مجانين ده ابننا مشاركة2
تغيير اسم الموقع.. غير مبرر مشاركة
يبدو أنه لا بد لي أن أكتب في موضوع اسم الموقع الذي هو سؤال الملايين حقاًً. لأني أجد نفسي مضطراً الآن للتعبير عن رأي الشخصي فيه، بعد أن فاجأني الدكتور وائل باتصال أسعدني كثيراً ولكنني شعرت أنني فاجأته برأيي في اسم الموقع كما بدا واضحا في مقالة سابقة..(تغيير اسم الموقع.. غير مبرر مشاركة).
الحقيقة في بداية دخولي للطب النفسي كان دخولي لهكذا اختصاص نوع من التحدي للتيار العام في المجتمع، ولقد وجدت من اسم الموقع حالة محاكاة Identification مع مشاعري في تلك الفترة من التمرد والغضب على هكذا مجتمع لا ينصف الطب النفسي والعلوم النفسية عموماً.
نعم.. مجانين نقطة أو دوت كوم.. لمَ لا؟!
لكن بعد أن أكرمني الله تعالى وأتاح لي أستاذنا الدكتور وائل فرصة الانضمام لفريق المستشارين في أوائل العام الحالي، بدأت أنشر اسم الموقع على أستاذتي ومرضاي، فوجدت أن ردود أفعالهم Feedback كانت سلبية تنفر من اسم الموقع، وصرت أشرح لهم المعنى الإيجابي لمجانين، وكان يقولون بلسان حالهم أو قالهم: أفي كلمة مجانين أي معنى إيجابي؟!
حقاً إن ثقافتنا والعرف وعقول الناس لا تدعم هذا المعنى الإيجابي مهما شرحناه، فالمجنون مجنون!!
وليست طريقة التغيير لمفاهيم الناس الخاطئة بالضرورة هي طريقة التحدي والمواجهة المباشرة، بل الرفق ومخاطبة الناس على قدر عقولهم. والطريقة المثلى –حسب رأيي- أن نعرض لهم الفكرة على حقيقتها وبمسماها الذي ارتضاه الله لها (طب نفسي) أو (مرضى نفسيين) أو (مبدعون) أو أي مسمى حقيقي يعبر عن الجوهر بشفافية، ثم نجلي الحقائق المتعلقة فيه ونشرح وندافع. فالمنهج القرآني في تعامله مع كلمة الجنون -على حسب علمي- كان النفي والإبعاد لهذه الصفة عن من وُصف بها لأنهم أنبياء، ولو كانوا يأتون بأفعال وأقوال غريبة عن المجتمع. لقد نهج القرآن منهج نفي الصفة وأنها سلبية، وأثبت عدم غرابة ما يقوله الأنبياء وصحة ما يدعون إليه. وسماهم بأسماء تعبر عن جوهرهم الحقيقي كالأنبياء أو النذر أو المبشرين....
ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسمي الأسماء بحقيقتها وبما يليق وينسجم مع جوهرها.
وها هو صلوات ربي وسلامه عليه يغير الأسماء القبيحة، فغير اسم برة إلى زينب وقال: "لا تزكوا أنفسكم والله أعلم بالبر منكم" وغير اسم حزن إلى سهل، وغير اسم عاصية إلى جميلة، وهذا زيد الخيل وفد إلى النبي، وأعجب به النبي صلى الله عليه واله، وغير اسمه إلى زيد الخيـــر. وسأل رجلا عن اسمه قال: اسمي غاوي بن ظالم. قال النبي: لا بل أنت راشد بن مقسط... وغيرها كثير.
حتى أنه هنالك باب في صحيح مسلم بعنوان كراهة التسمية بالأسماء القبيحة - كتاب الآداب. وأمر صلى الله عليه وسلم إذا أبردوا إليه بريدا أن يكون حسن الاسم حسن الوجه، ولقد تأول سهولة أمرهم يوم الحديبية من مجيء سهيل بن عمرو إليه، فلما كان النبي متوجها إلى مكة أرسلت له قريش سفرائها ليصالحوه على أن يرجع عنهم، وصار بينه وبين قريش اخذ ورد، إلى أن أرسلوا له سهيل بن عمرو، ولما قدم إلى النبي وأخبروه بقدومه قال صلى الله عليه وآله وسلم: سهُل الأمر إن شاء الله، اشتقها من اسم سهيل.
قال ابن قيم الجوزية في كتاب زاد المعاد: لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، دالة عليها، اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها، فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك، والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثُّر عن أسمائها في الحسن والقبح، والخفة والثقل، واللطافة والكثافة.
ولما حاصر علي بن أبي طالب حصون خيبر اطّلــع رجل من اليهود إليه من على رأس الحصن وقال له من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب. قال اليهودي: (علوتم) والذي انزل على موسى، واشتق علو المسلمين من اسم علي وهكذا كان.
وتسمية موقع متخصص بهذه الدرجة من الحرفية والجمال العلمي باسم ((مجانين)) يشكل قضية تستهلك الوقت في النقاش والحوار حول الاسم، لنعدل (أو على الأقل يشغلنا) عن حوارٍ من نوع آخر يصب في تساؤل يشغل عقلي وعقول المثقفين، ألا وهو ((كيف سنطور مجتمعاتنا ونرتقي بها نحن معاشر الأخصائيين النفسيين؟!))
وقد يكون انشغالنا باسم الموقع والنقاش حوله وما أحدثه من بلبلة في معتقدنا يشكل حدثاً إيجابياً.. لكن، هل سيفهم من كلامي أنني أطالب بتغيير الاسم؟!
بالطبع لا، فالولد قد تم تسميته، ولقد كبر وترعرع، ومن الصعب علينا أن نؤده وندسه في التراب بعد ما شفنا جماله وحلاوته!!
ومهما كان الاسم فالمهم بالنسبة لي المضمون والجوهر.. مجانين يالله معلش مجانين.
كما أنني أشعر أننا إن تحدثنا عن تغيير الاسم، كأننا نتحدث عن طفل عزيز للدكتور وائل ولنا أيضاً، قد يراه الناس غير مناسباً ولكنه ابننا الذي ربيناه. والاسم ليس من اختراع د. وائل بل هو ابن لهذا المجتمع لأن د. وائل ابن هذا المجتمع، والذي أتمنى أن يكون مجنون على طريقة الدكتور وائل لا على طريقة الطب النفسي.. أي المجتمع المبدع!!!
تحياتي الجميلة كجمال الطبيعة هنا في تركيا لحبيبنا الأستاذ وائل أبو هندي.. مع مجانين.. المشوار جميل.
ومثلما طلبت سيكون هنالك فريق مجانين سورية بمسمى آخر وهو فريق؟؟؟؟ سوريا، كيف ومتى سنسعى لذلك.. إن شاء الله
مع التحية.. لابد للحديث من بقية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابنكم المشاكس
ويتبع >>>>>>>: التعديل لا التغيير ونعم مجانين ابننا