مؤتمر دمشق لأطباء النفس العرب (1)
في صباح يوم الأربعاء 20.08.2008 وكنت على موعد مع الدكتور قتيبة المرعي. لزيارة المركز الذي يرأسه ويديره البروفيسور العسالي وكان عدد من الزملاء أطباء النفس في سوريا يساعد في بعض تجهيزات الضرورية للمؤتمر. وكان البروفيسور العسالي يتابع بصبر وروية كل من يراجعه في أي أمر، التقيت بعدد من الزملاء الأعزاء في مقدمتهم الأستاذ الدكتور يوسف لطيفة.
كان المركز كخلية نحل في ازدحامه ومراجعيه والعاملين فيه ودقة تنظيمه ونشاطه، وكان الجميع يتوجه إلى البروفيسور العسالي في كل أمر وكان يلبي الجميع ببشاشة وصدر رحب... توجه إلي البروفيسور العسالي قائلا الآن حان دور هدية الشباب طفليك (حمادة وحسونة) شكرته وأنا أفكر إن هذا الإنسان وسط كل هذه الأعباء والازدحام ووسط كل هذا الكم من العمل لا يفوته أدنى شيء.
ثم قال ماذا حل بموضوع كتبك هل راجعت دار النشر الأستاذ الدكتور يوسف لطيفه لتأمين مكان عرض الكتب.. فمساء أمس عندما طلب إلي البروفيسور العسالي الحديث إلى دار النشر لعرض كتبي أثناء المؤتمر، حاولت ثنيه عن الأمر والاعتذار ولكن محال قال لي أنت تعبت معنا يا عبد... وكتبك جديرة بأن تعرض أثناء المؤتمر، وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه لك.
قبيل الغروب استقبلت الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي ونجله أحمد، في فندق الشيراتون.. وكنت قد وعدت باستقباله في المطار إلا أنني أخبرته بعد لقائي بالبروفيسور العسالي الالتزام بنظام الاستقبال الرسمي الذي نظمته إدارة المؤتمر، وكان بصحبته الدكتور علاء الدين فرغلي والسيدة عقيلته والدكتورة دعاء هويدي والسيدة والدتها.
وكنت قد استقبلت بعض الزملاء من العراق والجزائر وتونس ولبنان والأردن وفلسطين والسعودية و.........، أما الدكتور خليل فاضل صاحب (وجع المصريين) (وهو الكتاب الذي أقرأه الآن كلما سنحت لي الفرصة) فله حكاية أخرى.. إذ يطيب له هواء تل منين (وهي منطقة خلابة تبعد حوالي 25 كم عن دمشق وتتربع أحضان سلسلة جبلية "جبال القلمون" في ريف دمشق) وكما قال إن له أهل وأقرباء في سوريا، قدموا إلى المطار لاستقباله واختفى معهم حتى المساء.
في بهو الفندق استفسر البروفيسور وائل أبو هندي بوجود الدكتور علاء فرغلي والسيدة عقيلته والدكتورة دعاء هويدي والسيدة والدتها عن الخلافات التي افرزها مؤتمر القاهرة وآخر المستجدات، وكان يتابع معي العديد من هذه التطورات هاتفيا والكترونيا قبيل المؤتمر على مدى الأسابيع الأخيرة، وطلب إلي إمكانية تدخله لتقديم شيئا ما في سبيل التوافق، وكنت أرجوه عدم التدخل خوفا من زيادة العرقلة ويكفي أن نساند الجهود والمحاولات التي يبذلها الصديق العزيز الدكتور جمال التركي.
فأجبته نتحدث بعد انتهاء جدول أعمال المؤتمر في كل شيء، ما مضى قد مضى، ويكفي أن أقول أن قرار البروفيسور العسالي بعدم التطرق إلى هذا الأمر، وسيكون البروفيسور العسالي أول من يدافع عن أي نقد يوجه إلى البروفيسور أحمد عكاشة إن فكر أحد بتوجيه أي نقد مهما كان.. أنت يا دكتور وائل تعلم حقيقة ما أكنه للبروفيسور أحمد عكاشة ولنجله البروفيسور طارق... ولكن همنا الآن يا صديقي وتوجهنا يصب لتحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح للمؤتمر وتقديم كل ما يلزم لحسن إقامة وراحة ضيوف سوريا... ويبقى البروفيسور عكاشة أستاذا كبيرا وعلما من أعلام الاختصاص عربيا ودوليا، وان اختلفنا معه أو اتفقنا معه حول أمر ما، هذا لا ينفي ولا يتعارض مع إمكانية التواصل والاحترام والصداقة، ويبقى في نهاية الأمر لكل رأيه.
كانت السيدة زوجة الدكتور علاء فرغلي غاضبة من طريقة تعامل أحد موظفي الاستقبال في الشركة المنظمة، وكذلك ثمة خلل من قبل الشركة في حجز البروفيسور وائل أبو هندي إذ ثُبِّتَ حجزه في فندق الكارلتون، في حين حجزه من المفترض أن يكون في فندق الشيراتون.
طلبتُ إلى البروفيسور وائل أبو هندي وإلى السيدة زوجة الدكتور علاء فرغلي الصبر قليلا إلى حين وصول البروفيسور العسالي، فالموضوع سيحل ببساطة وسرعة.. أجاب البروفيسور وائل أبو هندي.. إيه يا خويا.. هو كل حاجة عندكم البروفيسور العسالي كل صغيرة وكبيرة.. لازم من خلال العسالي.... ما شهتنا نتعرف عليه يا أخي... ما أنت خبير في المورفو بسيكولوجي وبتحليل الشخصيبات، وتحليل شخصية المحقق الدولي الألماني ديتليف ميليس الموجودة على موقعنا مجانين خير برهان،..
أجبته أخي وصديقي الفاضل البروفيسور أبو هندي... قبل كل شيء أي مركب يقوده أكثر من ربان يغرق... وحق البروفيسور العسالي علينا أن لا يتم أي شيء صغيرا كان أم كبيرا إلا بعلمه وموافقته.. هذا أولاً..
وثانياً: حقيقة يعود الفضل بمعرفتي بالبروفيسور أديب العسالي إلى أخي الصديق العزيز الدكتور جمال التركي.. وفيما يتعلق بشخص البروفيسور أديب العسالي.. سيكون لك حرية مطلقة في التعامل معه والتعرف عليه من قرب... ويكفي أن أقول أنه حامل راية تأصيل الطب النفسي في سوريا، ويلعب دورا أساسا في تطويره، وذو عقلية علمية بامتياز، ولا أبالغ وأشارك في هذا الرأي الدكتور جمال التركي أن العسالي أحد أبرز وجوه الاختصاص في عالمنا العربي.. من هنا كان حديثي عنه في أحد كتبي (ولم أكن أعرفه عن قرب آنذاك) كأحد أهم الاختصاصيين في حركة العلوم النفسية والطب النفسي في تاريخ سوريا المعاصر.
لن أتحدث أكثر عنه لأنك ستكون على تعامل مباشر معه.. وأوجز ما قاله لي الصديق العزيز الدكتور جمال التركي في وصفه للبروفيسور العسالي "إذ قال إن البروفيسور أديب العسالي يمتلك الكثير من الخصال العربية الأصيلة، مع صدق وعزة ورفعة أخلاق نادرة، ويحرج من يتعامل معه من خلال ما يكنه من مودة واحترام وتقدير، فهو من معدن نادر.. ووفاء قل نظيره... ويعرف كيف يقدر مواقف الرجال... لكنه بنفس الوقت صلب وحازم لا يهادن في الحق، رغم سماحته وترفعه عن حقه الشخصي، كما أنه يقظ وحذر وخبير بمعادن الرجال، يحرجك من نبل سماحته وفيض كرمه وسعة صدره ولطفه، ويدهشك بقدرته الهائلة على الصبر والعمل الدؤوب والمثابرة...".
حقيقة بعد أن تشرفت بمعرفة البروفيسور العسالي عن قرب، أقول ما ذكره الصديق الدكتور جمال التركي غيض من فيض مما يملك هذا الرجل.. ولا أبالغ أن قلت لولاه لما كان هذا المؤتمر الآن في دمشق.. ولا أبالغ إن قلت انه مؤسسة كاملة متكاملة في رجل.. كما أنني أشارك الدكتور جمال التركي بأن هذا المؤتمر هو مؤتمر البروفيسور أديب العسالي.
وثالثا: من خلال خبرتي في المورفو بسيكولوجي يمكنني القول ينطبق مع معطيات هذا العلم الكثير مما ذكرته وعلمته عن هذا الرجل..
ورابعاً وأخيراً: أنتم ضيوف سوريا وضيوف المؤتمر وضيوف البروفيسور أديب العسالي وضيوفي.. فأهلا وسهلا بكم.. نورتم الشام.. وصحيح إنني ابن سوريا، ولكن أيضا بحكم عملي وتواجدي خارج سوريا أُعتَبر ضيفٌ مثلكم... وحقيقة هكذا أَعتبرُ نفسي، ولكن لكوني ابن سوريا ولهذا لا اسمح لنفسي أن أتجاوز حدودي في أي أمر دون العودة إلى صاحب الأمر البروفيسور العسالي..
أجرى البروفيسور أبو هندي اتصالا هاتفيا بالبروفيسور العسالي.. وكان البروفيسور العسالي قد وصل إلى بهو الفندق.. وبأقل من دقيقتين كان موضوع إقامة البروفيسور وائل أبو هندي مع نجله أحمد قد حل، وكذلك رحل غضب زوجة الدكتور علاء فرغلي إلى غير رجعة..
صعد الجميع إلى غرفهم لوضع حقائبهم وتنظيم أمورهم، وعادوا حيث انتظرهم في بهو الفندق، في هذه الأثناء..
في بهو فندق الشيراتون طال الانتظار...... د.أبو هندي ونجله أحمد، ود.دعاء والسيدة والدتها، ود.الفرغلي والسيدة عقيلته، ود. خليل فاضل.. ثم د. منير الخاني.. ود. القبيسي و........ ساعة.. ساعتان.. ربما أكثر.. والبروفيسور أديب العسالي والبروفيسور مهدي القحطاني والبروفيسور ناصر لوزة وأعضاء المجلس في حالة اجتماع ضمن مكتب اجتماعات يطل على بهو الفندق.
قال لي الدكتور خليل فاضل: "اااااااايه يا عبد الرحمن ااااااااايه يا دكتور، انتووا مش حتوكلونا... أصل أنا جعان، ولا روح أنا لعند قريبي واكل واياهم"..
قلت له: "محدش يقدر يفكنا من الزنقة دي إلا أنت يا دكتور خليل... الدكتور العسالي.. محاصر في اجتماع.. ما تتكلم أنت واياهم.. أنا ما قدرش أكلمهم".. قال لي: هم فين.. أشرت إلى القاعة التي يجتمعون فيها.. فقال يالله على بركة الله...
وفعلا قرع الباب على المجتمعين، وفتحه بلطافته المعهودة وأطل براسة نحوهم مبتسما... وقال أي يا اخونا مش حتوكلونا أصل أنا جعت.. توكلونا ولا روح عند قرايبي أكل واياهم... وانفض الاجتماع على الفور..
ظهر البروفيسور العسالي قادما من الاجتماع وتنفس الصعداء في بهو الشيراتون، وقال فكتني يا دكتور خليل أنت فين من زمان، فأجابه الدكتور خليل فاضل.. حقيقي إحنا عاوزين ناكل، وبعدين والله هو دا (مشيرا إلي) اللي قلي روح لكم..
كان جوا مفعما بالأريحية والحب، الصدق، الشفافية، الصداقة، الزمالة، الوعي، وروح المرح والمسؤولية.
ويتبع>>>>>> : مؤتمر دمشق لأطباء النفس العرب (3)
واقرأ أيضاً:
شكرا سوريا مؤتمر مختلف4 / تكريم دكتور الرخاوي / هذا الحذاء