يقول كارل يونج العالم النفسي الشهير "كل شخص متحضر بداخله شخص همجي، كل امرأة بداخلها ساحرة شريرة، كل أيديولوجيا لها عكسها.. إنه مبدأ الاستمرار". المشكلة بقى لما شخصية الهمجي وشخصية الساحرة الشريرة يختلطوا في اللاوعي ولا نسمح لهم بالظهور ولا نعترف بوجودهم، في هذه الحالة تظهر بصورة عنيفة في اللحظة التي لا نتوقعها. والحل؟ تحديد المشاعر المسببة لحالة الحقد.
والطبيب النفسي قادر على تحفيز هذه الشخصية والبحث في داخلها على المشاعر الدفينة المتسببة في هذا الحقد كأن تكون مشاعر حزن أو إحراج أو إحباط... إلخ .لأن "خلف مشاعر الغضب عادة ما يكون مشاعر ألم وبالتحرر منها نجد حريتنا الداخلية". إذن علينا أن نتصالح مع أنفسنا أولا كي نتصالح مع العالم الخارجي.
الخصام يكشف طباعنا وأفكارنا كل واحد تجاه الآخر، اللي بيخرج منا لفظا وقولا وحركة أثناء الخصام هو الكامن في نفوسنا والكائن في قلوبنا غالبا، لكن السماحة والتجاوز والغفران همه أكتر حاجة بيكشفوا صلابة روحنا وقوة عواطفنا وثقتنا في نفسنا وفي أحبائنا وأصدقائنا، زمان يقولك المسامح كريم، كريم فعلا لأنه مليان بالعطاء بالحب بالسماح والمسامحة، الغريبة دلوقت هو كم العدوانية الرهيبة اللي بنبديها ضد بعض وضد نفسنا، محدش بيتعلم دلوقت السماح والغفران لنفسه أو لغيره، قسوة شديدة وكره واضح وعداء عميق وخصام فاجر وانقطاع عشرة وفلك علاقات وضرب في مناطق حرجة، فيه إيه؟ ماذا حصل لنا وماذا حدث فينا لماذا نسينا قيمة العفو والغفران والسماحة والمسامحة.
بص بصراحة الواقع صعب وضاغط وموتر ومزعج فكون إنك تغضب وتنفجر ولا تستطيع أن تسامح وتعدي وتغفر، برضه مسألة فيها نظر ولها وجاهة ومنطق، لكن بص للناحية التانية للجانب الايجابي في إنك تسامح، أولا يعطيك أحساسا بالقوة والمناعة النفسية من التوتر والاستسلام للكره وروح الانتقام وعدم المسامحة، ثم كمان يعطيك إحساسا بالعلو والارتفاع، والسمو وكونك اليد العليا، ثم تأخذ ثواب، ثم تكسب الشخص اللى أنت سامحته وممكن تركبه جميلة أو تكسر عينه، لكن بعد كل اللي بنشوفه من الناس وغدر الناس ومقالب الناس ونذالة الناس لو أصريت على إنك تفضل قاسيا عنيدا ومتقدرش تسامح يبقى ربنا يسامحك وكل عيد وأنتم طيبين.
اقرأ أيضاً:
نقص الوقت وزحمة الحياة.. كيف نعالجهما؟/ لخبطة العيد في السرير