أسأل نفسي في أحيان كثيرة ما هي مواصفات الحكم الناجح؟ وأجد نفسي ما بين وجهتي نظر للحكم الناجح.
الأول هو وجهة نظر المواطن، وباعتباري واحدة من أفراد الشعب فأرى الحكم الناجح ببساطة هو الحكم الديمقراطي القائم على تداول السلطة والذي يضمن للناس ويصون لهم حرياتهم وحقوقهم وأمنهم. ولكن الحكم الناجح من وجهة نظر الحاكم والحكومة له مواصفات أخرى وهي الثبات والاستقرار والاستمرار حتى آخر نبض وضمان حقهم الأصيل في الاستمرار في الحكم ابن عن أب مع ضمان أمنهم الكامل أثناء الحكم مهما طال. وأعود وأتساءل، إذا كان الأمر فعلا فلا شك أن العقيد معمر القذافي هو أنجح الحكام على الإطلاق حتى الآن ويستحق عن جدارة اللقب الذي أطلقه على نفسه وهو عميد الحكام العرب ولنقل الأفارقة أيضا. وبالمقياس ذاته فإن جمال عبد الناصر يعتبر رئيسا فاشلا أما الرئيس السادات بطل الحرب والسلام فهو أفشل الحكام على الإطلاق لأنه يا ولداه مالحقش..
احضروني.. عبد الناصر حارب الاستعمار وأمم قناة السويس وبنى السد العالي وكان يتكلم عن الكفاية والعدل ودخل في حروب ومصادمات إلى أن انهدم كل شيء على رأسه في سنة 67. وهكذا قتلته الحرب بعد اثني عشر عاما من الحكم. أما السادات فقد رفع الحراسات وطبق النظام الرأسمالي الذي أسماه بالانفتاح الاقتصادي وسمح بالتعددية الحزبية، حارب ودخل في مفاوضات سلام إلى أن اغتيل في سنة 81 بعد حوالي عشر سنوات من الحكم وهكذا قتلت الحرب عبد الناصر وقتل السلام السادات ولا زلت أذكر في بواكير حكم الرئيس مبارك عندما سأله أحد الصحفيين عن معالم المرحلة القادمة وكان رده في ذلك الزمان البعيد من ثمانينيات القرن الماضي كلمتين لا ثالث لهما "فلننتظر ونرى!!".
والحقيقة أن هذه التجربة العملية هي سياسة عبقرية أثبتت نجاحا منقطع النظير، على الأقل من وجهة النظر الثانية.. وها نحن منذ ربع قرن وأكثر ننتظر ما لا يأتي أبدا ولا نرى إلا النجوم في عز الظهر وهكذا فنحن فعلا ننتظر.. ونرى ويا ما لسه حننتظر ويا ما لسه حنرى!!! وصباح الفل يا شعب مصر.
اقرأ أيضاً:
الشخص المصري/ الأزمة المالية والحرب بين الجنسين