مقالة كُتِبَتْ قبل انتخابات عام 2005
في بلد الأرز، حيث زرع الله بعض أشجار الصنوبر والأرز والسنديان، وأرسل بعض الماعز لتعشعش في هذه الربوع الفسيحة، كانت الجنة على الأرض.
ودليل الماعز أنها عندها كرّاز أمام كل قطيع. (نستدل هنا على اسم الكائن بالوصف، فلربما اختلف شكل الماعز من بلد إلى بلد). والدليل الآخر، أن من يسكن هذه الربوع ماعز، هو أنهم يمشون وراء كرازهم كيفما يريد، ولا يناقشونه في ما يشاء، وهم دائماً ينتخبونه لأنه الأقوى وحجته هي المثلى، ويترجمون إرادته ولو كانت خاطئة: بالمصلحة، والمرحلة الصعبة، والضغوط وخاصة الخارجية منها، والخطر المحدق، وكل ذلك ترجمة وتفسير للتقصير، وسبب التقصير،وعدم اختيار الأنسب والأفضل، فلكلٍ سبب، ونحن دائماً أمام اختيار "أهون الشرور". فيا سبحان الله! كيف يكون للشيطان كل هذا الدهاء والذكاء!
المهم: أنه في هونولولو وفي الصومال وبنغلادش وزمبابواي وأرتيريا وأثيوبيا ومجاهل أفريقيا؛ وصلت الكهرباء في عصرنا الحاضر، إلا في لبنان. حيث أن الأرز وماعزه ليسوا بحاجة لهذا الاختراع الزائف والكلام الفارغ. فهناك أمور مصيرية أهم بكثير: منها هجوم الإمبريالية على البروليتاريا، وخطر غارات آكلات لحوم البشر على بوارنا وديارنا، وخطر أكل بعضنا لبعض، وخطر، وخطر... وآخر همنا اختراع قديم بالٍ مثل الكهرباء.
لم يكن في برنامج أي نائب من نواب البرلمان كلمة "الكهرباء". لأن الأمر الواقع، والأخطار المحدقة، تفرض، لا بل تحتم علينا عدم وجود الكهرباء.
كما وأتوقع أن لا يكون في البيان الوزاري لوزارة المائة وست وعشرون مؤيداً كلمة كهرباء لأنها خطر دولي، وقفزة إلى المجهول، وغيبية الماورائيات، ولعنة الفراعنة والأبالسة والفينيقيين...
يا عالم! يا هوه! يا مسؤولين! يا زعماء!... بدنا كهرباء!
والغريب أنه حتى الإعلام بات ساكتاً عن هذا الموضوع، ولا ينشر في الصفحة الأولى من الجرائد اليومية، ولا في أول نشرات الأخبار، أي جملة عن الكهرباء! هذا الداء الدفين، وكأن الموضوع بغاية من السخافة ولا يهم أحداً، فالأخطار المحدقة التي يعيّشنا فيها المسؤولون أهم بكثير من هذا الشيء السخيف.
معقول يا ناس!؟ ما يكون في كهرباء في بلد الماء والنور والحرية والديمقراطية!؟؟؟
معقول يا عرب؟
معقول يا أجانب؟
هل هذا معقول يا أيتها الأمم المتحدة؟
ويا جمعيات حقوق الإنسان؟
والحيوان؟
أن يكون هناك في غابة ما في هذه الأرض الفسيحة؛ قطيع ماعز واحد يعيش من دون كهرباء؟ ماء! مّـــاء! مّـــــاء! كهربــــــــاء!...
المؤلف
واحد من القطيع، ومتيّس يبقى بهـ البلد
أخيراً: هل ممكن أن نعمل خطة خمسية، عشرية، ألفية... المهم أن نعلم أنه سيصير عندنا كهرباء في يومٍ من الأيام؟؟
واقرأ أيضاً:
لقد أكل الحملان الذئب!!! / ذباب.. ذباب.. ذباب…