أرسل محمد حسن (24 سنة، طالب بكلية الهندسة، مصر) يقول:
كلام في الحب
السلام عليكم ورحمة الله؛
جزاكم الله خيرا على آرائك الفذة دكتور أحمد، إنك تعرف ماذا أريد أن أقول قبل أن أكتب... ولكن سأبدأ بمقولة دائماً أقولها: إذا ملكت كل شيء ولم تملك قلباً فأنت لا تملك شيئاً.
تعرف يا دكتور مشكلة مجتمعنا فعلاً عدم وجود ثقافة معتدلة، وعدم قيام المناقشات والمناظرات على أساس استبيان الحق ولكن تقام للاستعراض أو القول في الإذاعات أنها تقدم برامج هادفة.
إن ما يثيرني حقاً هو أن الحب كلمة فقدت معناها بدءاً من حب الله إلى حب الأهل إلى حب الشاب لفتاة في الحلال ولعلي أرى بعيني ما يرتكب باسم الحب ولكن أيضاً أجد العادة التي أصبحت فطرة عندنا في المجتمع وهي تفادي المشكلة وليس حلها.
فبدلاً من أن يوجه الإعلام والأهل الحب وينمونه ويطالبون الشباب بالعمل وتخطي الظروف والتضحية والقبول باليسير, تراهم في البيت الأهل لا يريدون أن تتم العلاقة أمامهم بحب عفيف لأنه عيب وحرام؟؟؟!!!!!! لكن الانفلات خارج البيت جائز؟؟!!!
والإعلام في تيسير الزواج في المسلسلات رائع حيث يتعامل مع مستوى أسر بالملايين والمليارات وليس يتعامل مع الشاب الواقعي الذي بات محطماً وهجرته حبيبته قهراً لتتزوج غيره، وعندما تكلم أهلها يقولون لك يعني نسيبها تعنس؟؟ وبعدين لابد من التوافق وأن يستطيع الباءة, وواضح أنها في قاموسهم في حدود100000
والطريف أيضاً أنه لا يقبل أحد بفرش بسيط ولعلك تصدم عندما تقرأ عن الحب لابن القيم وعندما تجد أيضاً أحاديث تنسف كل الهوايات والعقبات في طريق الزواج.... وعلى حد فهمي البسيط أطرح الآتي:
الرسول عليه الصلاة والسلام الذي كان له خمس الغنيمة حشيت مخدة ابنته بالليف؟؟!!! وسريرها كان جلد كبش؟؟!!! ولا كان فيه موضوع بنت خالتها ولا بنت عمتها, ولازم نفس المستوى وإحنا مش أقل منهم!!!
وعندما تقرأ الحديث للرسول الحبيب عليه الصلاة والسلام لم يرى للمتحابين مثل الزواج، تتعجب جداً مما نراه اليوم......... لقد فقدنا احترام كلمة الحب وقصرنا فيها حتى مع الله.
ولعلي أخبرك أنه من تجربتي الشخصية فيكنك الشعور بالقلوب الأخرى.... بالتدريب والحمد لله نجحت في هذا مع بعض من أحبهم وأتعلق بهم لكن الآن أتساءل متى يفيق المجتمع؟؟ المجتمع يعاني من حالات زنا صريحة بسبب موضوع الحب الخاطئ، ويعاني الأمرين بسبب قصور فهم البعض للهدف من الحب..
الحل هو الآتي:
تفعيل الندوات عن الحب العفيف وكيف يحب الإنسان؟ وما معنى الحب؟؟؟؟
وتفعيل الندوات داخل النقابات والجامعات بدلاً من الندوات التي تقام ولا يرجى لها فائدة, وتتلخص هذه الندوات في كيف نحب؟ ما معنى الحب قبل الزواج وبعده؟ وما الفرق بين الناس أو ما أنماط الناس في الحب؟؟
وأخيراً تعريف الحب أنه ليس الامتلاك, ولكن حب الخير لمن نحب.
وأخيراً أحبك في الله دكتور أحمد انتظر موضوعاً قادماً على المدونة.
أرجو أن تحوز مشاركتي إعجابك إن شاء الله...
وآسف لانشغالي بالدراسة عن المدونة.
سلام
16/3/2008
* تعليق الدكتور أحمد عبد الله
أشكر لك مشاركتك يا محمد، أما آرائي التي تراها فذة فإن غيرك قد يراها ماسخة أو متناقضة أو مشوشة، وكل واحد على قدر عقله وإدراكه، والناس أذواق.
أتفق معك في كثير مما ذهبت إليه، وإن كنت أعتقد أن قدرا كبيرا من محنتنا يرجع إلى غياب أو تغييب العقل وليس القلب، إلا إذا كنت تقصد بالقلب ما تشير إليه الآية الكريمة:
"إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ"(ق :37) والقلب المقصود في الآية ليس هو محض العضو يضخ الدماء، وليس مجرد المشاعر، ولكن الوعي والضمير والإدراك والبصيرة، والقلب بهذه المعاني غائب ومغيب، خرج ولم يعد!!
لعلك قرأت مدونتي "أم المشاكل"، ولعله وصلك أن حل المشكلات يستلزم عقلا وتفكيرا وحوارا مفتوحا يلتمس الحكمة أني وجدها، فأين تجد هذا في أمتنا إعلاما أو تعليما أو غير ذلك، فيكون هناك أمل في حل؟!
حل مشكلات إيه يا راجل، هو فيه أصلا إدراك للمشكلات بشكل سليم؟! أو محض وتحليل للأسباب والسياقات؟! وغير ذلك من العمليات اللازمة كمقدمات وصول إلى حل!!!
ليس سوى العبط والاعتباطية، والغباء والاستهبال يحكمنا في الحل والترحال، والقيل والقال، وتقول لي حل مشكلات.!!
ترسانة من الأخطاء والتشوهات (تسميها إحداهن تنوع ووجهات نظر) تتخبط معها الخطوات والممارسات، والقصص تطول ولا تنتهي!!
وقد رجوتك مرارا أن تضبط لغتك وتصحح لنفسك إملائيا، ولكن يبدو أنك تحب أن أنشغل بتصحيح الإملاء وضرب الودع لأفهم مقصدك!!
فلم توضح وجه الصدمة بالنسبة لك حين تقرأ عن الحب عند ابن القيم رحمة الله!! ولم أفهم قولك عن أحاديث تنسف كل "الهوايات والعقبات.. ما معنى "الهوايات" هنا؟! وكيف يمكن أن تعترض طريق الزواج؟! وعن أي أحاديث تقول؟!
يا محمد أنت تكلم جمهورا، وشخصي الضعيف، ولست تكلم نفسك بحيث يلزم حد أدنى من التوضيح يا جميل.
توقفت أمام حكاية الخمس من الغنائم والتي هي مخصصة للرسول، وسألت نفسي أين كانت تذهب غير لأمته، ويبقى هو باختياره في زمرة المساكين، واللفظ بذاته هو الذي ذكره في دعائه بأبي هو وأمي: اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين.
ولكنني لا أدري علاقة هذا بمسلمي العصر!!
يا عم محمد هذه صارت حكايات نسمعها قبل وأثناء النوم، والأمة تغط في نوم عميق ليلها ونهارها، إلا من رحم ربك!!
أذكر في فقه الشافعية قولهم: كان رسول صلى الله عليه وسلم يجمع الصلاة في السفر والحضر بغير عذر، والعمل على غير ذلك!! ولهم منطق في تبرير العمل بغيره، أنا فقط أنقل العبارة لأنها معبرة عن حال أغلبنا، فنحن نحفظ أحاديث وقصص ووقائع وحكايات وحواديت عن رجل عظيم هو أروع بشر سار على قدمين، لكننا نحمل هذا كالحمار يحمل أسفارا، ونردد ونكرر الآية أو الحديث أو سيرة الحبيب، والعمل على غير ذلك!!
كيف عاش هذا الفذ ببساطة أتعبت من بعده! أجريت دموعي فأغرقت وجهي، وأنا أكتب وسط الناس، لله درك يا محمد، ربنا يعفو عنا وعنك!!
يا رجل خاطب ناس بتفهم، في أدمغتها عقول، وفي صدروها قلوب تتبصر، وبصائر تدرك، وتلتمس الحقيقة بجدية، أما نحن فلا فهم ولا عقول ولا قلوب ولا بصيرة ولا جدية!
على كل حال... أحبك الذي أحببتني من أجله، وأرى أن ما ينقصنا إلى جانب الندوات التي أصبحت أكثر من الهم على القلب، ينقصنا يا محمد عمق التأمل، وصدق الإتباع، وذوق نفرق به بين كلام ينفعنا، وكلام هو محض لغو، وبعضها كلمات تضل وتضر أكثر مما ينفع، وإن كانت تردد الآية والأحاديث، ونحن جاهزون بقاعدة العمل على غير ذلك!! يفيق الإنسان والمجتمع عندما يكتشف ويعترف أنه جاهل ومغيب ومخدوع ومقتصر في حق نفسه قبل دينه وربه ورسوله وأمته!
وحين يتحملون مسئولية أخطاءهم وقصورهم بدلا من تحميلها للحكومات أو للغرب أو للجن والعفاريت!
يفيق الناس عندما يتوقفون عن الهرتلة إنتاجا وتداولا فلا لغو ولا نقاش ولا حوار ولا وجهة نظر إلا بدليل ومنطق، وبعد تمحيص وقراءة وتدبر، ولن يصلح دين إلا بعقل وقلب وبصيرة أما ترديد الآيات والأحاديث فالكاسيت يحفظ المعلومات أفضل من الإنسان!!
لو انتقلنا من الترديد إلى التلاوة المتدبرة، وحين نعيش المعنى والحالة والمضمون والجوهر والقيمة، لما نشرب ونهضم الدين، مش نلبسه فقط حلية أو بدلة أو عباءة أو إسدال، عندما نستغني عن أصحاب الكروش، ونعرف أن الدين فهما ودعوة وفقها ومسيرة وتطبيقا هو دور كل مسلم ومسئولية كل مسلمة، حين نتوقف عن تدين الوجبات الجاهزة، ساعتها ممكن يبقى فيه أمل في إفاقة، وفي مستقبل مختلف، وممكن يبقى فيه أمل نحب صح، أما قبل ذلك فعلينا النكد، وليس سوى التخلف!!
واقرأ أيضاً:
على باب الله: إليسا/ على باب الله: مملكة الكذب