أيام قلائل وينقضي الشهر الكريم ولا نعلم مقدار الدعم الحكومي للمسلسلات ونصيب الفرد منها وهل يدرج على بطاقة التموين بعض المسلسلات نظرا لزيادة فواتــيــر الكهرباء؟ لا نعلم ولكن بعض الفضوليين علموا من مصادر غير موثوق فيها اعتزام وزارة الإعلام فتح فرع لها بوزارة الضمان الاجتماعي لضمان وصول الدعم لمستحقيه والتأكد من أن رمضان تفلت تفلتا تاما بنسبة 100% من أيدي الناس والوعود بفصل الإنتاج عن الخوازيق أقصد الفواتير حيث سنجد في نهاية الشهر الفضيل فواتير كهرباء خيالية نتيجة تشغيل التلفاز بجوار أجهزة التكييف والمراوح لمدة 72 ساعة في ال24 ساعة في اليوم.
1- قصص استهلاكية وتنشر المرض ولا تعالجه:
طالعتنا صحفنا الموقرة المهتمة بالفن الحكومية وغير الحكومية بوابل من التصريحات والمقابلات حول مسلسلات الشهر الفضيل (كان على حد علمي نزل فيه القرآن 60 حزب وليس 60 مسلسلا مصريا بخلاف العربي والتركي والشامي) والمستفز هذا العام فعلا هو وجود أزمات اقتصادية ومشاكل طاحنة تحتاج إلى الجنيه جنب الآخر فنجد في أحد التصريحات أنه صرف على إنتاج مسلسلات الشهر الفضيل فقط حوالي مليار جنية مصري (الحمد لله أنه ليس إسترليني) وقد كان النتاج في العام قبل الماضي 49 مسلسل والماضي 45؟؟؟!!!
طالعت بعض العناوين والقصص فوجدتها خاوية على عروشها لا تقدم للمجتمع إلا الإفساد وإن ادعت أنها تعالج قضايا، الطريف أن عمدة الدراما المصرية (كما يزعمون) عقب على أحد مسلسلاته أنه يحمل اسم فيلم قديم ولكنه يبدأ الفترة الزمنية التي تليه ويتحدث عن تجارة المخدرات ويطالب هو بتشديد العقوبات على الحشاشين ومروجي المخدرات وتجاره وعندما طالعت أسماء الممثلات وقصة المسلسل فهو عبارة عن تقديم المرض على طبق من فضة لا لتعليم المشاهد يعني إيه حشيش ويعني إيه تاجر يتستر عن أعين الحكومة وإعطاء السكين للمشاهدين بدلا من الدواء.
الأطرف من ذلك تقديم أجساد النساء هدية للمشاهد فالممثلة فلانة عايزة تعمل فيها هند رستم أو نادية الجندي وتحارب من خلال مسلسلها المخدرات وهي تقوم بدور معلمة صنف فيه على حد زعمها وده طبعا علشان نترك مكان للعري ودعمه وسفالة الملبس ولأن المسلسل هادف جدا بس النوايا غير التي يدعيها فدمج في المسلسل الراقصة فلانة المعروفة بخفة دمها على حد زعمهم (وملابسها أيضا على حد علمي فهي في حوار على إحدى الفضائيات قيل عنها أنها من الكباريه للبيت التزام ما شاء الله عليه) ولم أكمل بعد بقية التعقيبات على القصص الهايفة والتي مل منها المواطن المصري مثل هيمنة أولاد الأكابر أو الغني الذي يخونه أقرب الناس له (وربنا يبعدكم عن الرحايا) المأسور في أرض العدو فبدلا من إنفاق النقود في توفير الكساء والطعام لأهله سواء في غزة أو مصر, أنفقت في مسلسل وتركنا عملية الكساء والغذاء لأهل الخير! وبدلا من إنشاء المصانع بالمليار جنية وعمل توعية فكرية ونشاط فكري رائع للشباب والشابات نريهم كيف أن التستر سهل من خلال المسلسل (وبعدين غالبا التاجر هيتوب في الآخر ومش هيتقبض عليه وإن قبض علية فهو اللي غبي كان يعمل القرشين ويسافر ده التفكير البسيط لأي شاب لم يتربى في مجتمع سوي ويعيش الفقر والذل والقهر بكافة أنواعه – علشان محدش يقول حارمينه من حاجة – وبذلك تنتشر وتتسع دائرة الاتجار بالمخدرات).
2- ألم وحسرة:
يفاجأ المجتمع بانتشار المخدرات والاتجار فيها ويتحسر على أبنائه مع أنه كل الجهود مكثفة للقضاء على المخدرات من خلال الإعلام (طبعا هو العكس تماما حيث عمد الإعلام لنشره وخاصة أن تاجر المخدرات معه شوية حريم سيبك أنت غير سيارته الفخمة) وبمثل ما قدمه المسلسل إلى تكييف الجمهور بالرقاصات والعري يتم معالجة العمل ودعوة الشباب للقضاء على البطالة حيث يظل يتابع طوال يوم مسلسلات ويتحسر على حال أصحابها مثل أبو دياب يا حبة عيني اللي خانه اقرب الناس له فيشيل المشاهد الغم والنكد ويتحسر المشاهد على هذا الرجل الذين يملك ملايين وهو جيبه بالضبط يحتوي على أقل من جنيهين فضيين يا ليتهم ورق!
المهم لم يستفد شيئا غير أنه لما يتخانق مع أحد يستشهد بأن مصارين البطن بتتعارك وشفت الرحايا بتفرمنا ازاي طبعا طالع المشاهد بعد المسلسل وهو حاسس الدنيا سواد وده بياثر علية سلبا وبيضيف له هموم (ولا تستغرب عندما تنظر إلى وجوة الناس في المواصلات العامة تشعر بأنك داخل قبر وليس وسيلة مواصلات من الكآبة) والحقيقة أن أسماء المسلسلات تميل إلى العامية والانحدار اللغوي الشائع هذه الأيام وطبعا أهم حاجة هو ملء القنوات ولو بأي أسماء وخلاص والرقابة العسل التي تعترض على اسم مسلسل كلام نسوان ومضمونه فارغ أيضا وتشارك فيه احد أهرامات مصر الثلاثة في هز الوسط (على حد زعمها وبالمناسبة هي نفسها المشاركة في المسلسل السابق) ويتغير اسمه لطعم البيوت؟! ولا أجد مغزى من الاسمين صراحة ولا المسلسل نفسه!
3- التربح للبعض على حساب هدم ثقافة الآخر:
يقول لي صديقي خريج كلية إعلام ليس الشرط من العمل الفني وجود هدف أحيانا يكون للترفيه فقط وانظر لبعض أفلام الأبيض وأسود فقلت له هناك فرق بين الترفيه والسفه والتبذير في الإنفاق وهدف التربح استغرب وقال ازاي فقلت له ببساطة لما أسمع أن تكلفة إنتاج ستين مسلسل مصري تكلفت مليار جنية ألم يكن من الأولى الاستفادة بنصف أو ربع المبلغ في إعانة المحتاجين والمستشفيات مثل مستشفي السرطان؟ ودعمها الأنشطة الاجتماعية أولى من المسلسلات المفرغة وخاصة أن غالبية البرامج المعروضة على التلفزيون المصري مأخوذة من أفكار غربية أصلا فاشلة في مجتمعاتها منها مثلا مسلسلات السبت كوم والتي لا أجد غير أنه ناقص أن يمد الممثل يده من التلفاز ليدغدغ المشاهدين بدلا من الضحكات السخيفة المنطلقة أثناء المشاهدة لإجبار المشاهد على أن يضحك أو يقولون له من فضلك هنا ضحكة وكذلك برامج الكاميرا الخفية التي باتت سخيفة للغاية هي وكل من شابهها ألا تتفق معي على أنه المستفيد من هذه المسلسلات هي فئات القنوات والممثلين ولا يقدموا ما ينفع المجتمع فعلا حتى في الإعلانات الخيرية نجد الشيوخ أو ممثل جار عليه الزمن هوا لذي يخرج لينادي بالتبرعات للأيتام ومستشفى السرطان وهذا جهد محمود أين بقية الممثلين المنشغلين في أعمال المسلسلات في رمضان لماذا لا نراهم إلا في خيم رمضان؟ لماذا لا نرى جهودهم المحمودة في جهد يفيد المجتمع فعلا كما يزعمون؟ لماذا يأخذون مبالغ ضخمة في التمثيل علما بأن الذي يقوم بأعمال أهم وأكثر نفعا قد لا يجد قوت يومه ويجد مصاعب كثيرة مثل الفلاحين مثلا؟
ويعقب صديقي أنه يستعجب حقا من وجود مئات المسلسلات في رمضان وغيره من الشهور لا يوجد فيه مسلسل واحد قيم إلا فيما ندر إضافة إلى الخواء الثقافي فالقصص كما يقول تعاد وتزاد كل فترة باختلاف الشخصيات وتجد عروض المسرحيات للمسرحية الواحدة تمتد بالسنين ألم يطرأ ما يغير وجهة نظر المجتمع في 8 سنين مثلا أم أنه محلك سر؟
الخلاصة التي وصلت إليها أن التربح من المسلسلات وإثراء البعض على حساب العامة هو المقصد من كثرة المسلسلات وتربح القنوات من الإعلانات وكثرة المشاهدين هو المهم للفئة المنتجة فيأخذ الجنيه الذي دفعة اثنين ولا يهمه رفع ثقافة المشاهد أم غالبية الممثلين الذين خوي فكرهم من أن يقدموا شيئا ملموسا حقا يفيد المجتمع فدائما تجدهم يتعللون بأن مسلسلهم رائع ويعالج قضية كذا مع أنك تقرا قبل رمضان في الصحف عن خلافات مع شركات الإنتاج على المسلسلات كثيرة جدا بسبب أن الغلة مش تمام وأن الشركة الفلانية عرضت أكثر أو إن الممثل شايف نفسه فلتة وكذلك يحدث في أفلام الصيف ويا ليتها أرقام صغيرة فنقول لم يأخذ الممثل حقه؟ ولكنها أرقام تتعدي الآلاف من الجنيهات في شهر وأحيانا في يوم؟!
أنا لا أحقد أو أحسد على البرامج التافهة أو الممثلين المفرغين من واجباتهم تجاه المجتمع ولكن أقول ما دمتم تأخذون ما تريدون فأعطونا ما نريد تجولوا في المجتمع وانظروا آفاته وحاولوا معالجتها بأسلوب صحيح يعتمد على قراءة واعية ومستفيضة وكما يستعان باستشاريين قانونيين لتسيير إجراء قانوني أو قضائي في مسلسل ما فما المانع من الاستعانة بمختصين في علم النفس وعلم الاجتماع لمحاولة غرس جدية وتأثير في العمل الفني حتى لو اقتضي تغيير بعض أجزاء القصة قدموا شيئا يفيد المجتمع حقا لأنكم تأخذون ما تريدون فلا تعتمدوا على التربح الفردي في مقابل نشر الأمراض بدلا من علاجها وإثارة الشباب وشهواتهم وتوجيهم إلى ما لا يرضي من الأفعال من خلال المسلسل بحجة معالجة الواقع إن مسلسلاتكم تتحدث بلغة هذا يحدث ولكن لماذا يحدث؟ وكيف يحدث وكيف نعالج؟ فلا تمت المسلسلات لها بصلة ناهيك عن القصص المستهلكة مع تغير الأسماء.
افترض جدلا أننا خططنا لإنشاء مصانع صناعات خشبية وزجاجية مما تزخر به مصر في أرضها كم مصنع وورشة تنشئها بنصف مليار؟ فما بالك بالمليار نفسه ولو أن الشعب منشغل بالإنتاج وحل مشكلة البطالة والزواج تعتقد هل تجد المجتمعات وقت لمشاهدة هذا الكم الغث من البرامج والمسلسلات التافهة؟ ولو قمنا بعمل خطة لذلك سنويا فبعد خمس سنوات كم مصنع سيكون عندنا وكم نسبة البطالة وكم عدد الحالات المتأزمة في الزواج والمتعسرة يجلب لهم احتياجاتهم وكذلك بعد خمس سنوات وذلك قياسا على الدول التي تنفق مبالغ هائلة على هذه المعاول الهادمة تحت شعار الإعلام والترفيه.
الإيجاز أن ننبه الناس بدون عري وسفالة ملبس وبأسلوب فعال من خلال العمل وشغلهم بالعمل والتقدم فلا نجد دولة محترمة مثل ماليزيا فيها هذا الكم من المسلسلات أو حتى اليابان أو ألمانيا والمجتمعات هناك منضبطة تحت قانون يحاسب الكل سواسية سواء أكان تشريعا سماويا أو وضعيا.
4- ختاما:
لا ننسى ما نشاهده حاليا من انتشار برامج الغباء أقصد الغناء والرقص والتمثيل فتشعر أن الوطن العربي كله مغنيين وراقصين ولا أعلم هل هذا بسبب الأجور المرتفعة التي يحصلون عليها من شركات الإنتاج أم أنه من الخواء الفكري الذي يقدمه غيرهم (طبعا لا ننسى دور اليهود الإعلامي في تفريغ الشباب الغربي نفسه من دينه تحت شعار العلمانية ولكن تنفث اليهودية سمومها بطريقة دس السم في العسل ولا عجب أن نعرف أن دارون وفرويد وديكارت يهود؟! وماركس أيضا!) ويتخذونه هم مثلا أعلى.
أترك لكم التعقيب وأرجو أن لا يغضب كلامي أحدا فأنا أعرض وجهة نظري وأنتظر مشاركتكم بفارغ الصبر حفظكم الله أصدقاءنا الأعزاء.
اقرأ أيضاً:
السم والعسل في مسلسلات رمضان / هدف: واحد/ صفر