تاراباتاتووه ومدخلتش غزة(7)
عدت أنا وانطونيوس اليوم الرابع على المعبر وإذا به مملوء على آخره!! ما هذا أين الفراغ وأين الملل وأين الشمس الحارقة والهواء الساخن؟!! كل هؤلاء البشر... وفود من كوريا الجنوبية وإندونيسيا والمغرب وأصدقائنا الفرنسيين يحاولون من جديد وأسر فلسطينية عالقة!! كل هذا الزخم؟ إذن يبدو أننا سنعبر، الحمد لله الذي جعلني أتخذ القرار الصائب ولم أعد ولكن الساعة قاربت على الخامسة والنصف ولم يحدث أي تغيير فالعالقون عالقون والفرنسيين يحدثون سفارتهم ككل مرة والإندونيسيين قسموا أنفسهم ثلاثة فرق بالتناوب للوقوف المرير على المعبر والمغاربة يقفون في كامل استعدادهم والأسر تبكي والأطفال يصرخون وأنا أشاهد وأنطونيوس يغني! وبدأت أفكر بطريقة سوداوية وأن المعبر كأنه عمرة فيناديني الله لها أو يؤجلني حتى أتطهر وأستحق العبور وظللت أراجع نيتي ونسيت تماما أن الله يثيب على النية ونسيت تماما أن كثيرا ممن عبروا لم يفعلوا شيئا حقيقيا وبدأت أفكر بشكل مختلف تماما...
يفصل بيني وبين فلسطين أقل من الربع ساعة والعبور صار مستحيلا ومراد لا يتغير والبوابة لا تفتح والبشر مازالوا كلهم عالقون حتى أنا صرت عالقة، فسألت نفسي لماذا أريد العبور؟ فأنا أريده لأنه حلم لي شخصيا بأن أطأ أرض الفرقان وكذلك لأقدم المساعدة النفسية للفلسطينيين وأطفال فلسطين الصامدة ولأزيد خبرتي البشرية في الحياة والعالم ونفسي ووجدت كل ذلك متوفر تماما دون عبور! فالأسر موجودة والأطفال المذعورين يبكون من حولي والعالم كله أتى بجانبي من كل بقاع الدنيا وأدواتي وحقيبتي الثقيلة مملوءة بالأدوات المطلوبة إذن أنا في غزة!
نعم أنا في غزة فغزة معنى وليس مكان، أما حلمي الشخصي فهو فقط مساحة الاختبار من الله عز وجل وبما أنني شخصية يقول الناس عنها أنني لا أعرف المستحيل ولا شيء يقف أمامي ولا أخفيك سرا عزيزي القارئ أني تقريبا هذه الشخصية فوجدتني أحتاج فعلا لهذا الاختبار وألا يتحقق حلمي الشخصي نوع من التربية لي، وبدأت عملي في هدوء وتعرفت على كل من على المعبر وعرفت حكاية كل أسرة، ولعبت مع الأطفال "ماتش كورة" وأخرجت الأوراق والألوان وتوطدت علاقتي بفرق الدعم النفسي من كل الجنسيات الموجودة على المعبر وتبادلنا الحديث والايميلات والوعد بالصمود حتى نهاية الأسبوع، وعرفت عبير أم روان وفاطمة أم عمر صيام وأسامة وجوني واغوهاس ومصطفى وأنا كذلك...
ويتبع >>>>: تاراباتاتوووه ومدخلتش غزة (9)
واقرأ أيضًا:
تاراباتاتوووو / يوميات مجنونة صايمة / من أنت؟