تحدي كبير ذاك الذي دخلت إليه بعد أن سبقني أخي وزميلي الدكتور وائل بتقديم ساعة على الهواء فضائيا!
حين بدأت أنا من ثماني سنوات خدمة تقديم استشارات نفسية واجتماعية على الإنترنت، لأول مرة باللغة العربية، كان التحدي كبيرا لأن الوسيط الإعلامي كان جديدا، ولصعوبة نحت وصياغة خطاب مركب يجمع بين رصانة المحتوى العلمي وجرأة الطرح والتناول لأسئلة بلا قيود ولا حدود، مع رغبة في التأصيل والتواصل مع ينابيع ومصادر ثقافتنا ومزاجنا وتراثنا وإسلامنا بمعناه الشامل، وآفاقه في الحياة والتفكير.
ووفقني الله بما استطعت معه أن أخط مسارا غير مسبوق في أرض كانت بكرا سرت فيها أمهدها لغيري ممن لحقوا بي مبدعين بعد ذلك،ولله وحده الفضل والمنة.
ولكل مجتهد إصابته، وكل ابن آدم خطاء، وأنا منهم بداهة، أنجزت وأخطأت، والحل الوحيد كي لا يخطأ المرء أن يتوقف عن العمل والحركة والإنجاز!!
بينما استمرار العطاء ومحاولة تحري الإخلاص من شأنه أن تمحو حسناته سيئاته، وقد من الله علي بمن يشد من عضدي، وبمن يدعو لي، بل وبمن يعطيني من حسناته، ويأخذ من سيئاتي، فيفلس وأزداد، والفضل لله وحده من قبل ومن بعد، ما كان نجاحا أو إنجازا فمنه سبحانه، وما كان خطئا فمني أنا ابن آدم الخطاء، والخطاء هو كثير الخطأ، فأنا وكل ابن آدم خطاء، وليس مجرد خاطئ، يا رب غفرانك.
واليوم يتجدد التحدي ويتجدد الافتقار لعون الله، ومساهمة أصحابي من ذوي الأفكار البناءة، وهم كثيرون حولي بحمد الله، بل إن بداخل كل منا مبدع يمكن أن يتألق وينجز ويحرز وينفع، كما بداخلنا قوة هدم وتبديد،والمرء حيث يضع نفسه،ومازالت دعوتي للجميع أن ينتصروا للإبداع والتجديد والثقة بأنهم يمكن أن ينفعوا الناس بعد أنفسهم، بأكثر من مجرد دعوة صالحة، وبأكثر طبعا من القيل والقيل وتضييع الأوقات، والعمر قصير!!
البعض يستجيب لنداء العلا، وآخرون يفضلون البقاء مبددين ضائعين حتى يأتي الموت وهم كذلك!!
اللهم لا تجعلنا من هؤلاء المساكين الذين ظلموا أنفسهم، وارحمنا وإياهم فأنت أرحم الراحمين.
شاهدت حلقة الأمس من برنامج وائل، وشعرت أنني وضعت يدي على مكمن التحدي!!
لقد كنت ممن انتبهوا لخطورة ثورة الصورة، وسلطة الصورة، وغواية الصورة، وثقافة الصورة في عالم اليوم، وشاركني وائل في هذا الاهتمام منبها ومتحدثا وكتب وكتبت، واليوم نقف وجها لوجه مع تحدي الصورة!!
لا يمكن أن يستمر تقديمنا للبرامج على طريقة حكاوي القهاوي!! مجرد كلام.. كلام.. كلام!
إذا كنا في وسيط عموده وعماده الصورة، فكيف نقدم صورة تتضافر مع كلامنا وتقدمه للناس؟؟
كيف نعبر عن أفكارنا المبدعة والمركبة بصورة موحية ومتفاعلة ومؤثرة؟؟
ولا أنسى الصوت أيضا، بل بدأت أرهف سمعي وبصري، عسى أن أجد شيئا ينفع الناس أضعه لهم صوتا أو صورة!!
وربما أنصاع أخيرا وأوافق على توصيل النت إلى منزلي لأنني سأحتاج إلى سرعة أعلى في البث وأوقات أكثر لأبحث عن صورة وصوت!!
أنظر إلى قلمي الذي يبتسم ويقول: خلاص راحت عليّ؟؟
أهمس: بل أنت الأصل وستظل، لكن التحدي الجديد ليس سهلا، وليس كل من ينجح في التعبير كتابة يجد قدرة على إتقان الصورة، وبخاصة أنني لا أبحث عن صورة والسلام، إنما أبحث عن صورة تغني عن ألف كلمة، صورة لا يراها الإنسان متاحة بسهولة، صورة تنفذ إلى الوعي والضمير فتصنع فهما وتبني مفهوما.
أحلم بورشة عمل مستمرة طوال اليوم والليلة، أحلم بكل من يحبني ويعجبه كلامي أو تفكيري، تعالوا نبحث في طوفان الصورة والصوت على ما يناسبنا ونحتاجه لتوصيل ما نريد، وأمامنا طوفان أصوات وصور فمن يشمر ويسبح معي؟؟
أمس جاءني صوتها على الهاتف: هل أنت من كتب "مصر في كلمتين"؟؟ ضحكت قائلا: ذكريني!!
وقرأت علي بعض كلماتي نقلا عن تلك المدونة، وأخرى أرسلت تقول أنها اشترطت على من جاء يخطبها أن يقرأ مائتين من مدوناتي، ويعلق عليهم، وقالت له: هذا هو مهري الأساسي، وهدفها أن ينفتح بينهما حوار تراه لازما للتعارف وتقريب وجهات النظر، وأختي الأكاديمية السعودية التي مازلت ممتنا لما فعلته حتى تفهم كيف أرى العالم، وانقطع بيننا التواصل، وأرجو أن يعود، وأقول لهذه وتلك، ولأعزاء في الأردن، واليمن، والسعودية، وكل العالم العربي، وبعض أوربا وأمريكا وكندا أن التحدي صار أكبر، وأنني أحتاجكم معي مبدعين ومتواصلين، عسى الله أن ينفع بنا، وأن يأتي بالفتح بيننا وبين قومنا وغيرهم، وهو خير الفاتحين.
كل خميس وجمعة ستحصدون ما تزرعون ونزرع طوال الأسبوع، وسأنتظر لأعرف من يقرأ ويدعم، ومن يبخل ويكسل.
تعالوا نبدع ونحول أوقات وجودنا على النت أو غير ذلك من التعرض لوسائط سمعية أو بصرية إلى إنجاز وإبداع وتفكير وتدبر.
والله وحده ولي التوفيق لكل خير.
9 فبراير2008
اقرأ أيضاً:
على باب الله: من أين نبدأ؟!!/ على باب الله مصر 2010