك".
- نعم، هذه هي الفكرة بكل بساطة. لم يتغير الهاتف الحديث في جوهره عن الفكرة الأساسية.
الهواتف البدائية:
أدى نجاح اختراع الهاتف وأهميته إلى انتشاره سريعاَ وكانت شركات الهواتف تشغل لديها عددا كبيرا من الموظفين (عمال التحويلة Switch Operators ) وهو الموظف المسئول عن توصيل المتصل بمستقبل الاتصال. وكانت شبكة الهواتف والهواتف تعمل على النمط الآتي:
1- عند رغبة المتصل في طلب شخص ما، يقوم برفع السماعة Handset من على مفتاح القاطع Hook "الجانش"، وبذلك تغلق الدائرة الكهربية (مصدرها السنترال والمعروفة "بالحرارة").
2- تضيء إشارة ضوئية "لمبة" لدى موظف السنترال، ليرد على المتصل ويسأله بمن يرغب الاتصال، فيقوم بإخباره برقم المشترك الذي يود الإتصال به.
3- يقوم موظف السنترال بإرسال إشارة "جرس" لخط المشترك المراد الاتصال به.
4- عندما يرد المشترك المراد الاتصال به على عامل السنترال، يقوم عامل السنترال بتوصيل طرفي المحادثة بأسلاك أمامه على لوحة التحكم لتتم المكالمة.
هذا النظام يسمى Crossbar وكان لعهد قريب يستخدم في القرى.
الهواتف الحديثة:
تم تطوير شركات الهواتف لتكون آلية Automatic وهذا بعد تطور مجال الإلكترونيات وظهور الترانسيستور لتصبح التحويلات Switching Exchange تتم بشكل آلي دون تدخل بشري، ليصبح حال الهواتف كما هو عليه الآن.
ولكن لا تزال نفس الفكرة وطريقة الاتصال كما هي فعندما يريد مشترك الاتصال بمشترك آخر يقوم بالآتي:
1- عند رفع السماعة Handset من على مفتاح القاطع Hook ، تغلق الدائرة الكهربية منتظرة طلب الرقم Dial .
2- بعد طلب الرقم، يقوم المحول الإلكتروني Switch Exchange بإرسال إشارة جرس Ring إلى الرقم المطلوب وإشارة تنبيه للمتصل على أنه يقوم بإرسال الجرس للمشترك المراد الاتصال به وكأنه يسمع صوت الجرس المرسل هناك.
3- إذا كانت المشترك مشغولا، يرسل إشارة للمتصل تنم عن انشغال خط المراد الاتصال به.
4- إذا وافق المراد الاتصال به وقام برفع السماعة ليستقبل المكالمة الواردة، يتم التوصيل الفوري التلقائي بين طرفي المحادثة ليتم الاتصال وتحسب قيمة ووقت المكالمة وغيرها من البيانات التي تسجل تلقائيا.
أعتقد أن القارئ العزيز يوافقني الرأي بأن الفكرة الأساسية لا زالت كما هي منذ عام 1876 حتى الآن.
ولدى القارئ سؤال، ما علاقة تطوير واختراع الهاتف بقصة سماع الأسماء والكلمات خطأ عند استخدام الهاتف؟
عندما وجد المهندسون والعلماء المهتمين بمجال الاتصالات أهمية اختراع الهاتف كوسيلة لنقل البيانات والمعلومات الهامة تم الأخذ في الاعتبار أن الهدف الأساسي لاستخدام الهاتف هو نقل محتوى الكلام بالشكل الكافي والمناسب لتفهم معانيه بين طرفي المحادثة وليس الهدف الاستخدام الترفيهي. وحتى يتمكن العلماء من توصيل أماكن بعيده جغرافيا إلى السنترال (الرابط بين جميع المشتركين) وهذا التوصيل والربط يكون عبر الأسلاك كان لابد من استخدام أسلاك ذات تكلفة مناسبة. وبما أن لكل نوع من الأسلاك قدرات محددة في نقل البيانات (الإشارات) خلالها. فقد تم الاتفاق على أن الإشارات المنقولة بواسطة أسلاك الهاتف تكون في الحزمة Bandwidth بين 400 هرتز إلى 4000 هرتز تقريبا. ولا يستطيع الهاتف نقل ما هو أقل من 400 هرتز أو أعلى من 4000 هرتز.
وإذا علمنا أن صوت الإنسان وكذلك النظام السمعي لديه يستطيع التحدث والاستماع بترددات من 20 هرتز إلى 20000 هرتز . وكل إنسان له صفات الصوت الخاصة به وهي مجموعة الترددات التي تصدر عنه عند الحديث. يكون من الواضح أن الهاتف لن يستطيع نقل صوت الإنسان بأمانة وإنما فقط ينقل في حدود قدراته والتي تكفي لنقل ما يرغبه المتحدثون عبر الهاتف.
أما الأجهزة التي تتعامل مع صوت الإنسان بأمانة لتنقل أو تسجل كامل عرض الحزمة من 20 هرتز إلى 20 كيلو هرتز فتسمى بالأجهزة عالية الأمانة HiFi High Fidelity .
يوجد عندي في ختام المقال ملاحظة ونكتة، أما الملاحظة فهي أن نطق الحروف المفردة في الهاتف دائما ما يسبب عدم وضوح مثل حرف S , F, E, T وغيرها سواء بالإنجليزية أو العربية، يفضل في هذه الحالة نطقها في كلمات شهيرة Egypt Time Santa France .
أما النكتة:
في مؤتمر تنافس فيه علماء كل من فرنسا وإيطاليا ومصر.
قام الفرنسي وقال: بالحفر تحت برج إيفل وجدنا كوابل نحاسية وهذا يعني أن فرنسا العظمى عرفت الهواتف منذ 300 سنة .
قام الإيطالي وقال: بالحفر تحت برج بيزا المائل، وجدنا كوابل نحاسية وهذا يعني أن إيطاليا الموحدة عرفت الهواتف منذ 500 سنة .
قام المصري وقال : بالحفر تحت أبو الهول لم نجد شيء، وهذا يعني أن مصر أم الدنيا عرفت المحمول منذ 7000 سنة!!!!
والعتب على الهاتف
ملاحظات:
(1) جميع حقوق الملكية والملكية الفكرية للعلامات التجارية والمسجلة التي ذكرت في المقال ملك لأصحابها.
(2) الحقوق الفكرية للمقالة لكاتبها وتحت ترخيص GPL General Public License. يمكن استخدامها للإغراض الغير تجارية مع ذكر اسم كاتبها والموقع www.magnin.com .
واقرأ أيضاً:
شعاع أمل / الأسئلة المتكررة عندك حق يا حشيش