على طريقة اعترافات ليلية سأعترف لكم اليوم بسر خطير لا يعرفه بشر على وجه الكوكب ولا المجرات المحيطة!
يوم أن "انحرفت" وشربت في حياتي أول سيجارة!
وقد يبدو الأمر عادياً (ولا فيه ريحة الانحراف)، إلا أن كوني فتاة وصغيرة في السن (هافضل طول عمري صغيرة مش هاكبر أبداً)، ولأني أعيش في مجتمع شرقي يضع قيوداً كثيرة على البنات مع أنهم ألطف الكائنات يجعل تدخين فتاة بريئة مثلي لسيجارة أمراً فادحاً يشيب لهوله الولدان، ولا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى تراق على جوانبه الدم على رأي عبد الفتاح القصري الله يرحمه. لهذا قررت أن أحكي لكم عن حكايتي مع أول سيجارة!
كانت رغبة محمومة أن أمسك سيجارة بين سبابتي ووسطاي اليمني وألوح بهما في الهواء كشاعرة تفكر في بيت شعري جديد سيقلب موازين الأدب العربي ويصل بي إلى جائزة نوبل للأدب (هي يعني نجيب محفوظ أحسن مني في إيه؟).
كنت أحلم طويلاً بالسيجارة الأولى وأن أنفث الدخان من فمي في عمق مثل تنين ينفث لهباً رهيباً من فمه (تقولش المرأة الحديدية مثلا).
وظلت الرغبة تراودني على مدار سنوات حتى حانت اللحظة، وحانت الأقدار، والفرصة ما بتجيش مرتين، والشاطر اللي يغتنمها، وأنا شاطرة.
كان أحد العمال لدينا في المنزل يصلح أحد الأعطال وترك علبة سجائره على منضدة السفرة ونزل لقضاء مشوار سريع، وأبي في الحمام، وأمي في المطبخ، وأخواتي كلهم برة
قشطة
قشطة بالهبل
أنا والسجاير لوحدنا، والشيطان زمانه جاي
ولما جه فعلاً
بأصابع مرتجفة أسرعت لعلبة السجائر وخطفت منها واحدة ومعها الكبريت
وأخفيتهما بمهارة في يدي وأسرعت إلى حجرتي وأغلقت الباب في إحكام
وأنا لا أصدق نفسي
لقد فزت أخيراً بالغنيمة
يا للهول
يا للسماء
سيتحقق حلمي أخيراً
وأمام المرأة الكبيرة في حجرتي أشعلت السيجارة في تلذذ وعدم تصديق
افرح يا قلبي لك نصيب
والليلة دي عيد
الليلة دي عيد
ووضعت السيجارة في فمي مبتسمة ابتسامة عريضة وأنا أرقب الدخان الخفيف المنبعث منها في البداية بعد إشعالها
يا عيني عليه وهو طالع بيدلع بالراحة وانسيابية جذابة
يا سيدي يا سيدي
يا جماله
وبدأت المغامرة
أول نفس
وللدهشة والازبهلال
لم أكح كما توقعت ولا كحة
ما شاء الله
إيه الصحة دي يا بت؟
اهو كده ولا فشر المعلم "ننوس فسواني" بيشرب سجاير في غرزته بأمان واستمتاع
الصدر مفرود والدخان طالع من الأنف بسهولة
الله أكبر
إيه الحلاوة دي؟
ثم شديت النفس التاني
ثم.......
ما هذا القرف؟
ما هذه الزبالة؟
إيه الطعم المهبب دا؟
مجانين دول اللي بيشربوا سجاير؟
بيشربوا القرف دا؟
بيحطوا الزبالة دي في بقهم بإرداتهم؟
أطفأت السيجارة على عجل وألقيتها من الشباك وتركته مفتوحا كي يذهب الرائحة الكريهة
وبعدها مباشرة نظرت لنفسي في المرأة وحادثتها وأنا مبرقة عيني وكأنني فتاة أخرى:
إيه اللي انتى عملتيه دا؟
انتى مش عارفة إن التدخين مضر وحرام؟
وكمان بتسرقي السجاير عشان تطفحيها يا مجرمة؟
الله يخرب بيتك
وديتني في داهية
كل دا عشان نفسين وطلعوا مقرفين ويجيبوا الأمراض؟
من يومها
حرمت أشرب سجاير تاني
حرمت أحبك أحبك
ما تحبينيش
وأبعدني عنك عنك
وسيبني أعيش
(أنا اللي بقول مش وردة الجزائرية)
ولا تقتربي مني ثانية أيتها السجائر البغيضة
عليك اللعنة
ثكلتك أمك
واقرأ أيضًا:
يوميات ولاء: ليلة لا تنسى / يوميات ولاء: أنا والضابط والمرأة العجوز! / للرفيق الإلكتروني وجوه كثيرة