كنت في طريق عودتي إلى المنزل في حوالي الثانية ظهراَ بالقرب من أحد النوادي الشهيرة في محافظتي على بعد كنت أجد فتاتين في الخامسة عشر على الأكثر، وقد أمسك رجل بيد أحدهما وأخذ يجذبها بكل بقوة وهو يشير إلى سيارة أجرة كي تتوقف ويحاول أن يجعلها تركب وهي ترفض وتحاول أن تتملص من يده وقد انخرطت في البكاء وهي تقول له اتركني أنا لا أعرفك.
لم يكن من عادتي التدخل في شئون الآخرين غير أن الموقف لم يكن يحتمل، فتوقفت وأنا أحملق في الفتاتين وقد انضم لي عسكري الحراسة المعين على بنك كان بالجوار وقد أخذ يسأل الفتاتين عن الرجل وهل تعرفانه.
ردت الفتاة: أنها لا تعرفه وأيدت زميلتها ذلك.
ولكن ما جعلني أتعجب هو ثبات الرجل فقد طلب من العسكري الاتصال بالشرطة وزعم أنه والد الفتاة وأنه يريد أن يأخذها وأن له سنة يحاول رؤيتها وأمها ترفض حيث أنهما منفصلان.
تجمع عدد أكبر من الرجال والنساء والشباب حول الفتاتين والكل يحاول أن يستوضح حقيقة الأمر؛ حتى انفجرت الفتاة في البكاء، وهي تقول: "نعم هو أبي ولكن هذا الرجل قد رماني منذ عشر سنوات، ولم يسأل عني أنا وأمي والآن بعد أن ورثت أمي بعض المال عن أبيها ظهر في حياتنا ليساومها على حضانتي، هذا الرجل جاء إلى مدرستي وجرني من شعري أمام زميلاتي أنا لا أريده".
تركت الفتاتان وأنا أسأل نفسي لماذا كل هذا الكره؟!
آلاف الأمهات اللاتي شاءت أقدارهن أن يكن الآباء والأمهات لأطفالهن الذين كتب عليهم اليتم رغم وجود أبائهم على قيد الحياة، وبعد محاولة بعض أعضاء مجلس الشعب تمرير القانون الجديد الخاص بحق الاستضافة للطرف غير الحاضن للأطفال؛ لست ضد الآباء مع العلم ولكننا في مصر مع الأسف الشديد ليست لدينا مثل هذه الثقافة ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال تعطي المحكمة عادة الزوجة حق الحضانة وتمنح الأب حق الاستضافة ولكن طبيعة العلاقة بين الأب والأم مختلفة فتجدها يسودها الاحترام والصداقة ولا وجود للحقد أو الغل من أحد الطرفيين فالانفصال تم برضى الطرفين وتم اقتسام الثروة بينهم؛
أما نحن في مصر فالأم عادة ما تلقى الأمرين حتى تنفصل، وربما تنازلت في سبيل ذلك عن كل حقوقها المالية، ثم هي عادة ما تلجأ إلى القضاء للحصول على نفقة للصغير، وعادة ما يقدم الأب ما يفيد أنه معسر أو أنه كان موظفا حكوميا فيتم احتساب النفقة على أساس راتبه الأساسي عادة،وعادة ما يتزوج الأب وينجب أبناء آخرين ويرفض حتى مجرد دفع النفقة الهزيلة لمطلقته ويقع عبء التربية والإنفاق على الأم التي عادة ما تضحى وترفض الزواج من أجل أبنائها.
ثم تأتى مسألة الرؤية التي تكون العذاب الأكبر للأمهات والتي يستخدمها بعض الآباء معدومي الضمير كوسيلة للضغط على الأم لتتنازل عن نفقة الصغير رغم تفاهتها فيحيلون حياة الصغير إلى جحيم فيصبح يوم الرؤية الأسبوعي عذاب بالنسبة للطفل، وقد يصاب الأطفال بحالات نفسية نتيجة لذلك فما بالكم لو طبق نظام الاستضافة الذي يسمح للطرف غير الحاضن بفرصة ذهبية يمكن من خلالها أن يقوم باختطاف الطفل كيداَ في الطرف الحاضن ليس أكثر، والعقوبة معروفة خمسين جنيها.
أما في الولايات المتحدة فتعتبر هذه جريمة اختطاف، كذلك قد يحرم الطرف الخاطف من الرؤية نهائيا، ولذلك فالقوانين هناك تحترم تماماَ وتطبق على الكبير قبل الصغير.
ويتبع >>>>: قانون ظاهره الرحمة باطنه العذاب مشاركة
واقرأ أيضًا:
شمس جديدة / كان واحد من الناس مشاركة2 / شروق وغروب