خواطر حاجّة1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لقد اخترنا منذ البداية أن يذهب ثلاثتنا معاً لأن أختي تصغرني وبالتالي تحتاج لمحرم، وغنيُّ عن التعريف أننا قد نعجز عن دفع مصاريف المحرم مرتين وذلك غير القانون المطالب أن يمر خمس سنوات قبل أن يحج ذلك المحرم مرة أخرى.
بدأت المناوشات بعد أن قدّمت بالفعل للقرعة، فقد سافر أخي للعمل بالخارج مع المئات بل الآلاف من شبابنا الهارب إلى الخارج، وعلمت أن من الصعوبة أن يحظى أخي بإجازة بعد ثلاثة أشهر فقط من العمل، ولكني لم أعبأ كثيراً وقلت لنفسي أنه من العسير أن أفوز بمكان وسط هذا الجمع الغفير وإن حدثت المعجزة فلأفكر في الحلول والبدائل في حينه.
وبالفعل حدثت المعجزة فلم يكن أمامنا حل سوى إبدال أبي بأخي، ولكن كان أمامنا عقبة أخرى وهي عدم مرور خمس سنوات على حجة أبي! فأخبرونا ولله الحمد أنه يمكننا التوجه بطلب لذلك وانتظار الموافقة أو الرفض، وانتظرنا الرد بترقب شديد وجاء الرد بالموافقة والحمد لله. بدأنا إعداد الأوراق المطلوبة وأحد هذه الأوراق موافقة جهة العمل، فاضطررت لإخبار المسؤولين في جهة العمل رغم علمي بالحديث القائل "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان"، فما كان من أحد يعلم بسفرنا نحن الثلاثة إلا وقال "أنتم الثلاثة مرة واحدة! كيف هذا؟"
المهم أنني حصلت على الأوراق المطلوبة. وكان يوم تقديم الأوراق والمصاريف المطلوبة، وحينئذ فوجئت بمكالمة من والدي يخبرني فيها أنهم رفضو طلبه ولم أفهم كيف يوافقون أولاً ثم يرفضون بعد ذلك رغم إخبار أبي لهم من أول مرة بسفره من قبل، هل تظنون لذلك علاقة باستغراب زملاء العمل أن نسافر نحن الثلاثة معاً! وهل لي عذر إن فكرت في هذا حالي حال كل المصريين!.
هنا أسقط في يدي، ماذا أفعل؟ هل ستضيع مني هذه الفرصة؟ ولن أخفي عليكم أنني أحسست بهمّ شديد، وعبثاً حاولت تهدئة نفسي بأن من اختار هو الرّحمن عز وجل، وإذا كان لي نصيب بالفعل فلن يستطيع رجال الداخلية أو غيرها أن يغيّر قدر الله، والأغرب أنني لم أفكر أبدا في إمكانية ذهاب أخي معنا حتى علمت إحدى زميلاتي بالخبر فأوحت لي بإمكانية ذهاب أخي فرحلة الحج رحلة خاصة لا تستطيع أي جهة عمل رفضها، خاصة وأن أخي يعمل في بلد عربي. وهكذا من حل القضية أيضاً هم الزملاء، فكما أن هناك أناس يستغربون وقد يحسدون، فهناك من يساعد فالخير في أمته صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين كما قال عليه الصلاة والسلام.
وأخيراً بعد مداولات وصولات وجولات علمت أنه في استطاعة أخي الذهاب معنا لرحلة العمر، ويعلم الله عز وجل أنه لم يكن في رحلة القرعة والموافقات لتلك الرحلة أي وساطة سوى وساطته عز وجل، وذلك كان وما يزال موضع فخر لي ومازلت أتيه بذلك، فقد اختارني عز وجل من بين هؤلاء الألوف.
وبدأت رحلتنا بطائرة تغادر أراضي وطننا الحبيب الساعة الخامسة إلا خمسة دقائق فجراً "فنحن جميعاً نعلم مدى دقة المواعيد وأهمية الوقت في بلادنا الحبيبة!"
أما المفاجأة التي انتظرتنا بعد ركوبنا الطائرة فأحدّثكم بها حديثي القادم فإلى لقاء قريب.
ويتبع >>>>>>>: خواطر حاجة3
اقرأ أيضاً:
يوميات مجنون: في الحج 2040 / يوميات سحابة: أطرف المواقف في رحلة الحج / حكايات صفية: نسيم أهل الحجاز / الحج موسم عالمي / المسلمون الروس والحج في نهاية القرن الـ19