الإنسان السعودي بين الأمس واليوم
أرسلت الدكتورة إيمان سليمان تقول:
أستاذي الفاضل... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,
وحمدا لله على سلامتك من رحلتك المباركة, ولا يسعني إلا أن أغبطكم على هذه التجربة التي كنت أتمنى من الله أن أشارككم فيها, فإن شاء العلي يتحقق ذلك في مرات مقبلة.
أما عن ما طرحته يا أستاذي في موضوع مقالتك, فإني أشاركك الرأي, وأدعمه بما لاحظت خلال رحلتي إلى العمرة في هذا الشهر أيضا. فما لاحظته من اختلاف في واقع الطبيب النفسي السعودي قد امتد -من خلال تعاملنا أنا وزوجي- إلى الإنسان السعودي في كل مكان, وقد كان لنا في هذه الرحلة بالذات العديد من النقاشات مع كثير من الأشخاص الذين كانوا على درجة مبهرة من الوعي بواقع بلادهم, وبنظرتهم الناقدة لما يحيط بهم من تبدلات في السلوكيات الإنسانية .
وهذا ما جعلنا نقول أنا وزوجي بعد كل نقاش أن النهج الاجتماعي لم يصبح حكرا على بلد بعينه (كما أفهمونا سابقا) بل هناك دائما سباق للتميز والأبقى هو صاحب العزيمة الدائمة الذي يعيش مع متطلبات عصره وليس من يعيش في (كان أبي)... ونظل نقول أننا في احتياج شديد للم شملنا, فليس المجال لكي يسابق بعضنا بعضا ولكن نجتمع لنسابق كلنا (أمة محمد)باقي الأمم.
وشكرا أستاذي الفاضل لفتح باب النقاش في هذا الموضوع الحيوي الذي فعلا يلفت انتباه كل إنسان مسلم واع يزور هذه البلد الحبيبة إلى قلوبنا جميعا, حفظها الله, وكلل جهود أبنائها بالنجاح, وأعان المسلمين على الوحدة الواعية على كتابه وسنة رسوله.
10/7/2008
تعليق الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي:
الزميلة العزيزة د.إيمان سليمان أسعدتني مشاركتك، وأوضحت أن التغيير في الإنسان السعودي هو تغيير عام ليس يمس الخاصة فقط......... وهذا بشير خير كبير بإذن الله.
صحيح أنني رأيت غزوا مستشريا لصناعة الدعاية والتسويق وشاهدت وقرأت أكثر من منطوق إعلانٍ ذكرتني بما كان عليه الحال في مصر قبل انهيارها الاقتصادي الاجتماعي المستمر الأخير... وخفت على هؤلاء الناس الطيبين من شياطين الإعلانات وشركاته وأساطيله... خفت لكن طمأنني أن الاقتصاد هناك أقوى وأن النظام الاجتماعي أيضًا أقوى وكما تعملين فليس من ذلك شيء في بلدنا "الغلبانة" بأهلها.... شكرا يا دكتورة وربنا يوفقك ويعطيك من النشاط والبركة في الوقت ما يسد احتياج مجانين... قولي آمين.. يا رب آمين.
أرسل عبد الله الشريف (31 سنة، طالب ماجستير علم نفس، السعودية) يقول:
الدكتور العزيز وائل أبو هندي؛
أسعدني ما قرأته عن رأيك فينا كسعوديين مع أن بداية حياتك في المويه الجديد لم تكن تعطي انطباعا جيدا عنا نحن السعوديين.... وقد لمست في كتابتك الموضوعية والنظرة المتأملة لمجتمع متكامل.
أنا أوافقك الرأي فيما ذكرت من أن البدو يختلف سلوكهم تماما عن أهل المدن لأن الحياة عندهم قاسية وجافة ولم يتلقوا التربية اللازمة من أسرهم في كيفية التعامل مع الغير وإنما يحكمهم التعامل القوي والعدوانية في تعاملهم مع من ليسوا من جماعتهم بالذات.
لكن في السنوات الأخيرة لاحظنا كما لاحظت أن المجتمع صار لديه وعي أكثر من ذي قبل ولا ننسى الفضل لكم أنتم إخواننا المصريون فأنتم من علمنا الكثير من العلوم فأغلب أساتذتي من أولى ابتدائي حتى سنوات الجامعة كانوا من المصريين وهذا فضل لكم كبير علينا لا ننساه ما حيينا فإذا رأيت أننا أصبحنا مجتمعاً راقياً فأعتقد أنه بفضلكم أنتم لأنكم أنتم من نقلتمونا هذه النقلة وعلمتمونا العلم...
وفقك الله لكل خير وتقبل مودتي واحترامي
أخوك عبد الله الشريف
10/7/2008
تعليق الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي:
أهلا بك وسهلا يا عبد الله... الله هو صاحب الفضل... فإذا أردت من باب ذكر الفضائل أن تعرفَ فأنا أقول لك أن كل أو جُلَّ من علموكم علموا أبناءهم معكم في السعودية فتعلم الأولاد الدين الذي لم يكن يدرس في مكان مثلما كان يدرس في السعودية فهذه الطريقة في الدراسة أخرجت عندنا من المصريين أجيالا تحسن العربية غالبا وتحسن الوعي بالدين.... وكذلك انتبه كثيرون إلى نموذج الإسلام الخليجي فوجوده مرضيا في كثيرٍ من الأحيان... وأخيرا وبلا سلبيات ولله الحمد أصبح عندنا من أهل العلم الدنيوي أناس درسوا العلم الشرعي في السعودية ومعظم نبهاء هؤلاء قادرون على المزج بين الدين وعلومهم أو فنونهم وأحسب أن هؤلاء ثروة لولاها لضاع كثير في معظم البلدان العربية..... الله يا عبد الله صاحب الفضل كله ونحن في الفضل أخوة.. بارك الله فيك.
أرسل أ.د صالح بن إبراهيم الصنيع (49 سنة، أستاذ علم نفس، المملكة العربية السعودية) يقول:
المفاجآت في عالمنا
أخي الكريم الدكتور وائل أبو هندي حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
سعدت بالسطور التي كتبتها عنا نحن السعوديين وأشكرك عليه جزيل الشكر، ولعل ما كتبت ينصف الصورة الحقيقة لغالب السعوديين. وأود في البداية أن أكد أن ما تعرضت له في سبعينيات القرن الماضي من سوء معاملة من مجموعة من زملاء الدراسة في السعودية في قرية المويه ليست غريبة لظروف عدة لعل من أهمها عدم تعود سكان القرى في السابق على وجود غير المواطن بين ظهرانيهم وإظهار ذلك في سلوكيات رافضة له تظهر في التعامل معه ومع أولاده لكونه غريبا عنهم في اللباس والعادات والتقاليد بصورة عامة.
ولكن في الأربعين سنة الأخيرة شهدت السعودية طفرات مختلفة في مختلف النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية ظهرت آثارها على تواجد نخب من أبناء المملكة يحملون أعلى الشهادات العلمية من مختلف دول العالم وخصوصاً أمريكيا وبريطانيا، ولعل تطبيق المملكة للشريعة الإسلامية وتبنيها لها كمنهج حياة هو العامل الحاسم في التغيرات الإيجابية التي شهدتها المملكة وسكانها، فالله مع العبد متى ما التزم العبد بشرعه، وأخيراً ما يتعلق بالتأصيل الإسلامي لعلم النفس فأبشرك بوجود اهتمام بالغ به من أبناء المملكة وإخوانهم المسلمين في البلاد العربية والإسلامية بما فيها مصر التي تضم رواد للتأصيل منهم محمد عثمان نجاتي وسيد أحمد عثمان وفؤاد أبو حطب وغيرهم ممن لهم إسهامات تذكر فتشكر وعند الله لهم عظيم الأجر بعد رحيلهم من هذه الدنيا.
ولنا في قسم علم النفس بجامعة الإمام اهتمام بموضوع التأصيل ويوجد عدد من الأساتذة بالقسم لهم كتب ودراسات مطبوعة في موضوع التأصيل، وأحمد الله أنني ممن يهتم بهذا الموضوع، ختاماً أدعو جميع أساتذة علم النفس لأخذ موضوع التأصيل والمساهمة فيه كأولوية من أوليات عملهم المهني ليكتب لهم النجاح في الدنيا وعظيم الأجر والمثوبة في الآخرة، والله يحفظ الجميع ويسدد على درب الهدى خطاهم، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
أخوكم
أ.د.صالح بن إبراهيم الصنيع
أستاذ علم النفس بجامعة الإمام بالرياض
10/7/2008
تعليق الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي:
الأستاذ الفاضل أهلا وسهلا بك لا شك كما قلت في مقدمة كتابي الوسواس القهري من منظور عربي إسلامي ما نصه: (وعلمُ النفس ربما وَجَدَ جماعة من المجاهدين بفكرهم أمثال محمد عثمان نجاتي وعبد الحليم محمود السيد وقد عنيَ كل منهما بموضوع الأصول الإسلامية لعلم النفس ولكن الطب النفسيَ لم يحْظَ بعدُ بمثل ذلك الجهاد ؛ وأنا لا أدعي لنَـفْسِيَ أن أكونَ المارِدَ الذي سيفعَلُها وإنما أحلُمُ وأحاولُ أن أنال ولو حتى شرَفَ النداءِ بصوتٍ عالٍ عليه، ونحنُ في عالمنا العربي الإسلاميِّ اليومَ في أمسِّ الحاجة إلى منهجٍ بديلٍ للعلومِ الاجتماعية والطبية السائدةِ كلها وللطب النفسي السائد بوجهٍ خاص، والمنهجُ الذي أقصدهُ هو المنهجُ النابعُ من تراثنا نحنُ ومن ثقافتنا نحنُ ومن تحيزاتنا نحن، لأن المناهجَ السائدةَ اليومَ كلها إنما تعبرُ عن فكرِ الآخر وتحيزات الآخر وهذا الفكرُ هو الفكرُ الغربي وهذه التحيزاتُ هيَ تحيزاتهُ ضدنا، وكل ذلك إنما هوَ ناتجٌ عن تأخرنا من النهوضِ بعد صدمة الانبهار بالآخر التي لم تفقْ المجتمعات العربية منها بعد، فكما يرى رفيق حبيب فإنَّ مرحلةُ الانبهار بالآخرِ عندنا طالتْ أكثرَ مما ينبغي، ومازال العلم عندنا يُقاسُ بالنقل لا بالإبداع، ويقاسُ بالتقليد لا بالاختلاف، وهيَ مرحلةٌ تاريخيةٌ حتْمِيَّـةٌ تواكبُ لحظات التأخر بحيثُ ينجذبُ العقلُ لمنْ هم أكثر تقدُّمًا، ولكن الدخولَ في مرحلةٍ متقدمةٍ يتلازمُ مع تجاوزِ مرحلةِ الانبهار المراهقِ، إلى مرحلة التمرد على الحضارة السائدة ونقدها وتجاوزها بإبداعٍ جديد.).....
أتمنى أيها الزميل الفاضل أن تكون هذه بداية تعاون بين جماعة منا يستطيعون الخروج من جحر الضب كما وصفه أستاذنا الدكتور مالك البدري أنعم الله عليه بالصحة ومواصلة الجهاد.
أرسل أحمد الشريف (55 سنة، مرشد طلابي لذوي الاحتياجات الخاصة، السعودية) يقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أخي الدكتور كأنك وأنت تتكلم كانت صورة السعوديين سيئة لا أدري ما سبب تكون هذه الصورة لديك وحسب فهي فأنت عشت طفولتك في بيئة بدوية في السعودية.
أخي قد أختلف معك في كون السعودي اليوم أفضل من ما كان عليه حاله لكونك لم تتعرف على الناس الطيبين في السعودية من قبل لقد كنا أطيب من هذه الأيام بل لقد كنا في حال أفضل وكنا متماسكين لم نُصَبْ بأمراض العصر.
أما اليوم فالتعليم انتشر وكثر العلماء وأصبحت هناك بعض الحرية المفقودة من قبل وأقصد بها حرية التفكير والرأي مع بعض التحفظ.
أخي كلما تعلم الإنسان المفروض يكون زادت طيبته عن ما قبل ولكن هناك غربة لم تشعر بها لأنك كنت محفوفا من محبيك ولكن يشعر بها من يعايش الناس معايشه لصيقة بهم.... هناك مرحلة نمر بها أتمنى أن يتولانا الرحمن ونخرج منها بأفضل حال وهي مرحلة المادية فهل تعرف أننا لم نغرق في الماديات إلا هذه السنين المتأخرة وأنت أدرى منا في آثارها على الحس البشري...
صحيح هناك تدين وهو حتى الآن يعتبر الرابط لكثير من المشاكل التي لولا التدين لانفجر حالنا.
أعجبني رأيك فينا وأحسست بأن رأيي قد يفيدك في التعرف على المواطن السعودي بل المسلم المجاور لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، كم نحن في نعمة لولا العنصرية المنتشرة والتي تفرق ما بين الجار وجاره، كم نحن في رحمة لولا التعصب الأعمى المنتشر ما بين الإخوان والجيران وأبناء المناطق لهذه الفرق الدينية التي تدعي بأنها على حق.... تناسوا نبي الرحمة تناسوا دين الرحمة تناسوا أن هناك دينا واحدا وأن هناك ربا واحدا وهو الحكم بيننا لا أنسابنا ولا جنسياتنا حتى ولا ما نملكه من متاع الدنيا.
يشرفنا أن أتعرف على أمثالك من أبناء العالم العربي الطيبين فأنت أطيب منا لأنك صاحب قلم وقلب طيب
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
10/7/2008
تعليق الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي:
أنا معك فعلا يا أحمد أهلا بك على مجانين قد تكون النزعة المادية الاستهلاكية هي فعلا ما نخشى منه على السعوديين... ولكن بيني وبينك هذا البلاء عام في العالم كله... وأكثر استشراءً في منطقة الخليج.
وأما التعصب والاختلاف في الآراء الدينية، وإن كنت لم أشعر بشيء منه في السعودية –ولكن أهلها أدرى بشعابها- فهو أمر أحسب الإسلام قادرا دفع الجميع إلى توحيد الصف بإذن الله... وهو يخيفني وأطلب منك إيضاحا حوله... لا أدري تحديدا ماذا تقصد بقولك: (لولا التعصب الأعمى المنتشر ما بين الإخوان والجيران وأبناء المناطق لهذه الفرق الدينية التي تدعي بأنها على حق)... وضح وفسر والله المستعان وهو يحفظ لنا الأرض التي تجتمع عليها قلوبنا وقلوب كل المسلمين... أهلا بك يا أحمد، وفي انتظار متابعتك.
أرسل الدكتور سلطان الشهراني (35 سنة، طبيب نفسي، السعودية) يقول:
أعجبني موضوع الأستاذ الدكتور وائل الهندي عنا كسعوديين.....
إن مدحه لنا يدل على كرم الخلق وعلى تسامح عظيم وهو الذي امتاز به أستاذنا د.وائل وأكبر دليل أن من تأذى منا بالأمس في إحدى قرانا هو الذي يمدحنا اليوم وهو يعلم فعلا أن التعامل مع أي شخص لا يعني أبدا التعامل مع الآخر أو مع مجتمع كامل.
أقول أيضا أن من واجبنا التقيد بديننا الحنيف وحسن الخلق مع كل البشر مسلمين كانوا أو غيرهم فما بالك بإخواننا الأعزاء الذين نتشارك معهم في دين واحد ولغة واحدة.....
فجزاك الله خيرا يا أستاذنا العزيز وشكر لك حسن أخلاقك وزاد من أمثالك.
د. سلطان الشهراني
11/7/2008
تعليق الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي:
أهلا وسهلا بك يا زميلي الفاضل د.سلطان الشهراني.. كم يسعدني أن يتصفح الأطباء النفسانيون العرب مجانين... وأنا قصدت فقط أن أقول أنني خرجت من مصر معتل الأمل أدفع اليأس من حالها عن نفسي كما تدفع الجبال الرياح .... لكنني في السعودية أسقيت الأمل والتفاؤل والاستبشار... أسأل الله أن يعيننا على فعل الخير معا... لكن ما هي حكاية الهندي هذه (وحكاية أبو هنيدي؟؟) اسمي مختلف يا رجل! ولما كنت غير قاصد فلا يهمك.
وفعلا أنت لمست جوهرا من جواهر الإسلام وهو حسن الخلق مع الجميع... مسلمين وغير مسلمين أشكرك وأتمنى أن أزور في رحلة قادمة إلى السعودية تلك القرية إن كانت ما تزال موجودة وآخر ما سمعت أنها حدِّثت ونقلت إلى مكان آخر هو مكان المويه القديم والأفضل مناخا... وتلك قصة أخرى لا وقت لها الآن... أشكرك أيها الزميل الفاضل وأهلا وسهلا بك دائما.
ويتبع >>>>>>>: الإنسان السعودي بين الأمس واليوم مشاركة
واقرأ أيضاً:
الإلحاح في العرض أثره على الإنسان / بين الماشين والسيارات الماشية / إشراف دولي على امتحانات الثانوية العامة