قصاقيص مجانين20
* أرسلت أم عبد الرحمن (كاتبة وصحفية ومعدة برامج، 35 سنة، سوريا) تقول:
كي لا تكونوا سبباً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
دكتور وائل المحترم:
دخلت موقعكم بطلب من صديقتي التي تتصفحه باستمرار وقد أخبرتني أن فيه من الفائدة الشيء الكثير.... وبالفعل فقد دخلت أو بالأحرى غصت في بحره وإنني لا أنكر مدى اتساعه وغزارة معلوماته ومدى فائدتها وأهميتها ويتضح تماماً الجهود المبذولة فيه... ولكن توقفت مع أمر خطير فعندما تتم طرح المشكلة كثيراً ما تطلبون توضيحاً وتفصيلاً لبعض جزئياتها لتتمكنوا معالجتها ولكن هذه الجزئيات وهذه التفصيلات تكون خاصة جداً جداً تتعلق بالسائل أو السائلة وصدقني يا دكتور بما أن الأمور التي تسألون عنها نفسية وسلوكية وبما أن الذين يعانون منها غالباً ما تكون أوضاعهم سيئة للغاية فإشاعة هذه التفصيلات لتكون مقروءة للجميع تجعل قابلية انتقالها والعدوى بها من قبل عدد كبير من القارئين أو المتصفحين تجعله أمراً واسع الانتشار...
فكما قلتم مرة لإحدى السائلات وهي التي تسأل عن ادعاء ولدها بارتكاب الفاحشة معها قلتم لها إن أساليب التواصل عن طريق الإنترنت تجعل أمر الإباحة عن المشاعر المكبوتة والشاذة أحياناً أمر سهلاً ويكسر حاجز البوح بها ثم استساغتها ثم تطبيقها... وكذلك أخي الكريم فإن شرح المعاناة النفسية والمشاعر والسلوكيات الشاذة تجعل القارئ يفكر فيها وربما كانت من قبل لا تخطر على باله أصلاً أو حتى تكسر عنده حاجزاً فيستسيغها لأن في الدنيا من هو مثله أو ممكن جداً أن تصيبه العدوى بصراحة أخي أعرف واحدة أصيبت بداء الوسواس عدوى من أختها بعد أن كلمتها ماذا تشعر وكيف تفكر ولم تكن قبل ذلك يخطر على بالها شيء مما قالته لها أختها...
أرجوكم يا سيدي كي لا تسيئوا من حيث أردتم النفع وليكون موقعكم باباً مفتوحاً للأجر والثواب عند بارئكم اجعلوا أسئلتكم عن تفصيلات المشاكل وجزئياتها غير مقروءة ولتكون معالجاتكم لقضايا عامة أو مشاكل عامة بعيداً عن المشاعر والجزئيات وأحاديث النفس المرضية التي تنتشر في النفوس انتشار النار في الهشيم...
أرجو أن يلقى اقتراحي لديكم أذناً صاغية وصدراً رحباً والله من وراء القصد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
24/12/2008
الأخت العزيزة أم عبد الرحمن أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا جزيلا على ثقتك، ليس صحيحا على الإطلاق أن القراءة عن حالة نفسية معينة مهما كانت مفصلة يمكن أن يتسبب في انتقال العدوى إلى القارئ! ببساطة لأن الاضطرابات النفسية ليست من الأمراض الانتقالية أو المعدية Infective Diseases ....
يبقى بعد ذلك نزع الحجاب عن بعض الأعراض السلوكية (سيما الجنسية) منها وعرضها على الجمهور من خلال وصف الناس لأعراضهم المرضية المنحرفة أو الشاذة جنسيا بشكل أو بآخر.... وتقليديا بما أننا ثقافة تقوم أصلا على الستر فقد يرى كثيرون نفس رؤيتك وهي أن علينا حجب التفاصيل المزعجة والتوجهات والسلوكيات الشاذة من نصوص المشكلات باعتبار ذلك شكلا من أشكال الستر... وهذا بصراحة شديدة يستدعي كثيرا من التفكير والتأمل استجابة لوضع الإعلام الحالي والفضائيات والإنترنت بوجه عام هل يمكن أن ننجح في الستر؟ هل منع المعرفة إلا عن الخاصة ما يزال توجها اجتماعيا صحيحا؟ أرجو أن تفكري في الأمر... يعني بتعبير آخر لا فائدة سنجنيها كأمة من استمرارنا في حجب المعلومات عن الناس لأن المعلومات ستصلهم وهذه قضية تبدو محسومة يا أستاذة.
نقطة أخرى تهمنا على الصعيد المهني فنحن لا نريد أن نبقى نقرأ الأعراض النفسية التي يصفها الكتاب الغرب للأمراض والاضطرابات النفسية والسلوكية بما في ذلك الانحرافات الجنسية بناء على شكاوى مرضاهم هم بينما مرضانا إما لا يعرفون أن ما لديهم أعراض مرضية تعالج لدى الطبيب النفساني أو هم في منتهى الخجل من طلب العلاج... نحن مقتنعون أن لنا كمجتمعات عربية خصوصيات ثقافية نخاف أن تضيع فضلا عن ضياع فرص العلاج عند كثيرين.... نحتاج أن نفهم الأمراض التي لدى الناس في مجتمعاتنا حقيقة وليس فقط ما رآه الغرب عندهم... بذمتك أليس هذا مطلبا ضروريا؟... هذا يتاح من خلال ما يعرض من تفاصيل الحالات على الإنترنت ومما كثيرا ما لا يتاح للطبيب النفسي أحيانا لأنه لا يسأل عنه!
إذن فنزع الحجاب عن الممارسات الشاذة والانحرافات المرضية بتفاصيلها الصادمة للناس في مجتمعاتنا أصبح واقعا فرض بالفعل على الأمة.... ولا يمكننا الرضا بوضع الرأس في الرمل على طريقة النعامة... وكذلك لا يمكننا الاستغناء عن فرصة مواكبة التغير الذي طرأ على نظرية المعرفة وأشرنا إليه من قبل في أكثر من مكان على مجانين.... وهو باختصار تغير من نظرية هرمية في المعرفة ترى أن المعرفة تكون لكل بقدر فهناك العامة والخاصة والمتخصصون وهؤلاء في قمة الهرم المعرفي ينقطون على الآخرين... الآن تغير هذا إلى حالة المعرفة المنبسطة للجميع كل بقدر ما يستطيع أن يحصل وهي أي المعرفة المنبسطة متاحة من خلال الإنترنت ووسائل الاتصال والتسجيل الصوتي والمرئي وما أصبحت المعلومات معه سائلة سيولة منقطعة النظير.... من حق الجميع أن يعرف ما يريد معرفته والتخصص فيه ولا يصح ألا نتيح كل مفيد باللغة العربية من كل أنواع العلوم...
وأخيرا أكرر أن المعرفة بأعراض اضطراب نفسي بتفاصيلها أو غير تفاصيلها مهمة ومطلوبة من كل شخص بما في ذلك المرضى... لأن هذا يفيدهم على المدى الطويل بشرط ألا يتحاشوا ويتجنبوا لمجرد الصدمة من معلومة قرأها أو لمجرد الخوف من العدوى.. وأكرر ليست الأمراض النفسية في ما نعلم حتى الآن معدية.
أشكرك يا أم عبد الرحمن على مشاركتك وأعتذر لتأخري في الرد فقد فجعنا الحاصل في غزة ..... ونسأل الله أن يبقى الصمود وأن يزول الاحتلال ومداهنوه.
أ.د. وائل أبو هندي
* أرسل د. جمال الفقي (طبيب أمراض نفسية، 48 سنة، سلطنة عمان) يقول:
تعليق على مقدمة الموقع
أسجل احترامي الشديد وتقديري بل وإعجابي بهذا الموقف المخلص منكم تجاه المرضي النفسانيين والمرض العقلي ولكنني أرجو مراجعة ما جاء في الفقرة التالية وتأصيله لكونه ارتبط بالقرآن الكريم...(واخترت هذا الاسم لكي أذكِّرَ الناس بالمعنى العربي الأصيل الموجود في القرآن الكريم وهو: أن المجنون هو الذي يجدد ويبدع ويقول كلامًا يراه الناس غريبًا ويكون في النهاية هو الحقيقة الخالصة!!. وهو أحد المعاني العربية للكلمة) حيث أنني لم أقرا فيما قرأت من التفاسير المجمع عليها (المشهورة) ما يؤدي بي إلى هذا المعنى فقد كان هذا الوصف (الجنون) بمثابة التقليل من شأن الوحي والرسول الكريم وليس اعترافا من الكفار (أصل اللغة العربية) بأنه الإبداع أو الحقيقة الخالصة؟؟؟
كما أنني كطبيب نفسي منذ أكثر من عشرين سنة -بصفة شخصية- لا أرى أن المرض هو مصدر للإبداع ولكنني لا أنفي أن المريض العقلي قد يكون مبدعا ومن أدراني ما مدي إبداعه لو لم يكن مريضا؟؟ كما أن الكثيرين من المرضي العقليين ليسو مبدعين بل هم فقدوا قدراتهم على الإبداع بسبب المرض كما أنه جاء في الحديث القدسي أن القلم قد رفع عن ثلاث أحدهم "المجنون حتى يفيق"................انتهى
وكل عام وأنتم بخير
13/12/2008
وأنت بكل خير وسلامة يا زميلنا الفاضل...... بالطبع لم يكن وصف الكفار للأنبياء والرسل بالجنون اعترافا بأنه الإبداع أو الحقيقة الخالصة وإنما كان ذلك كما ذكرت أنت تقليلا من شأن الوحي على ألسنة الكفار... ولكن ماذا كانت النتيجة النهائية؟ ألم يتضح بعد حين أنه الحقيقة الخالصة سواء اعترفوا أو لم يعترفوا؟؟ المقصود هو أن وصف الناس لأحدهم بأنه مجنون لا يعني بالضرورة أنه مريض نفسي وحين اخترنا هذا الاسم قصدنا الإشارة إلى هذا المعنى يا دكتور.... الذي أخشى أن تقول لي أنك ما زلت تراه بعيدا!
ليس كل المرضى النفسيين مبدعون لكن نسبة كبيرة منهم كذلك ومن الدراسات ما يشير إلى نوع من الارتباط الوراثي بين بعض الأمراض النفسية والإبداع... ولكن أحد معاني الجنون أو العبقرية في العربية هي النسبة إلى وادي عبقر (الذي كان يسكنه الجان كما في الأساطير العربية القديمة) حيث لاحظ العرب القدامى ربما علاقة ما بين الجنون والإبداع.... هذه المعاني هي التي نود إحياءها وإن شاء الله ننجح في ذلك.
أحسب أن الاقتراب من المرضى وقضاء وقت طويل معهم مهم جدا ليتمكن الطبيب النفساني من التعرف على إبداعاتهم.... وتستطيع أيها الزميل الفاضل أن تطلع على إبداعات مجانين الأدبية وكذلك إبداعات مجانين الفنية وهؤلاء وحدهم يظهرون العلاقة بين الجنون والإبداع.... وكل أصحابها مجانين.... والعاقل منهم يقول لنا أنا عاقل!
أشكرك أيها الزميل على مشاركتك الطيبة وأهلا بك دائما على مجانين.
واقرأ أيضًا:
قصاقيص مجانين