الحجاب بين بعديه الرمزي والدلالي
لن أتطرق إلى شرعية الحجاب، فهو أمر منوط القيام به لكل مسلمة مكلفة، والنصوص القرآنية والأحاديث النبوية ثابتة وقطعية، ولكن ما أود الحديث عنه هو كيف يمكن أن يُفرض على فتاة مسلمة، وتعيش في وطنها الإسلامي أن تُمنع من ارتداء حجابها، وهل يمكن أن يكون للعلماء قول في هذا الأمر، بسحب المقصد والظرف المكاني والزماني، وأنا في تصوري المتواضع لمعرفتي بأقوال العلماء أن هذا الأمر غير جائز شرعا في دولة مسلمة، وأنا هنا أتحدث عني رأيي الشخصي إذا ما وضعتني الظروف في هذا الموقف لا قدر الله فسأقول استشهادا بقول المصطفي صلى الله عليه وسلم، والله لو وضعوا الشمس على يميني والقمر علي يساري على أن أتنازل عن حجابي فلن أفعل ذلك حتى آخر قطرة من دمي،
فالحجاب بالنسبة لكل مسلمة تلتزم بدينها وشريعتها جزء من كينونتها الإنسانية، وعقيدتها، فهو يجمع ما بين الرمزية والدلالة لشريعتنا الإسلامية، في إطار منظومة من المفترض أن تؤمن بها كل فتاة مسلمة، فالمعني الدلالي للحجاب يجسد البعد الكينوني للفتاة بعيدة عن نظرة البضائعية والتشيوئية التي تنظر إلى الفتاة آو المرأة باعتبارها بضاعة أو سلعة تباع وتشترى فيسوء استخدامها أو التعاطي معها، وهذه النظرة للأسف الشديد تنامت مع انتشار هذا البعد البضائعي للمرأة، والذي ينظر لها كجسد، دون روح، كمادة، دون معني، وهذا يؤشر لدلالات خطيرة إذا ما أردنا التعاطي مع النماذج التي سلبت من المرأة الرؤية الحضارية الخاصة بها، فالجسد بحد ذاته لا يحمل قيمة جوهرية ثابتة،
فالتصور الفلسفي للجسد يختلف باختلاف ما يحمله الفرد من قناعات ورؤى وأيدلوجيات، فهناك من يتعاطي مع الجسد كونه قيمة جمالية، أو حتى قيمة إنسانية، ولكنه يغيب الجانب الوجداني، هذه النظرة نفعية مادية، تؤسس لنظرية البضائعية السلبية باتجاه المرأة كمخلوق حضاري ومجتمعي، ورمزية الحجاب تدلل على بعد عقدي أصيل في نفس لابسيه ومرتدياته من المكلفات من النساء، فمن خلال رمزية الحجاب تعبر المرأة عن عقيدتها، وتحدد هويتها الإسلامية والعربية، التي هي جزء من أبعادها الإنسانية والحضارية، ومن وجهة نظري واستنادا على أقوال الكثير من العلماء أنه لا يجب إكراه المرأة على ارتداء الحجاب، وإنما يأتي ارتداؤها له بناء على قناعات إيمانية تامة، تتحد مع سماتها الأخلاقية لتكتمل بذلك منظومتها الإسلامية المعبرة عن دينها وشريعتها،
وطالما أنني أملك حرية الاختيار في ارتدائي للحجاب من عدمه، فلابد أن يكون لي حرية الاختيار في تمسكي بحجابي فلا يتم إجباري على رفع حجابي، أو التنازل عنه، فحجابي هو رمز عفتي وشرعيتي، لا أعلم ما الذي يراد بهذه الأمة هذه الأيام، وهل لم يعد لدينا من قضايا إلا قضية الحجاب والمرأة، وماذا تريدون من نساء المسلمين؟!، فهل أصبحت السافرة المتبرجة تحيا كما تريد، وبمنتهى الحرية، والمحجبة المتمسكة بشريعتها ودينها تحارب في كل مكان، والله لقد صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما قال "سيأتي زمن على المسلمين القابض على دينه كالقابض على جمرة من جمر جهنم".
وهنا أود أن أذكر أن ما دفعني للكتابة في هذا الأمر معرفتي بأن النساء العاملات في القطاع العسكري في مصر، يحرمن من ارتداء الحجاب، مصر الأزهر، مصر التي كانت قلب الإسلام النابض، مصر تمنع ارتداء الحجاب لمن يعملون بهذا المكان؟ّ! لماذا؟! فقد رأيت بأم عيني فتاة مرتدية للزي العسكري تخلع حجابها عند الاقتراب من محطة كوبري القبة وهي المنطقة التي توجد بها مراقبة عسكرية عليهن في ارتداء الحجاب، وعندما سألتها أجابتني بما لم يصدقه عقلي، بأنهم يحرمن من ارتداء الحجاب، وإذا اكتشف المسئولون أن بينهن من ترتدي الحجاب فإنها تعاقب بالسجن؟؟؟؟ السجن لأني أرتدي الحجاب؟؟؟ السجن لأني مسلمة؟؟؟؟ السجن لأني أعلنت عن هويتي الإسلامية؟؟؟ السجن لأني تمسكت بشريعة ربي؟؟؟ ما هذا الذي يحدث... لم أعد أصدق عقلي... لقد نصحت هذه الفتاة أن تترك عملها... هل تعلمون يا سادة ماذا قالت لي؟!... قالت أنها إذا تركت عملها فسوف توضع تحت المراقبة وتُعامل على أنها مجرمة بنصوص القانون.... والله لا أعلم أي قانون هذا الذي يتيح لخمارات شارع الهرم الرخص القانونية والحرية الكاملة، ويمنع العفيفات الطاهرات من الحجاب؟؟؟!!!
أي قانون هذا الذي يجعل الحق باطلا والباطل حقا وحسبنا الله ونعم الوكيل.
واقرأ أيضًا:
الحجاب والهوية نص أول مثير مشاركات / استشارات عن الحجاب / مُحَجَّبَةٌ ولكنْ! / حيُّوا الفتاة المسلمة / إلي مُحَـجَّبةٍ! / إلى بثينة كامل .. من وحي سطورك / من الكناني إلى بثينة كامل / حجاب المسلمة، وجهةُ نظرٍ طبنفسية