سريع الغضب.. سريع النسيان.. سريع النوم.. لا يحب العمل تحت الظروف الطبيعية ولكنه يفضل عمل المعجزات تحت الظروف الشاذة وفي اللحظة الأخيرة من الوقت الضائع.. لماذا أقول ذلك؟
أقوله لأني قابلت صديقي القديم الذي أخبرني يوما أنه يفضل صينية البطاطس باللحمة على أية وقفة احتجاجية وأن الوطنيين ما هم إلا غلابة فضلوا نكد الشارع وقهر عساكر الأمن المركزي على النكد المنزلي.
قال لي إن هزيمة 67 قد حدثت فقط لأن الإخوة اليهود استيقظوا مبكرا لضرب سيناء فيما كان الإخوة المصريون قد راحت عليهم نومة بمن فيهم عامل اللاسلكي الذي لم يستقبل الإشارة التحذيرية وأنه قبل الحرب بليلة أو ليلتين كانوا يسهرون كثيرا للاحتفال بالانتصار الذي سيتحقق وساعة الحرب راحت عليهم نومة، قال لي إنه يتخيل لسان حالهم والقنابل تنزل على رؤوسهم وهم يقولون "هي الناس دي متعفرتة كده ليه ده النهار لسه في أوله وإحنا مالحقناش نفطر.. حد يضرب بدري كده؟!"
ويدلل على صحة نظريته بأن الجيش المصري عندما قرر أن يحارب ويقتحم قناة السويس بدأ الحرب في الساعة الثانية بعد الظهر. وأصل الحكاية أن المصريين لما اتضربو ضربة جامدة أزعجتهم وأيقظتهم اتنرفزوا واتجننوا وحلفوا ما يسيبوا الإخوة اليهود اللي أزعجوهم كل هذا الإزعاج فقاموا وصاحوا الله أكبر وفشوا غلهم في ست ساعات وضربوهم شلوت كويس وعملوا معجزة عسكرية عظيمة وبعدين قالك كفاية كده ويالله نكمل نوم تاني.
وحاول صديقي أن يقنعني أنه في الوقت الذي كانت فيه الأخت جولدا مائير تولول "أنقذوا إسرائيل" وكان الجيش الإسرائيلي يستعد للفرار حتى المضايق إلا أن الإسرائيليين فوجئوا بأن المصريين لا يطاردونهم وقد اكتفوا باحتلال شريط صغير عملا بمقولة "كده رضا" المنتشرة على سيارات الميكروباس. فقام الإخوة اليهود لفوا ورجعوا تاني. وغرق القادة المصريون في الخلافات واللت والعجن إلى أن استيقظوا في الصباح التالي وهم يقولون "إلحق يا بني.. ثغرة!!"
وصمم صديقي على أن معجزة حرب الست ساعات في أكتوبر جوهرها أن المصريين نفسهم قصير ويستطيعون بذل جهد فائق لفترة قصيرة ولا يستطيعون بذل جهد منتظم متوسط لفترة طويلة ويتساءل صديقي هل هذه مواصفات تؤدي للتقدم؟
توقفت أمام كلماته وتذكرت وصف المصريين لثورة عرابي بهوجة عرابي. يعني هوجة وراحت وتذكرت حرب 48، ثورة 19، إضراب 6 إبريل، انتفاضة القضاة.. الرجوع من منتصف الطريق. وتساءلت هل هذه طبيعة أصيلة في شعبنا أم أنها ثمار ما زرعه الحكام في هذا الشعب على مر تاريخه وأجبت "كل ده على بعضه"..
اقرأ أيضاً:
زمن اللاخنازير/ الحكم الناجح