هاني.. علاء.. زينة.... إياد... يوسف.. دول أبطال كنت أتمنى عيني تقع عليهم في يوم من الأيام، طول عمري حاطة فلسطين في مكان خاص جوايا يمكن عشان كان ليا أصحاب فلسطينيين من صغري، يمكن عشان مربوطة بالدين وبالوجود يمكن عشان بتمثلي الحلم اللي بتمناه وما بيحصلش وهو إني أقول لاء للظلم وللحكم ويحصل اللي يحصل! طول الطريق وأنا رايحة مستشفى ناصر عمالة أكلم نفسي وأقول يا ترى هستحمل شكل إصاباتهم؟ يا ترى ممكن أختار جمل مؤثرة ازاي؟ يا ترى هدعمهم نفسيا ازاي؟ وعمالة أحط سيناريوهات كنيرة في دماغي مامعملتش منهم ولا واحدة!
زي ما بهروني بثباتهم على شاشة التليفزيون بهروني بشكل مضاعف لما رحت وقعدت معاهم كنت أنا اللي محتاجة الدعم النفسي والله العظيم أنا مالقتهمومش مرضى مقهورين محبطين أو حتى تعبانين جسمانيا زي ما المفروض يكون، لقيتهم بيضحكوا وفايقين ورجالة، نموذج بقينا ندور عليه زي الابرة في كوم القش عندنا هنا، إياد دة ظابط، قلتله انا مش حاسة انك ظابط خالص أصلك بتقول العزة والكرامة وبتديني درس في الدين والصمود مش بكلامك بس لا برجليك اللي أتقطعت وضهرك إلي متركب فيه عشرين شريحة عارف ظابط عندنا يعني أيه؟ يعنى خوف يعني تمام يافندم وكل حاجة بايظة يعني افترا يعني ألف حساب يعني ميكروباص فيه عشرين راكب يقف ويوصله مخصوص حتى لو مكانه عكس اتجاه كل الركاب يعني رشاوي ومحسوبية وقهر وضرب وشتيمة في القسم يعني فساد، أنت أكيد مش ظابط أنت أكيد راجل شهم عرفت أمه تربيه أو أنت مصلح اجتماعي أو ممكن تكون أخصائي نفسي وبتضحك عليّ، بقى مش مصدق كلامي وأنا مش مصدقة انو ظابط! لكن الحقيقة هو ظابط كان بيقوم بمهمته والغدر كان أسرع منه.
يوسف شاب عنده 22 سنة طالب هندسة قسم ميكانيكا أول ما دخلت قلت له أنا جعانة يا يوسف قالي أنتي تعرفيني؟ قلت له ايوة أنت بطل أنت راجل قالي أبدا الرجالة هما اللي هناك في ساحة المعركة وأنا هنا عاجز!!! يااه عاجز اومال لو قلتلك عن العجز بجد تقول أيه سكتنا إحنا الاتنين وكل واحد فينا بيقول كلام من جوا من كتر ما هو تقيل ومحرج وصعب مفيش كلام ممكن يعبر عنه.
اضطريت اكسر حاجز الصمت وقلت له حكايتك أيه قال لي ماليش حكاية كنت أسير بالشارع اسمعت طيارة بنظر وينها لقيت شيء سخن كتير بظهري ومادريت إلا وأنا هون كل ما اذكره أني كنت انظر واشوف والآن لا أرى شيء!! يوسف بقى أعمى وهو في ال22 سنة غير كسر رجله ووشه اللي كله جراح وأنا قعدت كتير أتفاوض مع نفسي علشان أقدر ابص له مانكرش أني كنت مش قادرة وخايفة لحسن معرفش أكلمه وأنا جسمي كله حاسة انو تعبان من منظرة لكن لما قربت واتكلمت معاه راح الحاجز ده وكان اكتر واحد قعدت معاه هو وابوه وقرايبه، مش مقهور على نظره قد ما هو مهتم بالأخبار والدنيا ماشية ازاي عاوز مشترك كهربا علشان يشغل الراديو ويعرف أيه إلي حصل لسه محافظ على صلاته في معادها وبيقعد على الأرض علشان ياكل مع ابوه! وعلمني مثل عندهم لما قلت له أكلك قليل قوي يا يوسف قالي لا أنا من اللي بيصير علي مثل "يأكل أكل الجمال ويقوم قبل الرجال"!
مهما حاولت أوصف إحساسي مش هقدلر ألاقي كلام يعبر عنه ولأول مرة أكون عاوزة اهرب من كوني انتمي للمجال النفسي لأنهم لما سألوني كنت عاوزة أقولهم أنا إنسان عاوز اقرب منكم كإنسان مش واخداكم بحث حالة ولا تدريب فيكم عاوزة أنسى نفسي وشغلي ومافتكرش غير أنا اللي محتاجة يكون في حياتي قدوة ومعاني حقيقية، ومن الاكتشافات المذهلة واللي طبعا سببت لي فرسة محترمة جدا هو أنهم بيتعالجوا على حساب السلطة الفلسطينية أو التبرعات واحنا كل ما نطلع في التليفزيون نقول ضيوفنا!!
ضيوفنا أيه يا بو ضيوفنا أنت الناس دي قاعدة بفلوسهم فاهمين يعني أيه بفلوسهم يا جدعااااان يعني أحنا بنتنطط علشان خلينهاهم يحطوا رأسهم على سرير في مستشفى!! والحاجة إلي تفرس كمان الناس إلي بيجوا علشان يشوفوهم ويسلموا عليهم ناس بتيجي معاها هدايا ثمينة تدخل تبص تحط الهدية أو الفلوس جنبهم من غير ولا كلمة!! أطفال يدخلوا يتفرجوا ومعاهم ظرف يحطوه جنب عموا اللي متعور وبردو ولا كلمة! أو ناس تيجي تقول سلامتكم الف سلامة معلش بكرة تبقوا كويسين!
أنا طبعا فاهمة أن كل واحد بيعمل إلي بيقدر عليه بس إحنا محتاجين نفهم حاجة مهمة جدا وهي اللي خلتني أنجح في التعامل معاهم وارتباطي بهم وارتباطهم بيّ وخلت يبقى فيه علاقة إنسانية بيني وبينهم هو أنهم مش مرضى محتاجين مننا شفقة ما المرضى اللي ماليين المستشفيات بالكوم ومن أهلنا ما نروح لهم لو الموضوع كده، لكن دول مش مرضى إحنا رايحين نقولهم إحنا بنقدركو وبنحترمكو ولو نزلت دموع منا فهي دموع إجلال واحترام ودموع خبيتنا وخزلانا ليكوا وعجزنا الغير مبرر ولما عملت ده كان فارق كتير جدا معاهم وخلاهم يتكلموا معايا من جوا مش من بره بكلام شكرا وبارك الله فيكم ودمتم، والي فرسني اكتر رذالة ورخامة التليفزيون والصحافة وكل اللي عاوز يعمل شوية "شو" ناسين أنهم تعبانين ومرهقين وعاملين عمليات مؤلمة وجراحات خطيرة ومطلوب منهم يكرروا مأساتهم كل شوية ويحكوا اللي حصل مليون مرة وفي الآخر يشكر مصر واللي خلفوا مصر حكومة وشعب!!
عاوزين نكون بني آدميين بجد، نحس بجد، نفهم بجد بدل ما نفضل أشباه بني آدميين فاكرين أننا كنا بنحس في يوم من الأيام أو بنقدر نعمل حاجة
هروح لهم بكرة وبعده وبعده لأني لازم أكون إنسانة بجد وأكون موجودة لما المولد ينفض والأكل يقل واللبس يقل والاهتمام يقل والحقيقة الحقيقة أنا بروح علشاني مش علشانهم
اقرأ أيضاً:
كل سنة وأنت طيب!! / يوميات مفرووسة الإمارات العربية المتحدة