تحركت الجيوش وتم استدعاء جنود الاحتياط ورمت الطائرات المقاتلة آلاف القذائف إنها لا تهاجم جيشا جرارا أو تتريا وحشيا يبيد الأخضر واليابس, إنها تواجه وجوها بريئة وعيونا تبتسم في سلام, ونساء ضارعات لله يطلبن فك حصار ظالم طال مداه, ورجال وقفوا في همة لحماية أمن وطن تكالب عليه الجميع..... بيت صغير بجوار مسجد يحوي زهرات جميلات بكين من شدة الجوع, والأم لا تستطيع الخروج لجلب الطعام ولا تعرف كيف تسكت صراخ الصغيرة التي احتضنت زجاجتها الفارغة تمصها بشغف لعلها تحن عليها ببعض قطرات اللبن.... لا سبيل لقتل الجوع سوى النوم.. نعم قد يغلب النوم أعينهن الصغيرة وينسيهن ألم الجوع. ولكن كيف يأتي النوم وأصوات الطائرات تحوم فوق رؤوسهن وتفزع حلمهن بالنوم... لا طريقة للنوم سوى بقص الحكايات حتى يأتي ويحن على أعينهن البريئة ليمنحها قسطا من الراحة من ألم الجوع ومن صوت أزيز الطائرات المزعجة .وبدأت الأم تحكى والصغيرات تنصت لصوت الأم الحنون الدافئ في تلك الليلة الباردة وقد التصقت كل منهما بالأخرى في محاولة لجلب المزيد من الدفء.
كان يا ما كان..... بنات حلوين.. زى القمر منورين..
فرحة.... وأمل.. وبسمة... تمسح هم كل حزين..
قالت الابنة الكبرى: وين يايوما كانوا عايشين؟
ردت الأم: كانوا عايشين في بلاد حلوة كلها حب وصدق ودين
الابنة الوسطى: وايش كانت أكلتهم؟
الأم: لقمة خبز وثمرة تين
بنت أخرى: ووين كانوا يتعلموا؟
الأم: جوه الجامع في حضن أمين
ابنة أخرى: وايش كانوا يتعلموا
الأم: كيف يساندوا هذا الدين؟
الرضيعة: وايش كانت ألعابهم؟
الأم: الحجارة والسكين
يرموا بها الجيش الظالم.. يجرى جنوده مرعوبين
الابنة الكبرى: وايش يايوما كانوا بيغنوا؟
الأم: نموت وتحيا فلسطين
الابنة الوسطى: وكيف يايوما صاروا في بكرة؟
الأم: صاروا في عيشة جميلة وزين
فيها أغاني وحاجات حلوة فيها ملائكة مرفرفين
الرضيعة: شبعوا يايوما ولا لسه كانوا جعانين
الأم: شبعوا وشربوا وضحكوا ولعبوا وساروا بالفرحة منورين
يالاناموا علشان تصحوا تكونوا معاهم فرحانين
ناموا بناتها فى سرير واحد كانوا من البرد مرصرصين
قفلت بابهم وراحت تدعى على الصهاينة الملاعين
وفجأة صاروخهم حصد أرواحهم هم الخمسة في غمضة عين
آه يايوما الجنة دي حلوة إحنا فيها فرحانين
مثل ما قلت وكمان أحلى صرنا يايوما شبعانين
وكمان صارت أغنيتنا نموت وتحيا فلسطين
احكى ياوما لكل الأمة كيف خذلونا المسلمين
احكى عن اللي اتخلوا عنا واللي وقفوا شمتانين
واللي قالوا جهادكم لعبة وراح زمن المجاهدين
والله يايوما جهادنا ده نعمة ورحمة رب العالمين
وباستشهادنا يايوما هيدخل من أحبابنا يجى سبعين
جنة ربي ما أحلى جمالها واحنا هنشفع يوم الدين
للي نصفنا واللي ساعدنا وحيا جهادنا ووفى الدين
أوعي يايوما علينا تبكى خلى عيونك مبتسمين
وفوق أطلالنا حطي علمنا يشوفوا كل الحاقدين
واحنا هتفضل اغنيتنا نموت وتحيا فلسطين
""""""""""""""""""""""""""""""""""""""""
تبكى العيون لفراق الأحبة ولكنها سرعان ما تبتسم عندما ترى ذلك الصمود والتحدي في عيون الجميع غزة كما أرتنا الألم أحييت فينا الأمل.. أمل في اجتماع الأمة وتوحدها ألا ترون تلك الجموع في شتى بلاد العرب وقد توحدت هتافاتها واتحدت أهدافها؟؟؟ من يصدق أن تخرج تلك الجموع من كل بلد تعلن الله غايتنا ومحمد قائدنا والجهاد سبيلنا والقرآن دستورنا؟
أخيرا يا عرب جاءت كلمتكم موحدة... هنيئا لكم أهل غزة بما صنعتم وبما أحييتموه فينا... جنودكم بتلثيماتهم المبهجة أصبحوا مقصد عيوننا, أخبار صواريخهم باتت ألحان آذاننا.. وصوت زمجرتهم صار أجراسا توقظ هممنا.. أيقظتم أمة.. أيقظتم أمة....
أرقام الشهداء تزيد، لا تحزنوا ففي نفس الشريط الإخباري الذي يعلن عن شهدائكم خبر من منظمة الصحة العالمية بموت 1500 بمرض الكوليرا... الموت واحد ولكن هيهات هيهات,,, أليس كان من الممكن أن تكون موتتكم كهذه؟ ولكن يريد الله لكم خير ميتة.. ميتة الشرفاء هنيئا لكم بها ولا تهنوا ولا تحزنوا.
بيوتكم هدمت انظروا إلى تلك المباني التي تلتهمها الزلازل أو تسقط عليها الصخور هنا وهناك ولكن بيوتكم شامخة برغم انهيارها تعلن كرامتكم وعزتكم.....
نحن على يقين بنصركم وكيف لا وأنتم الصابرون المصلون الصائمون المجاهدون الحافظون لكتاب الله... عدتكم قليله ولكنكم أعددتم لم تركنوا ولم تتهاونوا ولكن تلك إمكانياتكم والله يشهد ونحن نشهد لكم أنكم أعددتم ما استطعتم وحدكم بجهدكم وصبركم... سدد الله رميكم وجعل النصر على أيديكم وأحيا بكم ما تبقى في جسد تلك الأمة من شرف وكرامة.....
اقرأ أيضاً:
مجزرة في غزة و العرب بلا عزة؟؟ / هاجر (أم الخير) المصرية / قصه حمار / أمة الوسط لا تعرف الوسط